باشر النظام المصري خطته لتزوير نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، التي بدأت أمس السبت وتُستكمل اليوم الأحد، اعتباراً من التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً، في 13 محافظة من أصل 27. مع العلم أن المرحلة الثانية بدأت بعد انتهاء تصويت المصريين في الخارج عبر البريد في التاسعة من مساء الجمعة (بحسب توقيت كل دولة)، في 124 دولة. في السياق، أفاد مصدر قضائي بارز في مجلس الدولة لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة الوطنية للانتخابات، أصدرت تعليمات لرؤساء المحاكم الابتدائية واللجان العامة في محافظات المرحلة الثانية، بخصوص استبعاد قضاة المجلس من الإشراف على لجان بعينها في كل دائرة. وهي اللجان التي تشهد "تسويداً" في بطاقات الاقتراع (أي الاقتراع مكان أشخاص لم يشاركوا) لصالح قائمة "من أجل مصر" المدعومة من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومرشحي حزب "مستقبل وطن" في الدوائر الفردية.
جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية، متورط في عمليات توزيع الرشى الانتخابية على المواطنين
وأوضح المصدر أن عمليات تزوير نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ستتكرر مجدداً بالطريقة نفسها في المرحلة الثانية، ممثلة في إضافة "أصوات وهمية" بمحاضر فرز مزورة في لجان محددة على سبيل الحصر في كل دائرة، بهدف إضافة عشرات الآلاف من الأصوات عقب انتهاء عملية التصويت لصالح القائمة والحزب المحسوبان على السلطة الحاكمة. وأضاف أن نتائج الفرز الحقيقية للعديد من المرشحين الخاسرين في محافظات المرحلة الأولى كانت تؤهلهم إلى خوض جولة الإعادة، وجاء استبعادهم لإعلان فوز مرشحين آخرين من الجولة الأولى على الرغم من حصولهم على عدد أصوات أقل. ورأى المصدر أن هذا الأمر سيسمح في الطعن في العملية الانتخابية برمتها، مستشهداً بدائرة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة، والتي شهدت إضافة 200 ألف صوت وهمي مقسمة بالتساوي بين قائمة "من أجل مصر"، والمرشحين الفائزين عن حزب "مستقبل وطن" محمد الحسيني، ومحمود توشكي، وحسام الدين المندوه.
في الإطار نفسه، أفاد مصدر برلماني مطلع بأن "ضباط وأفراد جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية، متورطون في عمليات توزيع الرشى الانتخابية على المواطنين، من خلال التنسيق مع مرشحي حزب مستقبل وطن إزاء أماكن توزيع تلك الأموال (ما تعرف بأكشاك السماسرة) في كل دائرة ليلة الانتخاب، بل وتولي حماية أنصار المرشحين المتورطين في عملية بيع الأصوات من المساءلة القانونية خلال يومي التصويت".
وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، أن هناك تعليمات مشددة من الجهاز بضرورة إسقاط بعض المرشحين من الجولة الأولى في انتخابات المرحلة الثانية، عن طريق "تسويد" الأصوات لصالح منافسيهم عقب انتهاء عملية الفرز، وفي مقدمتهم البرلماني المعارض أحمد الطنطاوي، الذي ترشح كمستقل في دائرة دسوق وقلين في محافظة كفر الشيخ، ويحظى بقبول واسع بين الأهالي في الدائرة. وتابع المصدر: "الطنطاوي هو أحد المغضوب عليهم من النظام، بسبب جرأته الشديدة في انتقاد سياسات الحكومة ورئيس الجمهورية تحت قبة البرلمان، وستسخّر الدولة كافة أدواتها من أجل إسقاطه في الانتخابات"، مستطرداً "التعليمات تشمل كذلك ضرورة إسقاط النائب محمد عبد الغني في دائرة الزيتون بالقاهرة، وأحمد الشرقاوي في دائرة بندر المنصورة في الدقهلية، وطلعت خليل في دائرة محافظة السويس، وجميعهم من المنتمين لتكتل (25-30) البرلماني".
