نصر الله يوجه انتقادات لاذعة للمحقق العدلي ورسائل حكومية

08 يناير 2021
نصر الله بشأن تشكيل الحكومة: لا يجوز تحميل المسؤولية لطرف واحد (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -

دعا أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، في كلمة متلفزة له مساء الجمعة خصّصها للتحدث بالملف اللبناني والتطورات السياسية الحكومية، إلى إعلان نتائج التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وكشف الحقيقة للبنانيين وعوائل الضحايا والجرحى والمتضررين، ووجّهَ جملة انتقادات لاذعة إلى المحقق العدلي القاضي فادي صوان، متعهّداً كحزب مشارك في الحياة السياسية اللبنانية بمتابعة القضية حتى النهاية.

ويأتي تعهّد نصر الله لسببَيْن، على حدّ تعبيره، الأول "وجود أجواء بتمييع التحقيق وتضييع المسؤوليات وتضليل الحقيقة، والثاني لاستخدام القضية بهدف رمي الاتهامات ضد (حزب الله)، واستغلاله للتحريض على رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر (يرأسه النائب جبران باسيل)، من بوابة التحالف".

وأشار نصر الله إلى أنّ التحقيقات عند الجيش اللبناني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، التي اعتمدت على الإمكانات الذاتية والأميركية والفرنسية والأجنبية، انتهت، وأعطِيَت نسخ منها إلى المحقق العدلي، ولا يزال التحقيق والحقيقة طي الكتمان. 

وفي الإطار، طرح أمين عام "حزب الله" علامات استفهام كثيرة حول الأسباب التي تحول دون إعلان الحقيقة، وما إذا كان الانفجار ناجماً عن وجود صواريخ أو ذخائر، أو مواد عسكرية متفجرة، أو طائرة ضربت المرفأ، أم عملية تخريبية بعبوة ناسفة أو سيارة مفخخة، أم عمل عدواني تخريبي، أم أنه يعود إلى الإهمال؟!

وسأل الأمين العام: "الحقيقة موجودة في التحقيق، لماذا إخفاؤها؟ لماذا إبقاء الملف مفتوحاً للتضليل والتزوير والتحريض الطائفي والاستهداف السياسي؟"، مضيفاً: "بعد 5 أشهر على الانفجار، لم نعرف بعد من أتى بمواد نترات الأمونيوم، ولمصلحة من، وكيف مرّت على الأساطيل الأميركية والأوروبية ويونيفيل من دون مصادرتها؟ من استلمها؟". 

ويردّ بذلك نصر الله على الاتهامات التي طاولته بـ"إدخال النترات إلى مرفأ بيروت الذي يملك كامل السيطرة عليه، ولا يمكن لأي غرض أن يدخل من دون علمه أو رقابته، ويستخدمه كما معابر أخرى، خصوصاً غير الشرعية، لعملياته المالية والعسكرية، ولا سيما بينه وبين النظام السوري برئاسة بشار الأسد".

من جهة ثانية، اعتبر نصر الله أن مسار التحقيق القضائي حتى الساعة لا يقارب هذه الأسئلة، بل يقتصر على تحديد المسؤوليات الإدارية، وكأن المسألة حُسِمَت بأن الانفجار ناجم عن إهمال.

وطالب الأمين العام المحقق العدلي القاضي فادي صوّان بـ"إطلاع اللبنانيين على حقيقة ما حصل، وتحديد المسؤوليات لسجن المسؤولين مهما كانت طوائفهم وانتماءاتهم السياسية، إذ هناك ارتياب بطريقة عمله، وهذا الملف يقتضي التعاطي معه بعدالة ونزاهة، لا على طريقة 6 و6 مكرّر، والاستمرار بهذا الأسلوب لن يؤدي إلى أي نتيجة". من هنا، يطالب نصر الله صوّان بتصحيح المسار في التحقيق والمجال القضائي.

