"نيويورك تايمز" تتساءل: ماذا ينتظر أوكرانيا إذا فقدت دعم واشنطن؟

08 فبراير 2024
بدأ المسؤولون الأوروبيون يتساءلون عن موثوقية أميركا في دعم أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الأربعاء، تقريرا يتحدث عن تداعيات توقف أو تراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا في صد الغزو الروسي الذي يقترب من إتمام عامه الثاني، مجيبا عن سؤال حول مصير أوكرانيا في حال انهار دعم واشنطن لها.

وجاء في التقرير: "قبل عام واحد، عندما كانت واشنطن ومعظم دول أوروبا لا تزال غارقة في التفاؤل بأن أوكرانيا كانت على وشك صد روسيا من أراضيها، بدا من غير المتصور أن تدير الولايات المتحدة ظهرها لضحية عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

وأضاف: "والآن، يحاول الديمقراطيون في مجلس الشيوخ إنقاذ حزمة المساعدات لأوكرانيا، وتبدو اللحظة السياسية بعيدة كل البعد عما كانت عليه قبل 14 شهرًا عندما وقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أمام جلسة مشتركة للكونغرس، مرتديًا سترته الخضراء الباهتة المميزة، وحظي بحفاوة بالغة لمدة دقيقة".

واعتبرت "نيويورك تايمز" أن هذا التحول "فاجأ البيت الأبيض"، فحتى لو تمكن مجلس الشيوخ من تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، فلا يزال هناك الكثير من الأسباب للشك في وصول الأموال، بما في ذلك المعارضة العميقة بين الجمهوريين في مجلس النواب وضغط الرئيس السابق دونالد ترامب من أجل موقف أكثر انعزالية.

وتطرقت إلى ما قاله مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، في بروكسل يوم الأربعاء بعد اجتماع لحلف شمال الأطلسي مع نظرائه: "نحن لا نركز على الخطة البديلة، نحن نركز على الخطة أ"، التي قال إنها تعني "تمرير حزمة مساعدات من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ستمكن أوكرانيا من الدفاع بفعالية واستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا حاليا".

لكن وراء الكواليس، بحسب التقرير، هناك الكثير من المناقشات، في واشنطن وأوروبا، حول خيارات أخرى، بما في ذلك الاستيلاء على أكثر من 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي المخبأة في الدول الغربية -وهي عملية يتبين أنها أكثر تعقيدًا بكثير مما بدا للوهلة الأولى.

ومع ذلك، يقر المسؤولون الأميركيون بأنه لا يوجد شيء في الأفق يمكن أن يضاهي قوة مخصصات الكونغرس الجديدة البالغة 60 مليار دولار، والتي من شأنها شراء دفاعات جوية معززة، والمزيد من الدبابات والصواريخ، وتدفق هائل من الذخيرة. مضيفين أن "رمزية انسحاب أميركا الآن يمكن أن تكون عميقة".

وأضافت "نيويورك تايمز"، في التقرير نفسه، أن "المسؤولين الأوروبيين الذين كانوا يخشون احتمال إعادة انتخاب ترامب والوفاء بوعده بالانسحاب من الناتو، بدأوا يتساءلون، على الأقل سرًا، عن موثوقية الولايات المتحدة، بغض النظر عمن هو الرئيس".

ونبهت إلى أنه "إذا كان الجمهوريون على استعداد للالتزام بمطلب ترامب بأن يصوتوا ضد استمرار المساعدات لأوكرانيا، تساءل أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين في برلين يوم الأربعاء: "لماذا تعتمد أوروبا على تأكيدات الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الولايات المتحدة سوف تدافع عن كل شبر من أراضي الناتو؟"، وحتى بعض مساعدي ترامب السابقين للأمن القومي -الذين انفصل عنهم منذ فترة طويلة- بدأوا يقولون إن الفشل في تمويل أوكرانيا سيكون بمثابة فوز استراتيجي كبير للسيد بوتين".