ولفت إلى أن "النظام لن يقصي جميع أعضاء التكتل من الانتخابات، بل سيسمح بفوز بعضهم للادعاء بأن هناك شيئاً من المعارضة في البرلمان. وهم النواب الذين يمكن استئناسهم تحت القبة، على غرار هيثم الحريري الذي يخوض جولة الإعادة عن دائرة محرم بك بالإسكندرية، وضياء الدين داوود المرشح عن دائرة بندر ومركز دمياط، ومحمد العثماني عن دائرة المطرية والمنزلة بالدقهلية، وعبد الحميد كمال عن دائرة محافظة السويس".
وتجرى المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب في محافظات القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وشمال سيناء، وجنوب سيناء. ويحق التصويت في هذه المحافظات لنحو 29.4 مليون مواطن من المقيدين في قاعدة بيانات الناخبين. ومن المقرر أن تُجرى جولة الإعادة في 14 محافظة أخرى (المرحلة الأولى) بعد نحو أسبوعين، بين 220 مرشحاً على 110 مقاعد، بعد حسم 32 مقعداً على النظام الفردي، و142 مقعداً على نظام القوائم المغلقة.
إلى ذلك، أعلنت القوات المسلحة المصرية مشاركة عناصرها في نطاق الجيوش الميدانية، والمناطق العسكرية، في محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب. وذكرت أن القيادة العامة للجيش حريصة على اتخاذ كل الترتيبات والإجراءات المرتبطة بالانتخابات، بالتعاون مع أجهزة وزارة الداخلية، والهيئة الوطنية للانتخابات، وكافة الأجهزة المعنية في الدولة، في إطار تأمين العملية الانتخابية، والتصدي لأي أعمال عدائية قد تؤثر على انتظامها.
الهيئة الوطنية للانتخابات باركت عملية تزوير المرحلة الأولى للانتخابات
وكان عضو برلمان خاسر قد قال في حديث مع "العربي الجديد"، إن الهيئة الوطنية للانتخابات باركت عملية تزوير المرحلة الأولى للانتخابات (أجريت بين 21 و23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الخارج، و24 و25 أكتوبر في الداخل)، إثر إعلانها عن النتائج النهائية عقب أسبوع من إغلاق باب التصويت، من دون أن تكشف عن عدد الأصوات الصحيحة التي حصل عليها كل مرشح، حتى يطابقها بالأرقام الواردة في محاضر الفرز في اللجان الفرعية. وأضاف أن العشرات من أعضاء البرلمان الحالي خسروا مقاعدهم أمام مرشحي حزب "مستقبل وطن"، نتيجة التلاعب في نتائج الانتخابات لصالحهم، وإضافة اللجان العامة (معنية بجمع نتائج اللجان الفرعية) عشرات الآلاف من "الأصوات الوهمية" إلى مرشحي الحزب في كل دائرة، لإعلان فوزهم من الجولة الأولى، بالمخالفة لما تم رصده من نتائج في اللجان الفرعية.
وتواجه الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر اتهامات بـ"التلاعب في نتائج الانتخابات النيابية"، جراء عدم إعلانها النتائج التفصيلية لها، متضمنة ما حصل عليه كل مرشح من أصوات صحيحة سواء في الداخل أو الخارج، بما يرجح من شكوك تلقيها التعليمات من الأجهزة الأمنية لتزوير النتائج لصالح قائمة "من أجل مصر"، وأحزاب بعينها مثل "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري".
وأعلنت الهيئة أخيراً فوز قائمة "من أجل مصر" بجميع مقاعد دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد (100 مقعد)، ودائرة قطاع غرب الدلتا (42 مقعداً)، بدعوى حصولها على النسبة المطلقة من عدد الأصوات الصحيحة، رافضة الكشف عن عدد الأصوات الصحيحة التي حصلت عليها القائمة، أو القائمة المنافسة لها، وتحمل اسم "تحالف نداء مصر"، في مخالفة صريحة لقانون مباشرة الحقوق السياسية.