نتائج الانتخابات في كركوك العراقية تُعقّد تشكيل حكومتها: لا حل إلا بتوافق مكوناتها القومية
تؤكد قوى سياسية عراقية مختلفة، صعوبة حسم تشكيل حكومة محافظة كركوك المحلية، مقارنة بباقي محافظات العراق، بسبب التجاذب بين مكونات المحافظة القومية، فضلاً عن النتائج المتقاربة في الانتخابات المحلية التي أجريت الاثنين الماضي، فيما يعتبر مراقبون أن تشكيل حكومة كركوك وتوزيع المناصب بات أمراً غير ممكن من دون توافق بين المكونات.
وشهدت كركوك أعلى نسب مشاركة على مستوى العراق في الانتخابات المحلية التي أجريت الاثنين الماضي، إذ حازت على استقطاب قومي بين مكوناتها، فقد حصلت الكتل العربية، التي دخلت في ثلاث قوائم، على 6 مقاعد من أصل 16 مقعداً، بينما حصل الأكراد على 7 مقاعد والتركمان على مقعدين والمكون المسيحي على مقعد واحد.
ووسط هذه النسب المتقاربة، لم تحقق أي من المكونات طموحاتها في الحصول على المناصب المهمة، فيما بدأت اتصالات وحوارات تمهيدا لتشكيل الحكومة.
تحالف "نبني": منصب المحافظ سيبقى عربياً
ووفقا لعضو تحالف "نبني" (جزء من الإطار التنسيقي) علي الزبيدي، فإنّ "الحراك السياسي متواصل للإعلان عن تحالف سياسي جديد لتسمية محافظ كركوك المقبل، وإنّ المنصب سيبقى عربياً ولن يتم منحه الى الجهات السياسية الأخرى (في إشارة الى الكرد)".
وقال في تصريح صحافي مساء أمس الأحد، إنّ "الأحزاب الكردية لن تأخذ سوى استحقاقها الدستوري والانتخابي فقط، وإنّ الهيمنة وفرض الإرادات التي مارستها الأحزاب الكردية في الفترة السابقة لن تعود مجدداً إلى كركوك" وفقاً لقوله.
وأضاف أنّ "هناك توافقاً بين القوى العربية على عدم منح مناصب سيادية في مجلس محافظة كركوك إلى الكرد"، مشدداً أن "المحافظة ستبقى عراقية، ولن نسمح بتمرير مخططات التلاعب بديمغرافيتها أو مكوناتها".
الاتحاد الوطني الكردستاني: منصب المحافظ من حصة الكرد
في المقابل، أكد الاتحاد الوطني الكردستاني أن منصب محافظ كركوك هو من حصة الكرد ولن يتخلى عنه، وقال القيادي في الحزب، ستران عبد الله، إنّ "منصب المحافظ هو من حصة الكرد، وإنّ شكل إدارة الحكم في كركوك سيكون بمشاركة الجميع، متوقعاً بدء الاتحاد اجتماعاته مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد عطلة رأس السنة".
وأضاف في تصريح لمحطة إخبارية محلية، أمس الأحد، أن "حصول الاتحاد الوطني الكردستاني على أكثر المقاعد في مجلس محافظة كركوك هو كما أعلنه الاتحاد في بداية حملة الانتخابية حينما قلنا إننا سنحصل على أغلبية المقاعد بين القوى المتنافسة".
وبيّن أن "نتائج الانتخابات تؤشر إلى أن منصب المحافظ من حصة الكرد ومن حصة الاتحاد الوطني تحديداً، فيما سيكون نظام حكم المدينة حكما بمشاركة جميع المكونات"، مشيراً إلى أن "الاتحاد سيبدأ مفاوضاته مع الأطراف السياسية، وسيبدأ قبل كل شيء التفاوض مع الحزب الديمقراطي لتوحيد البيت الكردي، وبعدها مع المكونات الأخرى، كون جميع الجهات الفائزة في الانتخابات من حقها إدارة كركوك".
وبين أن "الجهات الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات لن تهمش أحداً، بل ستشارك في إدارة المحافظة، وأن الباب مفتوح أمام جميع الأطراف لتشكيل ائتلاف يضمن مشاركة الجميع في إدارة المحافظة".
نتائج الانتخابات تفرض التوافق السياسي
من جهته، أكد الباحث في الشأن الكردي، محمود الجاف، خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن "نتائج الانتخابات جعلت التحدي في كركوك كبيرا، وأن التقارب في الأصوات بين العرب والتركمان من جهة والكرد (الحزبين الرئيسيين) إذا ما أضفنا لهم مقعد المسيحيين، يفرض على الجميع التوافق السياسي".
وأضاف: "سيبقى من الصعب أن نجد حكومة محلية من دون المكونات الرئيسية، إذ إن الوضع خاص والفيصل ضمن اتفاق سياسي شامل، ومن الضروري أن يتحالف الحزبان الرئيسيان الكرديان أولا، وليس أمامهما سوى الاتفاق".
وشدد على أن "المنصب الأهم في كركوك هو منصب المحافظ، ومن غير التوافق مع بقية المكونات لا يمكن لأحد أن يشكل الحكومة" مشيراً إلى أن "الأجواء إيجابية بين الحزبين الكرديين، كما أنها إيجابية بين العرب والتركمان... على الجميع أن يؤمنوا بأنه من غير التوافق لا يمكنهم تشكيل حكومة محلية بالمحافظة".
وعقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لم تشهد كركوك سوى انتخابات محلية واحدة في عام 2005، كانت مثار جدل بين مكونات المحافظة التي يسكنها خليط من العرب والتركمان والأكراد إضافة إلى أقلية مسيحية.
وفي انتخابات 2005 كانت الأمور تسير لصالح الأكراد، الذين فرضوا سيطرتهم الأمنية على المحافظة مستغلين الأوضاع المرتبكة لبغداد وموجة العنف التي ضربت مناطق واسعة من البلاد.
ويتهم العرب والتركمان القوى السياسية الكردية بالتلاعب بسجلات الناخبين، وإشراك عشرات آلاف المواطنين الأكراد الذي قدموا من محافظات أخرى، ما رجح كفة الأحزاب الكردية ومنحهم نصف المقاعد في مجلس المحافظة، ومكنهم من السيطرة على الحكومة المحلية في تلك السنوات.
واستمرت سيطرة الأكراد متمثلة بحزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" على كركوك حتى عام 2017. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2017 فرضت بغداد سيطرتها على كركوك بعد أن كانت تدار أمنياً وإدارياً من إقليم كردستان.