ناخبو حزب المحافظين البريطاني فقدوا ثقتهم في ثمار "بريكست"

09 يناير 2023
اعتبر 57% من المستطلعة آراؤهم أن بريكست تسبّب بمشاكل خطيرة لبريطانيا (Getty)
+ الخط -

وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أوبينيوم" أن 33% من الناخبين المحافظين فقدوا ثقتهم في مزايا خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، مؤكّدين أن هذا القرار خلق مشاكل أكثر مما أوجد حلولاً لها مقابل 22% يعتقدون أن الخروج أوجد حلولاً لمشاكل كثيرة، بينما وجد 57% من عموم الناخبين أن "بريكست" تسبّب بمشاكل خطيرة ولم يساهم في إيجاد أي حلول.

وكان الخلاف المستمر بين الحكومة البريطانية وبروكسيل حول بروتوكول أيرلندا الشمالية، هو الشاغل الأكبر بالنسبة للمصوّتين "المحافظين"، حيث عبّرت الأغلبية منهم عن خشيتها من أن تتسببّ المفاوضات العالقة والمعلّقة بالمزيد من "الفتنة" بين أيرلندا الشمالية وباقي أجزاء المملكة المتحدة، إضافة إلى تصاعد القلق بشأن الإجراءات الروتينية المكلفة والتي تؤثر على التجارة بين المملكة والبلدان الأخرى وسط أزمة اقتصادية خانقة، وجاءت صعوبة العمل في الخارج والقيود على حرية التنقّل في المرتبة الثالثة من "الخيبات" التي تعتري الناخبين المحافظين.

واعتبرت نعومي سميث، الرئيسة التنفيذية لمجموعة Best for Britain، والتي أجري الاستطلاع لصالحها، أن "استطلاعاتنا تُظهر بوضوح إدراك عموم الناخبين لحقيقة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل المملكة أكثر فقراً وأضعف قدرة على المنافسة وأقلّ جاذبية للشركات والاستثمارات"، كما دعت أولئك الذي "يدّعون تمثيل الناخبين" إلى التوقّف عن "إهانة ذكائنا والبدء بتوثيق العلاقات مع أوروبا".

وكان رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، لمّح نهاية العام الفائت إلى رغبته بتبنّي النموذج السويسري في توثيق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن الجناح اليميني في الحزب جدّد رفضه لمثل هذه النوايا منتهزاً الفرصة للمطالبة مجدّداً بعودة الزعيم السابق بوريس جونسون.

وفي أول خطاب له هذا العام، قال سوناك إن بلاده "تغتنم فرصة الخروج من الاتحاد الأوروبي لتحقيق المكاسب ولضمان مرونة النظام لصالح الابتكار"، إلا أن المكاسب التي يسعى إليها الجناح اليميني لـ"حزب المحافظين" باتت بالنسبة إلى شريحة كبيرة ومؤثّرة من الناخبين البريطانيين مجرّد خسائر إضافية؛ حيث إن إيقاف عبور القوارب الصغيرة المحمّلة بالهاربين من الحروب والدمار في بلادهم، بات هو المكسب الأول الذي تسعى إليه حكومة المحافظين وتدافع عنه في كل مناسبة ممكنة، بينما لم تعد قضية الهجرة ذات أهمية بالنسبة لملايين الناخبين الذين تراجعت مخاوفهم من المهاجرين، وهم الذين يكافحون اليوم في سبيل تأمين لقمة العيش ودفع فواتير الطاقة لتدفئة أطفالهم وسط حركة إضرابات غير مسبوقة تشلّ القطاعات الحيوية، لا سيما قطاع الصحة.

وليست السيطرة على الحدود هي الوهم الوحيد الذي يروّج له سوناك والجناح اليميني في الحزب، بل السيطرة على "اقتصادنا" أيضاً، في الوقت الذي تعيش فيه بريطانيا أكبر أزمة اقتصادية موجعة منذ عقود، وفي الوقت الذي بات فيه واضحاً الأثر الرجعي الذي تعاني منه البلاد بسبب "بريكست" وما ارتبط به من عمليات جمركية وتعقيدات على التجارة والاستيراد والتصدير، ما ترك بريطانيا الأسوأ اقتصادياً بين مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين.

واعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن الخطأ الذي ارتكبته الحكومة البريطانية في قرارها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ينقسم إلى جزأين: الأول يتعلق بالخروج نفسه، والثاني بالرفض "الفاضح" للاعتراف بخطأ الخروج. وأشارت الصحيفة إلى أن استطلاعات الرأي الخاصة بها تُظهر أن أغلبية الناخبين يرون في "بريكست" كارثة لا يمكن التخفيف من حدّتها، بل وإنهم يدعمون أيضاً إجراء استفتاء جديد.

وفي سياق متصل، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة "يوغوف" أن العامل الاقتصادي وغلاء المعيشة هما من ضمن الأسباب الأبرز التي دفعت عموم الناخبين ممن صوّتوا لصالح "بريكست" إلى تغيير آرائهم وتوجّهاتهم في هذا الإطار. وفي حين غيّر 25% من المستطلعين آراءهم حول "بريكست" لأن "الأمور ازدادت سوءاً" بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ لم يكن عامل الهجرة دافعاً لتغيير الرأي سوى لدى 4% فقط من المشاركين. ولدى سؤال المشاركين عمّا إن كانت الحكومة قد أحسنت التعامل مع ملف الخروج، رأى 66% أنها لم تفعل، مقابل 22% فقط وجدوا أنها فعلت.

وتعمل الحكومة حالياً على مراجعة أو إلغاء ما يقرب من 4 آلاف قانون من قوانين الاتحاد الأوروبي التي لا تزال سارية حتى الآن، على أن تنتهي من هذه المهمة بحلول نهاية العام الجاري. إلا أن سوناك أشار إلى إمكانية تأجيل البتّ بالقرارات المتعلقة بقوانين الاتحاد الأوروبي حتى يونيو/حزيران 2026، أي إلى ما بعد الانتخابات العامة المقبلة المقرّرة بعد عامين على أبعد تقدير.

المساهمون