أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، مقتل زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، بعد استهدافه بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية كابول مطلع هذا الأسبوع. وبهذا، ينضم الظواهري الذي يتربع على قائمة أبرز المطلوبين في العالم، إلى سلسلة من قياديي تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الذين استهدفتهم الولايات المتحدة.
يحظى استهداف الظواهري بأهمية كبيرة، فبحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، فإنه أشرف جنباً إلى جنب مع أسامة بن لادن على هجمات 11 سبتمبر/أيلول، كما أنه كان رائداً في تنظيم العديد من الهجمات المروعة، وأعمال قتل المدنيين العشوائي. إضافة إلى ذلك، فإن العملية جاءت بعد أن كان مكان وجوده مجهولاً لفترة طويلة، حتى بعد اغتيال بن لادن في باكستان في عام 2011. وحسب الرئيس بايدن، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية حددت موقع الظواهري في وقت سابق من هذا العام، عندما انتقل إلى وسط مدينة كابول للاجتماع مع أفراد عائلته. وقد تم اتخاذ القرار باستهدافه قبل أسبوع، بعد توصية من مسؤولي الاستخبارات بأن الظروف "مثالية".
ويحظى استهداف الظواهري بأهمية أخرى. فهو، وفق "واشنطن بوست"، أول استهداف يُعلن عنه ضد أهداف إرهابية في أفغانستان، منذ انسحاب القوات الأميركية من البلاد في أغسطس/آب الماضي.
وعلى الرغم من أهمية هذه العملية وخصوصيتها؛ فإنها جزء من سلسلة من العمليات السابقة التي استهدفت كبار قادة تنظيمي "القاعدة" و"داعش". ونستعرض أدناه أبرز هذه العمليات كما أوردتها الصحيفة.
ماهر العقال
أعلن البيت الأبيض في يوليو/تموز استهداف ماهر العقال، أحد أبرز الشخصيات في تنظيم "داعش"، والذي عمل على بناء شبكات التنظيم خارج العراق وسورية، قبل أن يقُتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة شمال غربي سورية. وحسب تصريحات لمسؤولين أميركيين في ذلك الوقت؛ فإن الضربة عنيت بتقويض قدرة التنظيم على التخطيط وتنفيذ هجمات على مستوى العالم، حيث اعتُبر العقال أحد أبرز خمسة قادة من قيادات "داعش".
وبعد الهجوم، أشاد بايدن بالتطور الاستخباري، معتبراً أن الحادثة توضح "أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى آلاف الجنود في مهام قتالية لتحديد التهديدات التي تواجه بلدنا والقضاء عليها".
أبو إبراهيم القرشي
في فبراير/شباط الماضي، أعلن الرئيس بايدن، أن قوات العمليات الخاصة الأميركية قامت بهجوم استهدف أبو إبراهيم القرشي، زعيم تنظيم "داعش". وقُتل 13 شخصاً في الغارة، بما في ذلك ستة أطفال وأربع نساء حسب مسعفين محليين، في حين أعلن بايدن أن أي إصابات لم تقع في صفوف القوات الأميركية.
واستهدفت العملية منزلاً من طابقين في محافظة إدلب السورية. وقال مسؤولون أميركيون للصحافيين، إن القرشي فجّر قنبلة قتلته هو وأفراد أسرته. كما قال السكرتير الصحافي للبنتاغون جون كيربي إن أحد مساعدي القرشي قتل أيضاً وربما أحد الأطفال. وقال المسؤولون الأميركيون إنه جرى التخطيط للعملية لشهور، بالتزامن مع تصاعد المخاوف بشأن عودة ظهور التنظيم.
أبو بكر البغدادي
أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2019، مقتل قائد تنظيم "داعش" حينذاك، أبو بكر البغدادي، في عملية عسكرية أميركية في سورية. وكان البغدادي نفسه، الذي تولى قيادة التنظيم في عام 2010، قد أعلن قيام "دولة الخلافة"، لتتسع رقعة سيطرته جغرافياً على مساحات واسعة من سورية والعراق، تعادل مساحة بريطانيا، كما اعتُبر التنظيم ملهماً لعدد من الأفراد والتنظيمات الإرهابية الذين شنوا هجمات إرهابية في عدد من دول العالم.
وجرى استهداف البغدادي، أحد أكثر وجوه "داعش" شهرة، في عملية ليلية، بعد أن قامت طائرات هليكوبتر بإنزال قوات أميركية خاصة، شمال غربي سورية، لشن هجوم على تجمّع للمسلحين هناك. وقال ترامب وقتها، إن البغدادي تراجع إلى "نفق مسدود" وفجر نفسه وثلاثة من أبنائه.
