نظام الأسد في اجتماعات الإنتربول: مخاوف على المعارضين السوريين

27 نوفمبر 2021
استضافت تركيا اجتماع الجمعية العمومية للمنظمة (الأناضول)
+ الخط -

أثارت مشاركة وفد يمثل وزارة داخلية النظام السوري، خلال الأسبوع الحالي، في الدورة الـ89 لاجتماع الجمعية العمومية للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول)، والتي انعقدت في مدينة إسطنبول التركية، المخاوف من عواقب أي تعاون بين النظام والإنتربول، قد يسفر عن تسليم معارضين سياسيين للنظام بناء على تلفيقات جنائية، وسط تساؤلات حول قبول تركيا حضور ممثل للنظام اجتماعاً يُعقد على أراضيها.

وفي الاجتماع الذي بدأ الثلاثاء الماضي واستمر ثلاثة أيام بمشاركة ممثلين عن 160 دولة، وشهد انتخاب اللواء الإماراتي أحمد ناصر الريسي رئيساً جديداً للمنظمة، علماً أنه متهم بجرائم تعذيب، كان النظام السوري حاضراً من خلال وفد تابع لوزارة الداخلية. وجاء ذلك بعدما كانت المنظمة قد أصدرت، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قراراً بتفعيل مشاركة النظام في اجتماعاتها بعد تجميدها منذ عام 2012، ليتبع ذلك إعلان الائتلاف الوطني السوري المعارض تشكيل لجنة لمتابعة ما أسماها "الخطوة الخطيرة التي قامت بها منظمة الإنتربول بإعادة فتح مكتبها لدى النظام السوري في دمشق".

فعّلت المنظمة مشاركة النظام بعد تجميدها منذ عام 2012

وأعرب خبراء قانونيون وشخصيات معارضة سورية عن مخاوفهم من استغلال النظام السوري لقرار الإنتربول. وفي هذا السياق، قال مدير الهيئة السورية للإعلام، العميد إبراهيم جباوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "النظام لا يزال يشارك في معظم المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، وجرى أخيراً تفعيل مشاركة سورية في الإنتربول الدولي الذي هو مختص بتبادل المجرمين حصراً، وليس الملاحقين السياسيين أو العسكريين أو على أساس ديني أو عرقي أو طائفي". وحول تأثير ذلك على المعارضين السوريين، قال الجباوي، الذي كان نائباً لقائد شرطة محافظة حمص قبل انشقاقه عن النظام، إن "نظام بشار الأسد ضليع جداً في تحريف الوقائع وإلصاق تهم جنائية بالمعارضين السوريين، وهو ما لاحظنا حصوله في محافظة درعا بعد التسويات في الجنوب السوري عام 2018، حيث ذهبوا إلى المحاكم ولم يعودوا". ولفت إلى أن هناك منظمة عربية مماثلة للإنتربول الدولي، تسمى "الشرطة الجنائية العربية"، وثمة خشية من تفعيل التعاون العربي على هذا الصعيد في حال عودة النظام إلى الجامعة العربية.

لكن الجباوي أعرب عن اعتقاده بأن دول العالم "باتت تدرك حيل النظام، ولن تُقدم على تسليم مطلوبين له، حتى لو طلبهم بتهم جنائية، إلا في حال كان المطلوبون معروفين على المستوى الدولي كمجرمين محترفين مثل مهربي المخدرات وسواهم". وعن قبول تركيا بمشاركة الوفد، لفت إلى أنها لا تستطيع منع مشاركة عضو من أعضاء الإنتربول، وإلا لا يمكنها استضافة هذا الاجتماع أصلاً"، مشيراً إلى أنه "على المستوى الأمني، لم تنقطع الاتصالات بين مجمل دول العالم ونظام الأسد، بغية تبادل المعلومات الأمنية".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

من جهته، رأى العميد عوض العلي، الذي تسلم سابقاً حقيبتي الدفاع والداخلية في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأهم هو قرار تفعيل مكتب سورية في المنظمة، والذي أدى إلى هذه المشاركة، أما المشاركة بحد ذاتها فلا اعتقد أن يكون لها أي انعكاس، علماً أن اللقاءات الجانبية إن تمت فإنها قد تفضي إلى بعض التفاهمات وجسّ نبض بعض الدول حول الاستجابة لطلبات النظام من عدمها". وأوضح العلي، الذي شغل منصب مدير إدارة الأمن الجنائي في دمشق قبل انشقاقه عام 2013، أن وفد النظام إلى إسطنبول كان برئاسة العميد حسين جمعة، مدير إدارة الأمن الجنائي، وعلى يمينه العقيد حسن طالوستان، رئيس فرع الإنتربول في إدارة الأمن الجنائي، إضافة الى العميد ياسر سليمان، رئيس فرع الشؤون العربية والأجنبية في شعبة الأمن السياسي.

