صعّدت الشرطة في ميانمار، اليوم السبت، حملتها القمعية ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب العسكري هذا الشهر، وانتشرت في وقت مبكر، بينما سعى المتظاهرون إلى التجمع في أكبر مدينتين في البلاد.
وكثّفت السلطات تدريجياً استخدام القوة لقمع المحتجين، فلجأت إلى الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق بعض الاحتجاجات، كما استُخدم الرصاص الحي في حالات معزولة.
وبدأت الشرطة في رانغون الاعتقالات في وقت مبكر اليوم عند تقاطع مركز هليدان، الذي أصبح نقطة تجمع للمحتجين الذين ينتقلون بعد ذلك إلى أجزاء أخرى من المدينة. واتخذت الشرطة إجراءات مماثلة في الأحياء السكنية.
واستخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لتفريق محتجين تجمّعوا عند تقاطع مياينيغون، الذي شهد صدامات استمرت لساعات في اليوم السابق. وهتف المحتجون بينما طاردتهم الشرطة "ماذا تفعل الشرطة؟ إنها تحمي دكتاتورا مجنونا".
واحتشد المئات من المنتمين إلى عرقية المون في المكان السبت للاحتفال بـ"يوم مون الوطني"، وانضم إليهم أفراد أقليات عرقية أخرى للاحتجاج على الانقلاب. وانتشروا في أحياء سكنية صغيرة حيث أقاموا حواجز موقتة من الأسلاك الشائكة والطاولات لمنع الشرطة من التقدم. وارتدى كثيرون قبّعات صلبة ووضعوا أقنعة واقية من الغاز، بينما حملوا دروعاً صنعوها يدوياً لحماية أنفسهم. وأكد مسؤول في الشرطة أنه تم توقيف 15 شخصاً على الأقل.
Myanmar riot police charge against protesters as they try to stop more than three weeks of daily protests against the army’s coup. One woman was killed today. @Reuters video #WhatsHappeningInMyanmar pic.twitter.com/4Lt38xSBgF
— Matthew Tostevin (@TostevinM) February 27, 2021
وبث صحافيون محليون مشاهد الفوضى عبر "فيسبوك"، بما في ذلك لحظة إطلاق الرصاص التي كان مراسلو وكالة "فرانس برس" في المكان شهوداً عليها كذلك. وقال المتظاهر مو مو (23 عاماً) مستخدماً اسماً مستعاراً "سنحاول إيجاد طريقة أخرى للتظاهر. بالطبع نشعر بالخوف من حملتهم الأمنية. نريد القتال إلى أن ننتصر". وكان من بين الموقوفين ثلاثة صحافيين هم مصوّر يعمل لدى وكالة "أسوشييتد برس" وصحافي يعمل في قسم الفيديو لدى "ميانمار ناو" ومصور من "وكالة برس فوتو في ميانمار".
At today's protests, "three journalists were among those detained - an Associated Press photographer, a video journalist from Myanmar Now, and a photographer from the Myanmar Pressphoto Agency." But, no, the junta won't be able to cover up its crackdown. https://t.co/yISzcNzyFS pic.twitter.com/12xToLh1zp
— Kenneth Roth (@KenRoth) February 27, 2021
كما حاولت قوات الأمن إحباط الاحتجاجات في ماندالاي، حيث أقيمت حواجز على الطرق في عدة تقاطعات رئيسية وأغرقت أماكن التجمعات المعتادة بالشرطة.
وكانت ماندالاي مسرحاً لعدة مواجهات عنيفة، وأربع على الأقل من ثماني حالات وفاة مؤكدة مرتبطة بالاحتجاجات، وفقاً لجمعية مساعدة السجناء السياسيين المستقلة.
وأصيب ثلاثة أشخاص على الأقل الجمعة، اثنان منهم برصاص مطاطي في الصدر وآخر أصيب برصاصة في ساقه على ما يبدو.
وبحسب الجمعية، تم اعتقال 771 شخصاً أو توجيه تهم إليهم أو إصدار أحكام بحقهم لصلتهم بالانقلاب، كما تم اعتقال أو طلب اعتقال 689 شخصاً.
وجاءت الحملة الأمنية في رانغون بعدما أعلن مندوب ميانمار لدى الأمم المتحدة انشقاقه عن السلطة الحالية، وأطلق مناشدة ،الجمعة، لاستعطاف المجتمع الدولي. وقال كيو مو تون "نحن في حاجة إلى أقوى إجراء ممكن من المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب العسكري على الفور ووقف قمع الأبرياء وإعادة السلطة إلى الشعب واستعادة الديمقراطية".
وتحدّث بشكل مقتضب بلغة ميانمار، داعياً "أشقاءه وشقيقاته" إلى مواصلة الكفاح لإنهاء الحكم العسكري. وقال بينما رفع أصابعه الثلاثة في إشارة باتت رمز مقاومة المؤسسة العسكرية في بلاده "يجب أن تنتصر هذه الثورة". واعتبرت مناشدته انشقاقاً عن موقف حكام ميانمار العسكريين، في حدث نادر لمندوب في الأمم المتحدة، وقوبل بتصفيق في القاعة.
At a United Nations meeting held in New York today, Myanmar's UN ambassador, Kyaw Moe Tun, condemned the Feb. 1 coup and called on the international community to use "any means necessary" to get the ruling military council to "return the state power to the people."#Myanmarcoup pic.twitter.com/yWUbvjrpY5
— Myanmar Now (@Myanmar_Now_Eng) February 26, 2021
وبررت المجموعة العسكرية مراراً استيلاءها على السلطة عبر الحديث عن وقوع تزوير واسع في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، التي حقق حزب سو تشي فوزاً كاسحاً فيها. وتعهّدت المؤسسة العسكرية بتنظيم انتخابات في غضون عام. وبات قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ حالياً يتولى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في ميانمار، ما وضع حداً فعلياً لتجربة البلاد التي استمرت عشر سنوات مع الديمقراطية. ولم تظهر سو تشي علناً منذ اعتقالها. وتواجه حالياً تهمتين، تتعلق الأولى بحيازتها على أجهزة اتصال غير مرخصة في مقر إقامتها، والثانية بشأن خرقها قواعد احتواء كورونا.
وبينما يتوقع أن تنعقد جلسة استماع في المحكمة الاثنين للنظر في قضية سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، إلا أن محاميها لم يتمكن بعد من الاتصال بها.
(فرانس برس، أسوشييتد برس)