نقابة الصحافيين السودانيين... أول الغيث

26 يوليو 2022
كان للصحافيين دور مهم بالتصدي للانقلاب (شرف الدين ساتي/فرانس برس)
+ الخط -

يزخر الأدب الثوري السوداني بجملة من الشعارات، أهمها على الإطلاق أن الثورة "نقابة ولجنة حي". تأكدت مصداقية ذلك الشعار خلال ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2018 حين أدت لجان المقاومة في الأحياء، وتجمّع المهنيين السودانيين، الدور الأكثر تأثيراً في إسقاط نظام الرئيس عمر البشير.

بعد نجاح الثورة، استمرت لجان المقاومة في القيام بأدوارها بقليل من التحفظات والملاحظات، فيما ضربت الخلافات تجمّع المهنيين نتيجة مساعي الأحزاب السياسية المسيطرة عليه، وتوجيهه لمصلحتها الخاصة.

ذلك الخلاف، انعكس على كثير من النقابات، وما زاد الطين بلّة هو تباطؤ حكومة عبد الله حمدوك في إجازة قانون جديد للعمل النقابي، وهو تباطؤ أحد أسبابه الخلافات النقابية وخلافات الأحزاب السياسية ذاتها. لهذا غاب دور النقابات خلال المرحلة الانتقالية (2019-2021)، ما سهّل على العسكر الانقضاض على الفترة الانتقالية وعلى عملية التحوّل الديمقراطي في انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

الصحافيون السودانيون وحدهم قفزوا فوق كل المعطيات، وشرعوا منذ نهاية العام الماضي في التأسيس لنقابتهم، استناداً إلى حق التنظيم النقابي الوارد في الدستور وفي الاتفاقيات والمواثيق الدولية الموقّع عليها من جانب حكومة السودان. وعقدوا جمعيتين عمومتين، الأولى في مارس/ آذار الماضي، والثانية يوم السبت الماضي، وأجازوا نظاماً أساسياً يحكم النقابة، وميثاق شرف صحافياً ملزم التوقيع عليه، ووصلوا لمرحلة تشكيل لجنة لانتخاب نقيب ومجلس للنقابة خلال أسابيع قليلة، وذلك بعد غياب دام 33 عاماً. هذا الأمر لم يحدث في أي نقابة أخرى، على الرغم من مرور 3 أعوام على الثورة، وعلى الرغم من مزاعم اللجان التسييرية بتمثيل عضويتها.

خطوات الصحافيين تلك، قوبلت بالإشادة والتقدير من كافة الأوساط النقابية والسياسية، ظناً بأنها النموذج والمثال لإنشاء بقية النقابات لتكون حارساً فعلياً للثورة وقيمها ومبادئها وشعاراتها، وحارساً أيضاً لحقوق عضويتها، وحامية وساعية لتطويرها مهنياً.

المؤكد أن النقابات لن تكون معنية بأي حال من الأحوال بالمشاركة السياسية، أو داعمة لحزب أو مجموعة على حساب أخرى. ومن المؤكد أيضاً أن الأحزاب من يمينها ليسارها ووسطها، لن تهمل محاولات الهيمنة والسيطرة على النقابات، ما يجعل من ذلك تحدياً حقيقياً للقواعد النقابية لبناء حواجز صد منيعة لتلافي الاختطاف والتجيير. ويجب أن تقوم تلك الحواجز على قاعدة "لكلِ حزبه، والنقابة للجميع"، وهذا ما يسعى الصحافيون السودانيون إلى إنجازه في الأيام المقبلة لتكتمل دورة القدوة والنموذج.
 

المساهمون