غير أن خبراء قانونيين يرون أنه من السهل إصدار "إخطارات حمراء" من دون الحاجة إلى تقديم معلومات وافية عن الشخص المطلوب، وبالتالي فإن منظمة الإنتربول التي تعاني نقصاً في التمويل وأعداد الموظفين، لن تكون قادرة على مراجعة الطلبات بشكل صحيح، ناهيك عن أن إلغاء تلك الإخطارات في العديد من الدول، بما فيها الأوروبية، مثل هولندا وبريطانيا، يكون صعباً وبطيئاً.

وكان المكتب الإعلامي لمنظمة الإنتربول، قد قال في وقت سابق إن النظام لا يستطيع إصدار أوامر توقيف دولية، وإن الشرطة الدولية لا تصدر مثل هذه الأوامر، لافتاً إلى أن النظام لا يمكنه الوصول إلى المعلومات الموجودة في قواعد بيانات المنظمة التي تم تقييدها من قبل الدول الأعضاء الأخرى.

وأوضح المكتب أنه يمكن لأي دولة عضو أن تطلب من الأمانة العامة إصدار "نشرة حمراء"، وهو طلب موجّه إلى جهات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان شخص ما واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو استلامه، غير أن مقر الأمانة العامة للإنتربول يراجع جميع طلبات "الإشعارات الحمراء"، ولا ينشر الإشعار إلا إذا كان يتوافق مع دستور الإنتربول، والذي يحظر تماماً أي تدخّل يستند إلى أنشطة سياسية أو عسكرية أو دينية أو شخصية أو عرقية. وأوضح أنه في حال لم تكن "النشرة الحمراء" تتطابق مع القواعد المتبعة لدى المنظمة، يتم حذفها من قواعد البيانات.

من السهل إصدار "إخطارات حمراء" من دون الحاجة إلى تقديم معلومات وافية عن الشخص المطلوب

ويمكن للدول الأعضاء في الإنتربول، البالغ عددها 194 دولة، أن تطلب من المنظمة إصدار "إخطارات حمراء" للأشخاص المطلوبين، والتي تكون بمثابة طلب من حكومات الدول الأعضاء الأخرى تحديد مكان واعتقال الأفراد الذين قد يخضعون بعد ذلك لمزيد من الإجراءات مثل التسليم. وينص ميثاق تأسيس منظمة الإنتربول، التي تتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقراً لها، على أنها هيئة محايدة سياسياً، وتقول إن جميع "الإخطارات الحمراء" تخضع للمراجعة والتدقيق.

وكانت "هيئة القانونيين السوريين"، قد أوضحت في بيان، أن الإنتربول الدولي ليس جهة قانونية تنفيذية لتسليم المطلوبين، ولكن من خلاله يتم تبادل المعلومات والبيانات حول الجرائم والمطلوبين. ولفتت إلى أن تسليم المطلوبين أو المجرمين قرار خاص بكل دولة يوجد فيها المطلوب تسليمه ولا يستطيع الإنتربول تجاوز تلك الدولة ولا يستطيع تسليم المطلوب. ولفتت الهيئة إلى أن تسليم المجرمين يخضع لمبدأ المعاملة بالمثل، وفي هذه الحالة، فإن معظم ضباط ومسؤولي النظام السوري وفي مقدمتهم أكبر مسؤول أمني في دمشق، هو رئيس الأمن الوطني علي مملوك، مطلوبون بموجب مذكرات اعتقال دولية من دول كفرنسا وألمانيا وغيرهما، وبالتالي سيطلب من الإنتربول الدولي تسليمهم للعدالة في الدول التي طلبتهم ضمن الاتحاد الأوروبي. واللافت كما يشير أحد الناشطين، أن مملوك المطلوب بمذكرتي اعتقال، هو من فاوض الإنتربول على إعادة فتح مكتبها في دمشق.

المساهمون