مواجهة ضمّ الضفة: دعوات لعقد الإطار القيادي لمنظمة التحرير

15 مايو 2020
تطلب "حماس" خطوات فعلية للردّ على ضمّ الضفة(عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

تصاعدت الدعوات الفصائلية المطالبة بعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، لمواجهة الخطة الإسرائيلية لضمّ الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عليها كليّاً. ورفضت كل من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" المشاركة في اجتماعات القيادة الفلسطينية التي ستعقد في مدينة رام الله بالضفة المحتلة غداً السبت، على اعتبار أن لا فائدة من هذه الاجتماعات، ما دام انعقادها تحت سيطرة الاحتلال.

وتبرر الحركتان رفضهما المشاركة في اللقاء، بأنه تكرار للاجتماعات نفسها التي عُقدت إبان إعلان "صفقة القرن" (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية) وشاركتا فيه ولم يخرج بأي قرارات عملية وجدية على الأرض، باستثناء بيانات مقتضبة لم ترتقِ إلى درجة القرارات الحاسمة والقوية. وتبدو "حماس" مصممة كثيراً على عقد اجتماع الإطار القيادي المؤقت للمنظمة من أجل الدخول مع "الجهاد" بشكل عملي للمنظمة والعمل على إصلاحها، في الوقت الذي تخشى فيه حركة "فتح" والسلطة من دخولهما والتأثير في الواقع الحالي للمنظمة. أما حركة "فتح"، فترى أن اللقاء القيادي الذي سيعقد في رام الله في غاية الأهمية، لكونه سيناقش القرارات التي ستتخذ بشأن قرار الضم الإسرائيلي المحتمل لأجزاء من الضفة الغربية، وهو ما يعكس جدوى هذا اللقاء وأهميته ومدى الحاجة لعقده.

شعبياً، يبدو الفلسطينيون غير متفائلين كثيراً بما سيصدر من تحركات فصائلية أو رسمية بعد التجارب العديدة التي عايشوها خلال السنوات الأخيرة، التي كان آخرها ضعف القرارات لمواجهة التحركات الإسرائيلية أو الأميركية كما حدث بعد إعلان "صفقة القرن". وتشكَّل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية بموجب حوارات القاهرة في مارس/ آذار 2005 التي جرت بمشاركة كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، إلا أنه منذ ذاك الحين لم يعقد إلا مرة واحدة ولم تصدر عنه أي قرارات جوهرية.

عن هذه التطورات، يقول عضو مكتب العلاقات الدولية لحركة "حماس" باسم نعيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الإطار القيادي المؤقت هو نتاج حوارات جرت بين الفصائل والقيادات الفلسطينية على مدار سنوات، وكانت خطوة على طريق إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير. ويوضح نعيم أن أداء المنظمة تراجع كثيراً، وباتت غير قادرة على إدارة الشأن الفلسطيني العام داخلياً أو خارجياً، وغير قادرة على وضع خطط ورؤى لمواجهة المخططات الإسرائيلية. ويضيف: "بالشكل الذي جرى التوافق عليه للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، لم يدعُ الرئيس محمود عباس إلا إلى اجتماع واحد، وكان ذلك على استحياء، ولم يخرج بأي قرارات جوهرية، والقيادة الحالية للمنظمة غير مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني".



وعن رفض المشاركة في اجتماع رام الله، يوضح القيادي في "حماس" أن الرفض جاء لسببين: أولهما الشكل الحالي للاجتماع، والحاجة للتشاور بشكل مسبق مع كافة الفصائل داخل المنظمة وخارجها. والسبب الثاني هو الرفض الجغرافي، بفعل عدم قدرة الكثير من ممثلي القوى الفلسطينية من المشاركة، وكان الأولى أن يعقد اللقاء في أي عاصمة عربية بعيداً عن سطوة الاحتلال. ويرى نعيم أن حركته جربت اللقاءات بشكلها الذي دعا إليه الرئيس الفلسطيني مرات عدة، ولم تكن إلا مجرد لقاءات عادية، ومرّرت الوقت وأكسبت الاحتلال المزيد من الفرص ولم ينتج منها أي قرارات، أما التي صدرت فلم تنفذ.

وتشاطر "الجهاد الإسلامي" حركة "حماس" في موقفها بعدم جدية اللقاءات بشكل حالها ومكان عقدها، وأهمية دعوة الإطار القيادي المؤقت للمنظمة للانعقاد بشكل دوري وعاجل لاتخاذ قرارات ترتقِ إلى حجم المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية. في السياق، يؤكد القيادي في "الجهاد" أحمد المدلل في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اللقاء القيادي في رام الله غداً، لن يكون مجدياً، وسبق أن عُقد مثل هذا اللقاء تحت سيطرة الاحتلال ولم ينتج منه أي قرارات جدية. ويضيف أن الأجدى من ذلك، أن يدعو الرئيس عباس الإطار القيادي المؤقت للاجتماع بمشاركة الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لاتخاذ قرارات حاسمة وقوية، مشيراً إلى أن مختلف الفصائل تطالب بعقد هذا اللقاء. ويشدّد المدلل على الحاجة الماسة لاتخاذ قرارات من قبل القيادات الفلسطينية لمواجهة "صفقة القرن" وخطة الضم، تتمثل بوقف التنسيق الأمني وسحب الاعتراف بالاحتلال ووقف العمل باتفاقيات أوسلو.

أما حركة "فتح" التي تُعتبر الفصيل الأول داخل المنظمة، فتدعو عبر المتحدث باسمها أسامة القواسمي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى إعادة النظر في موقفها والمشاركة في الاجتماع، لاتخاذ قرارات ستكون قوية وحاسمة. ويقول القواسمي لـ"العربي الجديد" إن الوضع حالياً لا يحتمل أي خلاف، وعلى الجميع الحضور والمشاركة في الاجتماع، فالملفات المطروحة للنقاش هي صلب القضية الفلسطينية ولم تعد قضايا فصائلية داخلية، والدعوة مفتوحة لهم لحضور هذا اللقاء.

وعن الدعوة إلى عقد الإطار القيادي المؤقت للمنظمة، يؤكد القواسمي أن الأولوية اليوم لمواجهة المخططات الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة والأغوار، وتبقى المصالحة الفلسطينية على سلم الأولويات، ولا مشكلة في لقاء "حماس" أو "الجهاد الإسلامي". ويضيف: "علينا أن نقترب داخلياً بعضاً من بعض بعيداً عن المطالب التي من شأنها أن تعقد الأمور، فنحن في خضم معركة شاملة وفي غاية الصعوبة والدقة، وحماس والجهاد شاركتا في الاجتماع الماضي عندما أعلن ترامب صفقة القرن، وكان للمشاركة في اللقاء أثر إيجابي، ونأمل منهم الحضور، والقضايا الأخرى سنناقشها لاحقاً". اجتماع القيادة يأتي بعد اجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية لحركة "فتح"، ومن الواضح أن من بين القرارات التي ستتخذ لمواجهة الضم، إلغاء كل الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل من دون استثناء والدخول في مواجهة شعبية شاملة، وفقاً للقواسمي.


المساهمون