أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، اليوم الإثنين، بشكل رسميّ دعم ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في لبنان، مقفلاً الباب أمام حليفه الثاني رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي "لا فرص له بالفوز"، وفق تعبيره.
ويأتي موقف نصر الله غداة إعلان رئيس البرلمان نبيه بري للمرة الأولى وبشكل مباشر ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وقطعه الطريق أيضاً على وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يُعدّ أبرز المنافسين على كرسي الرئاسة، والأوفر حظاً داخلياً وخارجياً. وجاء ذلك بإشارة بري إلى صعوبة إجراء تعديل دستوري في ظل حكومة تصريف أعمال، في مواقف عرّضته لحملة انتقادات باعتبار أنه رئيس المجلس النيابي المفترض به إدارة جلسات الانتخاب، والتي أوقفها قبل أكثر من شهر، حتى الوصول إلى توافق سياسي.
ولا يأخذ بري ونصر الله أيضاً مرشح الأحزاب المعارضة النائب ميشال معوض على محمل "الجدّ"، ويعتبرونه "مرشح تحدي"، وقد وصفه بري أخيراً بـ"التجربة الأنبوبية". وولّد موقفه ذاك صراعاً سياسياً مترافقاً مع اتهامات متبادلة، على خطّي "الموالاة والمعارضة"، التي أعلن أبرز أركانها، حزبا "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع)، و"الكتائب اللبنانية" (برئاسة النائب سامي الجميل)، وبعض النواب التغييريين والمستقلين، مقاطعة أي جلسة يمكن أن تؤدي إلى انتخاب فرنجية رئيساً، وذلك في موقف لم يلاقِهم فيه رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، رغم أنه يصطف مع المعارضين.
وكشف نصر الله، في كلمة له مساء اليوم الاثنين، خلال احتفال تكريمي نظمه "حزب الله" بمناسبة "يوم الجريح"، ما دار من حديث في جلسة طويلة استمرّت حتى منتصف الليل بينه وبين باسيل، أخبره فيها بأنه "بالنسبة إلى حزب الله فإن المواصفات التي نريدها والتي ذكرناها في الإعلام، تنطبق عليك وعلى فرنجية، أي عدم طعن المقاومة في ظهرها، والشجاعة والثبات وطبعاً التواصل مع جميع الأطراف والإنقاذ وأن يكون صاحب رؤية وغيرها من المواصفات، ولكن بما أنك قلت منذ البداية إنك لا تريد الترشح وإن لا فرص لديك، وهذا صحيح وواقعي بعيداً من العواطف، فإن فرنجية هو المرشح الطبيعي الذي ندعمه".
وأكد نصر الله لباسيل ألا وجود لخطة "باء"، التي تعتبر بمثابة تخل عن فرنجية، مذكراً بعدم وضع خطة "باء" إبّان دعم ترشيح ميشال عون حينها لرئاسة الجمهورية، مع العلم أن انتخابه كلّف تعطيل البلد لأكثر من سنتين.
ولفت نصر الله إلى أن الجلسة خلصت إلى الاتفاق بعد النقاش مع باسيل إلى أن للبحث صلة، في حين لوّح الأمين العام إلى ظلم ارتكب بحق عون من قبل التيار نفسه، أي بتحميله أكثر مما يحمل، بإطلاق وعود لا يمكن أن يتحملها رئيس الجمهورية تبعاً لصلاحياته، بل هي تتصل بالسلطة التنفيذية مجتمعة.
وأكد نصر الله أن النصاب الوحيد الذي يتمسّكون به هو غالبية الثلثين، أي 86 نائباً من أصل 128، سواء في الدورة الأولى أو الدورات اللاحقة، حتى لو كان باستطاعة فرنجية أن يؤمن 65 صوتاً من الدورة الثانية، أي النصف + 1، مع العلم أن هناك إشكالية كبيرة بين القوى السياسية في لبنان حول النصاب القانوني الواجب اعتماده في الدورة الثانية، والذي تتمسك القوى المعارضة بأنه النصف + 1، متهمة رئيس البرلمان بفرضه نصاب الثلثين، من بوابة تعطيل الجلسات حتى انتخاب مرشح المنظومة.
وأشار نصر الله في كلمته إلى أن اللبنانيين أمام خيارين، الأول عدم توافر النصاب، الأمر الذي يمكن أن يستمرّ لأشهر وحتى سنوات، أو إعلان المرشحين الجديين الحقيقيين، من دون أن يختبئ أحد خلف أسماء للمناورة، والذهاب بالتالي إلى مجلس النواب، فإذا حصل النصاب، نسير بالانتخاب، وإذا لم يحصل وتفادياً للوقوع بالخيار الأول، نذهب إلى الحوار وربما نصل للتسوية.
وتابع نصر الله قائلا "نريد جدياً انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً أن مدخل إعادة تكوين السلطة، تنفيذياً وتشريعياً، يكون بانتخاب الرئيس"، وجدد رفضه تدخل الخارج لفرض رئيس على لبنان، أو وضعه فيتوات على أسماء معينة، مشيراً في المقابل إلى قبول المساعدة فقط من بوابة تقريب وجهات النظر.
وقال نصر الله "عندما نتخلى عن الورقة البيضاء ونكتب اسم المرشح الذي ندعمه على الورقة فهذا يكون التزاما جديا من قبلنا، فلا نناور ولا نضيع الوقت، ولا نحرق أسماء مرشحينا"، مشدداً على أن "فرنجية ليس مرشح حزب الله، بل المرشح الطبيعي الذي يدعمه الحزب في الانتخابات الرئاسية".
وجدد الأمين العام لـ"حزب الله" حرصه على استمرار التفاهم بينه وبين "التيار الوطني الحر" القائم منذ 6 فبراير/ شباط 2006، مضيفا "التفاهم لم يحولنا إلى حزب واحد، بل نحن حزبان، وليس هناك ما يلزم الآخر على اسم رئيس الجمهورية أو البرلمان أو الحكومة"، وختم بالقول إن "دعم ترشيح عون لم يكن نتيجة التفاهم، بل باعتباره مرشحاً طبيعياً للرئاسة وهو حال فرنجية".