نتائج الانتخابات الفرعية في بريطانيا: استقالة رئيس حزب المحافظين وتزايد الضغوط على جونسون
أعلن رئيس حزب المحافظين في بريطانيا أوليفر دودن اليوم الجمعة استقالته، بعد سلسلة من "النتائج السيئة جداً"، من بينها هزيمة مرشحي الحزب في اقتراعين فرعيين الخميس.
وكتب دودن في رسالة إلى رئيس الحكومة بوريس جونسون أن هذه الهزائم "هي الأخيرة في سلسلة من النتائج السيئة جداً لحزبنا"، مضيفاً "لا يمكننا الاستمرار وكأن شيئاً لم يكن، ويجب على أحد ما تحمل مسؤولية ذلك".
ويفقد جونسون فرص النجاة واحدة تلو الأخرى وبسرعة أكبر من أن تتناسب مع التدنّي الذي وصلت إليه شعبيته، إن كان لدى الرأي العام البريطاني أو لدى الكثير من نوّاب حزبه. خسارة جديدة مني بها "حزب المحافظين" صباح اليوم في الانتخابات الفرعية التي شهدتها ثلاث مناطق، واحدة غربي يوركشاير في ما يسمّى بالجدار الأحمر وأخرى في ديفن المعروفة بالجدار الأزرق، بعد خسارته مقعدين برلمانيين مهمّين للغاية في معركة استراتيجية يخوضها جونسون للبقاء في السلطة.
وفي حين كان فوز "حزب العمّال" متوقّعاً في ويكفيلد غرب يوركشاير، حطّم "الحزب الديمقراطي الليبرالي" جدار المحافظين الأزرق في عقر دارهم في تيفرتون وهينتون، محقّقاً "انتصاراً تاريخياً" كان قد لمّح إليه منذ أيام وسط شكوك كبيرة في قدرته على تحقيقه.
وبعد أقل من ساعة على نشر النتائج "الموجعة" لـ"المحافظين" ولزعيمهم، سارع رئيس الحزب أوليفر دودن إلى الاستقالة، مبدياً "خيبته" ومعلناً عن ولائه للحزب وليس لزعيمه، خاصة بعد تصريحات جونسون ليلة البارحة من كيغالي حيث يقوم بزيارة رسمية لثمانية أيام، إذ قال إنه "من الجنوني" بالنسبة إليه أن يستقيل من منصبه حتى لو خسر كلا المقعدين.
استقالة دودن لا تحمل اليوم الكثير من المعاني فهي تأتي بعد أن شهد الحزب الكثير من الاستقالات الأخرى القاسية لمقرّبين من جونسون وآخرها كان استقالة كريستوفر جيدت مستشار السلوك الوزاري أو مستشار الأخلاقيات كما يُطلق حرفياً على المنصب في بريطانيا. أي أن الاستقالات اليوم هي مجرّد أرقام جديدة تضاف لسجل المصائب التي يعيشها "حزب المحافظين" بسبب الخروقات المستمرة لزعيمه وإصراره على البقاء في منصبه في لحظة تبدو الأصعب وسط أزمات داخلية مقلقة.
وكما أن جونسون هو أول رئيس وزراء بريطاني يخرق القانون وتصدر الشرطة بحقّه غرامة، فإن "حزب المحافظين" هو أول حزب حاكم يُبلى بهزيمة مزدوجة في انتخابات فرعية منذ عام 1991.
لا سمات سياسية مشتركة بين المناطق الثلاث، إذ إن ويكفيلد معروفة تاريخياً منذ عام 1932 بانتمائها للجدار الأحمر لـ"حزب العمال"، وكانت الانتخابات العامة سنة 2019 الفرصة الأولى التي استطاع فيها "المحافظون" انتزاع المقعد من معارضيه بعد أن صوّتت المنطقة على استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي.
"حزب المحافظين" هو أول حزب حاكم يُبلى بهزيمة مزدوجة في انتخابات فرعية منذ عام 1991
أما المنطقتان الريفيتان تيفرتون وهونيتون فمعروفتان بانتمائهما للجدار الأزرق لحزب المحافظين منذ عشرينيات القرن الماضي، إلا أن ما يجمع بين تلك المناطق اليوم هو جغرافيا المعاناة اليومية من أزمة المعيشة التي لم تجد لها الحكومة بعد حلولاً جذرية. إضافة إلى أن الانتخابات الفرعية أجريت في هاتين المقاطعتين على خلفية استقالة نائبين محافظين لأسباب غير "مشرّفة" على الإطلاق.
في ويكفيلد استقال النائب المحافظ السابق عمران أحمد خان على خلفية إدانته في قضية الاعتداء الجنسي على طفل في الخامسة عشرة من عمره عام 2008. بينما استقال حديثاً عن تيفرتون وهونيتون عضو حزب المحافظين نيل باريش بعد اعترافه بمشاهدة مقاطع إباحية على هاتفه الجوال مرتين أثناء وجوده في مجلس العموم.
وفي حين أشارت الأحداث الماضية من الاستقالات إلى تصويت حجب الثقة عن جونسون إلى تحقيقات الشرطة وتقرير "سو غراي" إلى تراجع شعبية جونسون في الشارع البريطاني وفي حزبه، تشير النتائج الكارثية التي مني بها المحافظون اليوم إلى استعادة "حزب العمّال" قدرته على خوض منافسة قوية مع الحزب الحاكم في الانتخابات العامة المقبلة المقررة في يناير/ كانون الثاني 2025. كما تشير إلى أن "الحزب الديمقراطي الليبرالي" يستغلّ بشكل جيد الفراغ الذي أحدثه الحزبان الرئيسيان وعجزهما عن تلبية مطالب الناخبين بالنسبة لـ"حزب المحافظين" أو عن اقتراح سياسات بديلة بالنسبة لـ"حزب العمال".