نفاد مهلة العبادي: حدة المعارك تؤخر اقتحام الفلوجة

01 يونيو 2016
قلة من أهالي الفلوجة نجحوا بالهرب(جان مارك موجون/فرانس برس)
+ الخط -
مع غروب شمس يوم أمس الثلاثاء، تكون مهلة الثماني والأربعين ساعة التي قطعها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمام البرلمان يوم الأحد الماضي لاقتحام الفلوجة وتحريرها، قد انتهت من دون تحقيق ذلك، إذ لا تزال القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" تحيط بالمدينة من جوانبها الأربعة، وسط عجز واضح عن اقتحامها حتى مساء أمس، بسبب جدران الصد الثلاثة التي يقيمها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) حول المدينة من محاورها الأربعة، والتي شكّلت ما يشبه جهاز إنذار لمقاتليه حول اقتراب الخطر من المدينة.
وتدخل المدينة يومها التاسع من المعارك اليوم الأربعاء، وسط تفوّق ملحوظ للقوات العراقية والمليشيات، تمكّنت خلالها من إجبار التنظيم على ترك القرى والمزارع المحيطة بالفلوجة والتراجع إلى أسوار المدينة كآخر سيناريوهات المواجهة وأصعبها، مدّخراً بذلك قوته البشرية والعددية لما يعتبرها المعركة الفاصلة.
وساد هدوء حذر طيلة ساعات أمس حول المدينة، باستثناء هجمات انتحارية وعمليات تسلل لـ"داعش"، اخترق من خلالها قطعات الجيش وصفوف المليشيات المرابطة حول المدينة وأوقع خسائر في صفوفها. وتحرص وزارة الدفاع العراقية في بياناتها المستمرة على مدار الساعة، على تجديد التأكيد أن اقتحام الفلوجة آتٍ لا محالة، وسط تغاضٍ تام عن ذكر مصير المدنيين المحاصرين في المدينة، في ظل تقديرات بأن عددهم يتراوح ما بين 70 و100 ألف مدني.
وأكد زعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، في تصريح لـ"العربي الجديد" خلال وجوده على مشارف الفلوجة، أن اقتحام المدينة قريب، وهو الوصف الذي شاركه فيه قائد قوات الجيش الفريق الركن عبد الهادي الساعدي، الذي تحدّث عبر الهاتف لـ"العربي الجديد" حول أجواء المعركة. وأشار الساعدي إلى أن "ما تحقق من انتصارات على العدو يُعتبر إنجازاً كبيراً في وقت قياسي، والتنظيم تكبّد ما لا يقل عن 50 إرهابياً نهار (أمس) الثلاثاء"، لافتاً إلى أن موضوع اقتحام المدينة سيتم لكن وفق الخطط وقريباً.
فيما وصفت مصادر من داخل المدينة الوضع بأن طرفي الصراع يتمسكان بمناطقهما، ولا صوت يعلو على صوت القنص بين الطرفين، فيما تراشُق قذائف الهاون مستمر لا يتوقف، مع سيطرة أصوات الغارات الأميركية بأطنان المتفجرات على كل ما عداها. بينما يسعى المدنيون إلى تحصين منازلهم بأكياس التراب على السطوح أو حفر خنادق في الغرف داخل المنازل أو الحدائق خوفاً من القصف. وقال المواطن من الفلوجة محمد عمر (57 عاماً): "يبدو أن الحرب علينا لا على داعش الذي ابتلانا الله بهم ومن قبلهم بالمليشيات". وأضاف: "نحن ننتظر الموت، فالصور التي رأيناها من معاملة المليشيات للهاربين من الفلوجة وعزل النساء عن الرجال وجلد الشباب، تجعلنا نفضّل الموت على أن نتعرض لهذا الإذلال".


وفي السياق، أشارت تسريبات إلى إصرار مليشيات "الحشد" على دخول المدينة كممثلين عن القوات التي ساهمت في تحريرها، فيما يقوم رئيس البرلمان سليم الجبوري، وقيادات سنّية أخرى، بمحاولات حثيثة مع القيادات المختلفة في "التحالف الوطني" الحاكم وقيادات في المليشيات لإقناعهم بالعدول عن الفكرة.
ووفقاً لمصادر سياسية عراقية في بغداد، فإن مليشيات "الحشد" باشرت أمس بارتداء ملابس الشرطة الاتحادية وقوات الجيش والتوزع في محيط المدينة من المحاور الأربعة، وهو ما يثير قلق ساسة عراقيين من عمليات إعدام وسرقة ونهب ترتكبها تلك المليشيات بدوافع طائفية.
إلا أن العقيد محمد جاسب المالكي، أحد ضباط فرقة التدخل السريع الأولى في الجيش العراقي، أكد لـ"العربي الجديد" أن عملية الاقتحام وما يتردد عنها في وسائل الاعلام مفهوم خاطئ. وأوضح المالكي أن "الفلوجة مدينة كبيرة واقتحام حي أو اثنين منها إن حصل لا يعني اقتحامها ما لم تصل القوات إلى قلب الفلوجة، وهو ساحة الأندلس وتقاطع بيروت وشارع المكتبة العربية، وهو ما لم يحصل سريعاً، فنحن نتوقع حرب شوارع ضارية ستكون طويلة وبنزف بشري كبير، لكن هذا الأمر لا بد منه"، واصفاً الكلام عن اقتحام ودخول الفلوجة بأنه "يندرج ضمن الحرب النفسية الإعلامية".

المساهمون