اعتبر نصر الله أن مسار التحقيق القضائي حتى الساعة لا يقارب الأسئلة الحقيقية، بل يقتصر على تحديد المسؤوليات الإدارية، وكأن المسألة حُسِمَت بأن الانفجار ناجم عن إهمال

حكومياً، ردّ نصر الله كل الاتهامات التي تطاول حزب الله بتعطيل تشكيل الحكومة لحسابات المنطقة والإقليم، والانتخابات الرئاسية الأميركية، أو لأي اعتبارات خارجية، مؤكداً أن الخارج غير مهتمّ الآن بلبنان، متوجهاً لمن يربط التأخير بإمكان حصول مفاوضات إيرانية أميركية بالقول: "لا مفاوضات لا على لبنان أو سورية أو العراق... وأنتم تنتظرون شيئا من دون أفق"، داعياً في هذا السياق إلى تجاوز الاعتبارات الخارجية والتركيز على الجانب الداخلي والتفاهم.

ورأى نصر الله أنه لا يجوز تحميل المسؤولية لطرف واحد في تأخير تشكيل الحكومة، فهناك مخاوف عند بعض الأطراف، ولا سيما في فتح الملفات، وكذلك حسابات ومطالب، وهناك تيارات سياسية تعتبر نفسها مستهدفة بأصل وجودها"، قاصداً بذلك العهد، أي الرئيس عون وصهره باسيل، نتيجة الحملة الشرسة عليهما، وتريد ضمانات مقابلة، لفك أزمة الثقة والمخاوف، ويجب حلّ هذه الأمور لأن الحكومة مهمة وضرورية لوضع البلد على المسار الصحيح، علماً أن لا عصا سحرية بيدها.

في ملف الفساد، اقترح نصر الله اعتماد معيار واحد لفتح الملفات، أو وحدة المعايير، ومنها الزمنية، بشكل يقضي على المخاوف من التسييس والتطييف، أو ذرائع الاستهداف، مشيراً إلى أنّ إزالة إسرائيل أسهل من إزالة الفساد المتجذر في لبنان.

وعرّج خلال كلمته على ملف مؤسسة القرض الحسن المدرجة على لائحة وزارة الخزانة الأميركية للعقوبات، والاتهامات التي تطاولها بتمويل "حزب الله" بطرق غير شرعية، وتبييض الأموال، وقال: "إن المؤسسة ليست مصرفا، لا تدفع فائدة، ولا تأخذ فائدة، وليس لديها ربح لتدفع الضرائب، وبلغ مجموع المساهمات والقروض أكثر من 3 مليارات دولار، وإجمالي عدد المستفيدين من القرض الحسن مليون و800 ألف مستفيد".

وأضاف: "إن العقوبات الأميركية على (حزب الله) والمقربين منه وأداء المصارف اللبنانية، التي كانت ملكية أكثر من الأميركيين، ساهمت في التوجه نحو القرض الحسن"، داعياً "الإخوة ممن لديه أموال في البيت ليضعها في القرض الحسن رداً على هذه الهجمة الأميركية وبعض اللبنانيين".

وشملت كلمة نصر الله رداً على شحنة الكبتاغون التي ربطت به في إيطاليا، مؤكداً أن لا مصدر رسمياً إيطالياً اتهم "حزب الله". كما خصّص بعض الوقت لملف كورونا والأحداث الأميركية الأخيرة.

في سياق آخر، كان لافتاً توجه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى تركيا اليوم، وذلك بعد ساعات على وصوله إلى لبنان، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، وجرى خلال اللقاء، الذي استمر ساعتين وتخلله غداء عمل، عرض مفصل لآخر التطورات الإقليمية والتحديات المتعددة وسبل التعاون بين دول المنطقة لمواجهتها.

وتطرق الرئيسان، وفق ما نشر حساب الحريري عبر "تويتر"، إلى العلاقات الثنائية بين لبنان وتركيا، وسبل دعم جهود وقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت فور تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان.

المساهمون