اكتشف التونسيون صباح أول من أمس السبت، لأول مرة صوت السيدة الأولى، زوجة الرئيس قيس سعيّد، القاضية إشراف شبيل، بمناسبة عيد المرأة، إذ أشادت بدستور زوجها الذي يكرّس حقوق الإنسان، داعيةً إلى "تكاثف الجهود من أجل القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة في تونس".
هذا كلام جميل وليس لدينا اعتراض عليه عموماً، باستثناء جملة الدستور الجديد الذي يحفظ حقوق الإنسان. يبقى أن الاعتراض الأساس على ما كان قاله الرئيس، في يونيو/حزيران 2019، قبل الانتخابات الرئاسية، عندما قال أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد وقتها إنه "لن يُصوّت لنفسه في الانتخابات القادمة".
وشدد، في حوار صحافي وقتها، على أن "أفراد عائلته ليس لهم دخل في السياسة، وليس لهم مساندة خاصة لشخصه"، وأن زوجته "لن تكون السيدة الأولى لتونس لأن كل التونسيات سيدات تونس الأُوَل".
طبعا نسي سعيّد هذا الكلام كما نسي كلاماً كثيراً آخر قاله قبل الرئاسة. ولكن المهم هو أنه وهو يخطب عن حقوق المرأة صباح السبت الماضي، لم يعلق على خبر القبض في الوقت نفسه على عائلة كاملة كانت تتأهب للحَرْقة (السفر بحراً بشكل سري) إلى إيطاليا.
وكانت الوحدات الأمنية في الحمامات أعلنت أنها تمكّنت، فجر السبت، من إحباط عملية اجتياز للحدود البحرية، وإيقاف 15 شخصاً، أغلبهم من ولاية القيروان، وتجمعهم قرابة، من بينهم خمس نساء وأربعة أطفال، لا تتجاوز أعمارهم 9 سنوات.
هذا هو واقع المرأة الحقيقي الذي لا يتحدث عنه الرئيس ولا مسؤولوه، وإن عرّج على ذلك أحياناً فلكي يتهم من قبله بأنهم سبب الخراب والدافع وراء الهجرة السرية، بينما وهو في الحكم الآن منذ ثلاث سنوات، لم يفعل شيئاً غير الكلام ومزيداً من الكلام، ولم يحقق إنجازاً واحداً للتونسيين.
وهو لا يتجاهل ذلك فقط، وإنما لم يكلف نفسه حتى بالإشارة تلميحاً إلى الظلم الذي سلّطه هو شخصياً على القضاة، بعد أن برأتهم المحكمة، ولم يعتذر عن ذلك.
وفيما يلوم كثيرون وزيرة العدل ليلى جفال، لتحميلها كامل المسؤولية، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي كلام سعيّد يوم إعفاء القضاة، وهو يؤكد أنه تم التثبت من الملفات "حتى لا يظلم أحداً".
فماذا سيفعل اليوم بعد أن ظُلم عشرات القضاة وتم التشهير بهم على مرأى من أبنائهم وعائلاتهم؟ وكيف سيتصرف الرئيس الذي يريد أن يتشبه بالعادل عمر بن الخطاب، ومن ينصفهم في دولة العدل والعدالة التي يبشر بها الرئيس؟