دعا أكثر من 130 شاباً ونواب من حركة "النهضة" التونسية رئيس البرلمان والحركة، راشد الغنوشي، إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تونس ولتأمين عودة البرلمان إلى عمله العادي واستعادة الثّقة بهذه المؤسّسة.
جاء ذلك في بيان تحت عنوان "تصحيح المسار" صدر أخيراً وشارك في توقيعه 5 نواب في البرلمان وأعضاء مكتب تنفيذي وأعضاء مجلس شورى وأعضاء مكاتب مركزية وجهوية ومحلية وأعضاء مجالس بلدية.
وحمّل الموقعون على البيان قيادة "النهضة" المسؤولية كاملة عن التّقصير في تحقيق مطالب الشّعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان والغليان، معتبرين أن خيارات الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وطريقة إدارتها للتّحالفات والأزمات السياسيّة لم تكن "ناجعة في تلبية حاجيات المواطن الذي تضرر من غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائيّة بالإضافة إلى البطالة والجائحة".
وأكدت النائبة عن حركة "النهضة"، وفاء عطية، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الحراك داخل حركة النهضة ليس وليد اليوم، فهناك حراك داخلي متواصل بدأ منذ المؤتمر الفارط"، مضيفة أن "الوضع المتأزم في الدولة دفع تونسيون للخروج للعلن، وهو ذاته الذي دفع نواباً وشباباً من الحركة إلى إرسال رسالة لتصحيح المسار إلى رئيس الحركة".
عطية، وهي إحدى الموقعات على بيان "تصحيح المسار"، أوضحت أن "الأزمة الحالية ساهمت فيها عدة أحزاب وحتى منظمات وطنية وليس النهضة فقط، ولكن النهضة مسؤولة أيضاً عما وصل إليه الوضع من تردٍّ"، مشددة بالقول "لا بد من التقييم داخل الحزب ومن أخطأ يتحمل المسؤولية".
واعتبرت أنه قد "حصل سوء تقدير للمواقف ولا بد من مراجعات حتى على مستوى داخلي للقيام بالإصلاحات لأنه دون مراجعة لا يمكن القيام بأي إصلاحات"، مشيرة إلى أن "هناك ملفات ما كان يجب أن تطرح لأن التوقيت غير مناسب، مثل ملف التعويضات وجبر الضرر".
وأكدت أن "خطاب رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني لم يكن مناسباً، صحيح أن ملف جبر الضرر قضية عادلة ولكن لم يكن طرحها مناسبا"، معتبرة أنه قد حصل سوء تقدير في إثارة هذا الملف.
إلى ذلك، رأت عطية أن مطالبتهم بحل المكتب التنفيذي للحركة جاءت "لأن الإصلاح يتطلب مراجعة المؤسسات الحالية للحركة، إذ حان الوقت لحلها وترك المشعل للشباب وخضوع قيادات للراحة، وهذا لا يعني الإقصاء بل منح نفس جديد داخل الحركة ولأن الشباب محتكون بالشباب ويعرفون متطلبات المرحلة، مع تكوين خلية أزمة نظرا للظرف الدقيق للبلاد".
ودعا البيان مجلس شورى الحركة إلى تحمل مسؤوليته وحلّ المكتب التّنفيذي للحزب فورا وتكليف خلية أزمة لها الحد الأدنى من المقبوليَة الشعبية قادرة على التّعاطي مع الوضعية الحادّة التي تعيشها تونس لتأمين العودة السّريعة لنشاط المؤسّسات الدّستوريّة واستئناف المسار.
كما طالب البيان الغنّوشي بصفته رئيس البرلمان بتغليب المصلحة الوطنيّة واتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل تونس لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي واستعادة الثّقة بهذه المؤسّسة، وأن تتفاعل الحركة إيجابياً مع أيّ مبادرة سياسية تُخرج البلاد من أزمتها الخانقة، تحت سقف القانون والمؤسسات الدستورية.
ودعا البيان قيادة الحزب إلى تحمّل مسؤولياتها والتفاعل بجدية مع هذه المطالب في أقرب الآجال، للقطع مع حالة التخبط. وأكد الموقعون استعدادهم لخوض "كل الأشكال النضالية في سبيل مستقبل أفضل للوطن والحزب والتمسك بمكتسبات الثورة التونسية والمبادئ الدّيمقراطية وحقوق الإنسان وبالشرعيّة الدّستورية واحترام دولة القانون التي تشكّل أساس الحكم في تونس، وانتهاج الحوار كخيار أوحد لتجاوز الأزمة من خلال العودة إلى المؤسسات الدّستورية المنتخبة واستئناف عملها في أقرب الآجال".
وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، الأحد الماضي، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، وتعليق حصانة كل النواب، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، بذريعة الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها عدة مدن، فيما تلا ذلك سلسلة من القرارات الإضافية، التي تشكل بمجملها انقلاباً مكتمل الأركان على الدستور والنظام السياسي في تونس.