تخطو جمهورية الجبل الأسود الصغيرة خطوة هائلة صوب التكامل مع الغرب عندما تصبح العضو التاسع والعشرين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) هذا الأسبوع غير أنها تجازف بدفع ثمن باهظ لإيلاء ظهرها لروسيا.
وعلى مدى ما يقرب من عشر سنوات بعد انفصال الجبل الأسود عن صربيا عام 2006 ظلت موسكو تعمل على توثيق علاقاتها مع الجمهورية اليوغوسلافية السابقة، وانهالت على البلاد الأموال من المستثمرين والسياح الروس.
وكانت العلاقة بينهما أشبه بقصة حب تقوم لا على المنطق التجاري والدبلوماسي فحسب، بل على أواصر تاريخية ودينية ولغوية تجمع بين البلدين السلافيين.
والآن تحولت القصة الغرامية إلى ضغينة. وحملت الجبل الأسود روسيا مسؤولية مؤامرة قيل إنها دبرت لاغتيال رئيس وزرائها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقال مسؤولون إنها تستهدف تعطيل انضمامها لحلف شمال الأطلسي(الناتو). ووصف الكرملين ذلك الاتهام بأنه "سخيف".
وأثر ما أصاب العلاقات من فتور على حركة السياحة إذ تظهر أحدث البيانات المتاحة لشهر مارس/آذار أن السياح الروس سجلوا زيادة بلغت 7.3 في المئة من مجموع الليالي السياحية بالمقارنة مع ما يقرب من 30 في المئة في الشهر نفسه، من عام 2014 ومع 19.2 في المئة في مارس/آذار 2016.
وفي فترة من الفترات انتشرت في تلك المدينة الإعلانات باللغة الروسية عن شقق فاخرة تطل على البحر الأدرياتيكي أما الآن فقد اختفت الإعلانات وكذلك اللافتات المكتوبة باللغة الروسية من المتاجر.
وقال رئيس الوزراء دوسكو ماركوفيتش إن الحظر الذي فرضته روسيا في الآونة الأخيرة على واردات النبيذ من الجبل الأسود يرتبط بعضويتها في حلف شمال الأطلسي، بينما قالت موسكو إنها اكتشفت مبيدات محظورة في النبيذ.
وأضاف في تصريحات للصحافيين "نحن مستعدون لأي قرار (من روسيا) ولن يردعنا شيء عن السير في الطريق الذي قررنا السير فيه".
وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني لوكالة "رويترز"، "ترتبط الجبل الأسود مثل دول أخرى في المنطقة بروابط قوية مع الشرق لكننا أخذنا في 2006 قراراً جوهرياً أننا نريد تبني المعايير والقيم الغربية".
وتفوق الأهمية الاستراتيجية لجمهورية الجبل الأسود حجمها إذ يبلغ عدد سكانها 650 ألف نسمة فقط وعدد قواتها المسلحة 2000 فرد وتقل مساحتها عن مساحة ولاية كونيتيكت الأميركية.
ويعد ساحلها على البحر الأدرياتيكي عامل الجذب للسياح مثلما هو العامل الاستراتيجي بفضل سهولة الوصول منه إلى البحر المتوسط. وفي هذا السياق، قال مسؤول حكومي سابق إن موسكو طلبت رسمياً في سبتمبر/أيلول عام 2013 استخدام ميناء بار في الجبل الأسود قاعدة بحرية لعمليات الإمداد إلى سورية. ورفضت الحكومة بعد ضغط من حلف الأطلسي.
وعندما يرحب الحلف بالجبل الأسود في القمة التي يعقدها في بروكسل يومي الأربعاء والخميس سيمثل ذلك أول توسع للحلف منذ انضمام ألبانيا وكرواتيا له عام 2009.
(رويترز)