وأضافت: "من الغريب أن تهديد الكونغرس بعرقلة المساعدات يأتي في وقت تعهدت أوروبا بمبلغ 54 مليار دولار لإعادة بناء أوكرانيا على مدى السنوات الأربع المقبلة، وتعهدت دول من النرويج إلى ألمانيا بتقديم مساعدات أسلحة جديدة". بينما نقل التقرير عن كريستوف تريبيش، الذي يتابع دعم أوكرانيا في معهد كيل للاقتصاد العالمي في شمال ألمانيا، قوله: "من اللافت للنظر مدى السرعة التي تحركت بها أوروبا نحو برنامج دعم جديد وجوهري متعدد السنوات لأوكرانيا"، قبل أن تلفت إلى أنه "للمرة الأولى تتخلف الولايات المتحدة الآن بفارق كبير مقارنة بالمساعدات الأوروبية".

واعتبر التقرير أن "الحجة القائلة إن على الغرب أن يقاوم روسيا في أوكرانيا أو يواجه احتمال قتالها على أراضي حلف شمال الأطلسي، بدأت تفقد فعاليتها في الكونغرس. ولا يزال بعض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس يتهمون أوروبا بعدم القيام بثقلها، حتى ولو أدت الالتزامات المالية الأحدث إلى تغيير المعادلة".

وتابع: "إذا أوقفت الولايات المتحدة دعمها المالي للحرب، فإن الكثير من الضروريات العسكرية اليومية سوف تختفي، بدءاً من الدفاع الجوي ضد وابل شبه يومي من الصواريخ والطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة التي تستهدف المراكز الحضرية والبنية التحتية الحيوية مثل الشبكة الكهربائية. وإذا انهار اقتصاد أوكرانيا، فسوف ينهي ذلك جهداً دام عامين لإنقاذ الديمقراطية الوليدة وإن كانت معيبة بشدة".

وزاد: "لا يجادل الجمهوريون المعارضون للمساعدات بشكل مباشر مع هذا المنطق، على الرغم من إصرار كثيرين على أن ضخ المليارات في بلد له تاريخ طويل من الفساد يدعو إلى إساءة الاستخدام. وبدلا من ذلك، تتلخص حجتهم الأساسية في ضرورة إنفاق الأموال في الداخل، على الحدود الجنوبية بدلا من المناطق الحدودية لأوكرانيا مع روسيا. ويؤكد المعارضون الأكثر صراحة، بمن فيهم النائبان مارجوري تايلور جرين من جورجيا، ومات جايتز من فلوريدا، أن المساعدات لأوكرانيا "تضع أميركا في المرتبة الأخيرة"".

ولفت التقرير إلى أنه "لعدة أشهر، نظر البيت الأبيض إلى معارضي دعم أوكرانيا على أنهم مجموعة هامشية. لكن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة الناخبين الجمهوريين الذين يقولون إن الولايات المتحدة أنفقت الكثير للدفاع عن أوكرانيا آخذة في الارتفاع. والآن أصبح العديد من الجمهوريين مقاومين للدعم، ووجهات نظرهم متسقة مع الموقف طويل الأمد الذي تبناه السيد ترامب، الذي قال في حملة عام 2016 إنه لا يريد الدفاع عن أوكرانيا. وبعد مرور ثماني سنوات، يصر -دون تقديم أي تفاصيل- على أنه سينهي الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة".

وخلص التقرير إلى أن معارضة الدعم الأميركي لأوكرانيا "سيطرت إلى حد كبير على المشهد، حتى أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل من ولاية كنتاكي، الذي أعلن مرارا وتكرارا أن تمويل الحرب في أوكرانيا كان واحدا من أهم أولوياته، بدا وكأنه يتراجع".

وقال التقرير: "في الوقت نفسه، يحاول مساعدو بايدن معرفة كيفية دفع ثمن الأسلحة إذا ظل الكونغرس مشلولا. خطة الاستيلاء على الأصول الروسية لها تعقيدات. وليس من الواضح ما إذا كان من الممكن استخدام الاحتياطيات لدفع تكاليف الدفاع الجوي والمدفعية. وحتى هذا، كما يقول مسؤولو الإدارة، قد يتطلب إجراءً من جانب الكونغرس".

في ظل ذلك، يصر جيك سوليفان على أنه "إذا التزمت الإدارة باستراتيجيتها، فسوف تنتصر"، مضيفا أن "الانسحاب من أوكرانيا في هذه اللحظة، في هذا الوقت، سيكون خطأً جوهرياً من وجهة نظر أمننا القومي الأساسي في الولايات المتحدة ولحلفائنا في الناتو أيضاً".

المساهمون