من يصلح بين سعيّد والغنوشي؟

01 فبراير 2021
تتمثل العقدة في العلاقة بين سعيّد والغنوشي (Getty)
+ الخط -

في تونس عقدة سياسية، حلها ينهي جزءاً كبيراً من مشاكل هذا البلد التي تزداد يوماً بعد آخر. يكفي أن ننظر إلى كتلة الاحتقان التي فجّرها ذلك الشاب الحامل علم تونس وهو يضرب رجال الأمن بكل قوة، لنفهم إلى أين وصلت البلاد. حدث ذلك يوم السبت الماضي في شارع بورقيبة، والناس مذهولون من كمّ الغضب المتفجر للشباب المتظاهر، ومن هدوء رجال الشرطة. تتمثل هذه العقدة في العلاقة بين الرئيس قيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي. خلف الغنوشي يقف التحالف الحكومي الأغلبي، وخلف سعيّد تقف المعارضة وغير بعيد عنها اتحاد الشغل، ما يعني أن البلاد أصبحت منشطرة إلى نصفين، كل نصف يعطّل الآخر، لتتعطّل البلاد وتضيع مصالح الناس وتتدهور حياتهم، والجميع ماضٍ في معركة بلا هوادة.

قبل ذلك، كانت العقدة نفسها بين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، والغنوشي بصفته رئيس أكبر حزب برلماني في تونس (حركة النهضة). ولم تهدأ الأمور إلا حين اتفق الرجلان على الحد الأدنى الذي أثبت أنه كان هشاً ولكنه أراح البلاد لفترة، ما يعني أن المشكلة ليست في الأشخاص فقط وإنما في النظام السياسي الذي سينتج العلاقات نفسها مهما تغيرت الأسماء. يعتقد الغنوشي أن سلطة الرئيس رمزية في نظام برلماني، ويرى سعيّد أن الرئاسة ليست مجرد صندوق بريد يوقّع على الأوراق فقط، والحقيقة أنها معركة حكم وصراع سلطة لا رابح فيها، وفيها خاسرون كثيرون.

على الرغم من ذلك، فإن السياسة ليست قوانين ونظماً فقط وإنما هي علاقات إنسانية، شخصيات تتحرك في الكواليس، بعضها يفكر في مصلحة البلد، وكثيرون يكسبون من هذه الخلافات، ولو حدث وتصالح الرجلان لخفّت حدة الخلافات بسرعة. فهل ما يفرِّق بين سعيّد والغنوشي، أكبر مما كان يفرِّق بين الباجي والغنوشي؟ كل التحليلات الموضوعية تقول العكس، ولكن عنادهما فاق كل حد وينذر بأيام صعبة على التونسيين.

السياسي أحمد نجيب الشابي، يقود حالياً مشاورات مع عدد من الشخصيات السياسية المعروفة من أجل مبادرة للتهدئة بين الرؤساء الثلاثة، وتوجهوا في بيان بنداء إلى "كل من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة، حتى يعملوا على تهدئة منسوب التوتر السياسي المحتدم بينهم، في احترام كامل لأحكام الدستور، وأن يصرفوا كل جهدهم لتسهيل حوار وطني عاجل ينتهي إلى إقرار إصلاحات تتكفل الحكومة بتنفيذها". تحتاج تونس سريعاً إلى كل عقلائها في الداخل، وإلى كل أصدقائها من كل مكان، لإطفاء هذه النار المشتعلة.

المساهمون