وقال مسؤولون إن جنديين أميركيين أصيبا بجروح طفيفة في العملية، كما قتل مسلحون آخرون بينهم امرأتان، قيل إنهما زوجتان للبغدادي ترتديان سترات ناسفة.
وتولى القرشي قيادة التنظيم بعد عدة أيام من الغارة. وخلص تقرير للبنتاغون في فبراير/شباط 2020، إلى أن مقتل البغدادي كان له تأثير ضئيل على هيكل قيادة التنظيم وعملياته.
وجاءت المهمة في وقت واجه فيه ترامب انتقادات لقراره سحب معظم القوات الأميركية من شمالي سورية، في خطوة اعتبرها منتقدوه خيانة لحلفائه الأكراد، الذين حاربوا "داعش" إلى جانب قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وقدموا معلومات استخبارية ساهمت بنجاح العملية.
حمزة بن لادن
أعلن ترامب في سبتمبر/أيلول 2019، اغتيال حمزة بن لادن، نجل مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، والذي كان بعض المراقبين يرون أنه قائد صاعد محتمل في التنظيم الإرهابي. وجاء ذلك في عملية للقوات الأميركية قرب الحدود بين باكستان وأفغانستان.
وفي حين لم يذكر ترامب أي تفاصيل إضافية؛ كانت تقارير سابقة قد أشارت إلى مقتل حمزة في وقت سابق، مما خلق حالة من الالتباس بشأن توقيت العملية. وقال البيت الأبيض إن حمزة كان "مسؤولاً عن التخطيط والتعامل مع مجموعات إرهابية مختلفة"، واصفاً مقتله بأنه ضربة لقيادة التنظيم. كما وصف ترامب في وقت لاحق حمزة بأنه "الوريث الواضح للقاعدة"، لكن بعض المحللين شككوا في نفوذه الفعلي.
أسامة بن لادن
بعد تولي الرئيس باراك أوباما منصبه في عام 2009، أصدر أوامره لمدير وكالة الاستخبارات المركزية، ليون بانيتا، بجعل قتل أسامة بن لادن أو القبض عليه أولوية قصوى. وفي ليلة الأول من مايو/أيار 2011، تابع أوباما بنفسه جنباً إلى جنب مع كبار المسؤولين من غرفة عمليات في البيت الأبيض، استهداف فرق البحرية الأميركية لمجمّع كان بن لادن يختبئ فيه. وقتها، قتل الفريق الأميركي بن لادن، وأخذ جثته ومجموعة من الأوراق والممتلكات الشخصية.
وفي حديثه للجمهور؛ وصف أوباما العملية بأنها "أهم إنجاز نقوم به حتى الآن ضمن جهود أمتنا لهزيمة القاعدة"، مضيفاً أن العالم أصبح "مكاناً أفضل بعد مقتل أسامة بن لادن". وأكد أوباما أن الولايات المتحدة لديها صور لجثة بن لادن، لكنها لن تنشرها. وقد فشلت محاولات قانونية عدة لإجبار الإدارة على نشر الصور منذ ذلك الحين. وأكد مسؤولون للصحافيين حينها، إن بن لادن "دفن في البحر وبشكل يتماشى مع التقاليد الإسلامية".
وأثار وجود بن لادن في باكستان تساؤلات في الولايات المتحدة حول مصداقية باكستان، بوصفها حليفاً في مكافحة الإرهاب، خاصة أن رئيس الوزراء الباكستاني قد وصف الهجوم الأميركي بأنه "انتهاك للسيادة". وأظهرت استطلاعات الرأي موافقة الجمهور الأميركي على العملية، رغم تعرضها لبعض الانتقادات الحقوقية، من ناحية أنه كان أجدر بالقوات الأميركية محاولة اعتقال بن لادن ومحاكمته، لا قتله.
أبو مصعب الزرقاوي
في 7 يونيو/حزيران 2006، قتلت القوات الأميركية أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق، في غارة جوية نفذتها شمالي بغداد. وقال مسؤولون عسكريون وقتها، إن ستة أشخاص قتلوا في الغارة بينهم امرأة وطفل.
وجاءت العملية التي استهدفت زعيم "القاعدة" آنذاك، بعد ثلاث سنوات من الحرب على العراق، التي بدأتها إدارة جورج دبليو بوش بناء على مزاعم ثبت بطلانها، بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل.
واستندت الإدارة الأميركية إلى مزاعم ثبت لاحقاً أنها كاذبة أيضاً، بحسب "واشنطن بوست"، بأن الزرقاوي كان حلقة وصل بين "القاعدة" ونظام صدام حسين. وقال الرئيس بوش في خطاب ألقاه في البيت الأبيض في اليوم التالي: "مقتل الزرقاوي ضربة قاسية للقاعدة.. إنه انتصار في الحرب العالمية على الإرهاب، وفرصة للحكومة العراقية الجديدة لقلب دفة هذا الصراع".