نتنياهو يقلّد شارون: ربط داعش بحماس و11 سبتمبر بالانتفاضة

24 اغسطس 2014
إسرائيل تشوه صورة حماس في الغرب (محمد تالاتيني/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تشن أوساط الحكم في تل أبيب، والنخب الصهيونية حملة دعائية متكاملة في محاولة تجنيد الحكومات والرأي العام في الغرب لتأييد مطالبتها بنزع سلاح حركة "حماس" في أية تسوية لإنهاء العدوان الحالي على القطاع، من خلال الربط بين الفعل الذي تمارسه "حماس" ضد الاحتلال، وما يقوم به تنظيم "داعش".
وبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشكل واضح في محاولة توظيف هذا الربط، عندما عرض على حسابه على "تويتر"، أمس الجمعة، صورة الصحافي الأميركي جيمس فولي الذي أعدمه "داعش"، حيث زعم أن إسرائيل تواجه "الشق الفلسطيني لداعش"، ممثلاً في "حماس". ورداً على سؤال مراسلة إحدى القنوات التلفزيونية الأوروبية في المؤتمر الصحافي الذي عقده، مساء الأربعاء الماضي، قال نتنياهو: نحن بحاجة إلى دعم العالم الحر، يتوجب رص الصفوف في مواجهة الإسلام المتطرف، فنحن نقاتل حماس التي تماثل داعش، حماس وداعش يتشاركان الأيدلوجية الظلامية نفسها، التي لا تعرف إلا القتل والدمار. بالطبع، يتجاهل نتنياهو حقيقة أنه تنفيذ تعليماته، فقد طحنت قنابل وسلاح الجو الصهيوني رؤوس 546 طفلاً و325 امرأة و257 مسناً، فضلاً عن أن خمسة عشر صحافياً فلسطينياً وأجنبياً قتلوا بنيران جيشه خلال هذه الحرب فقط.

ولا يتردد كبار المسؤولين الصهاينة في توظيف سلوك "داعش" لحشد الغرب إلى جانب إسرائيل في مواجهة "حماس"، فقد ذهب وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بعيداً عندما زعم أن كلاً من "حماس" و"داعش" تخططان لفرض الإسلام على الغرب بالقوة. وفي مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، ليلة الأربعاء الماضي، قال بينيت للصحافية التي كانت تحاوره إن "حماس مثل داعش تريد أن تفرض عليك اعتناق الإسلام، وإذا رفضت فمصيرك الموت، لذا يحظر علينا وعليكم السماح لها بتعزيز قوتها". وهناك في إسرائيل من يعتبر أن إضعاف "حماس" عسكريّاً يمثل متطلباً للانتصار في الحرب بين الغرب والإسلام "المتطرف".
وفي مقال نشرته الخميس الماضي صحيفة "يسرائيل هيوم"، المقربة من ديوان نتنياهو، كتب الدبلوماسي بوعاز بسموت بالحرف الواحد، "على الغرب أن يدرك أننا في الجبهة نفسها في مواجهة الإسلام الجهادي، وعلينا ألا نتردد في إشراك الحكومات الغربية والمجتمع الدولي في هذا الصراع".

وامتدح الكاتب اليميني، أمنون لورد، "إسهام" نتنياهو في إبراز مخاطر "التنظيمات الجهادية"، مشدداً على أن نتنياهو في مواجهته "حماس"، يقود حرباً باسم الغرب كله. وفي مقال نشره موقع صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية، أمس الجمعة، قال لورد: إن إسرائيل أخذت على نفسها مهمة مواجهة "وهزيمة" الإسلام المتطرف، مستهجناً أن تتصاعد الدعوات في الغرب لمحاكمة قادة إسرائيل بسبب الجرائم التي ارتكبها جيشها خلال الحرب على غزة.

وطالب لورد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ومستشارة ألمانيا، إنجيلا ميركيل، بتدشين حلف مع إسرائيل ودعمها في مواجهة "الإسلام المتطرف النازي الذي يدار من قطر وتركيا وإيران"، على حد تعبيره. وشكك لورد في رغبة أوباما في دفع الثمن الذي تتطلبه مواجهة التنظيمات الإسلامية، قائلاً: إن أوباما يتصرف كطفل صغير، ويتهرب من واجباته في مواجهة الإسلام المتطرف.

ومن الواضح أن نتنياهو يحاول تكرار ما قام به سلفه أرييل شارون، الذي استغل أحداث 11 سبتمبر/أيلول ليجند دعم الغرب في حربه ضد المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى، من خلال الربط بينها وبين تنظيم "القاعدة" المسؤول عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وكان شارون يصر في كل مقابلة مع قنوات التلفزة الأجنبية على تكرار العبارة ذاتها: "ياسر عرفات، أحمد ياسين، أسامة بن لادن". يُذكر أنه على إثر أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وبفعل الجهد الدعائي والسياسي الصهيوني المكثف، أعلن الاتحاد الأوروبي عن حركة "حماس"، كحركة "إرهابية". ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تم اعتبار "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكري لحركة "فتح" تشكيلاً إرهابياً بحسب التصنيف الأوروبي. وقد وظف شارون الغطاء الذي منحه إياه الأوروبيون والأميركيون في تنفيذ أكبر عدد من عمليات الاغتيال التي طالت قادة حركات المقاومة، وعلى رأسهم الشيخ أحمد ياسين، وقيادات الصف الأول في حركة "حماس"، وتصفية أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو علي مصطفى.

ومما لا شك فيه أن شارون وظف المناخ الذي أوجدته أحداث 11 سبتمبر/أيلول في إحداث أخطر تغيير في نظام السلطة الفلسطينية السياسي، حيث اقنع إدارة الرئيس جورج بوش، بفرض تعديل على القانون الأساس للسلطة، وهو التعديل الذي تم بموجبه استحداث منصب رئيس الوزراء، الذي فصل على مقاس رئيس السلطة الحالي، محمود عباس، والذي تولى مقاليد الأمور بعد حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات وتسميمه.

المساهمون