من يدير حساب صالح محمد العراقي... "وزير" مقتدى الصدر؟

29 مايو 2024
مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحافي بالنجف، مايو الحالي (علاء المرجاني/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مقتدى الصدر غير اسم تياره إلى "التيار الوطني الشيعي"، مما أثار اهتماماً واسعاً، وأعلن ذلك عبر حساب "مصلح محمد العراقي" على فيسبوك، الذي يعتبر الوسيلة الأساسية للتواصل بينه وبين أتباعه.
- تغيير اسم الحساب من "صالح" إلى "مصلح" في 2021 على فيسبوك، مع بقاء التسمية على إكس، ويُدار الحساب من قبل أحد المقربين من الصدر، ما يعزز الثقة في المحتوى المنشور.
- صفحات "صالح ومصلح العراقي" تُعد من أبرز الوسائل الإعلامية للتيار الصدري، لها تأثير كبير على الرأي العام وتُستخدم لنشر البيانات والمواقف الخاصة بالتيار وزعيمه، مما يجعلها مصدراً موثوقاً للمعلومات.

منذ إعلان رجل الدين العراقي مقتدى الصدر تغيير تسمية تياره من التيار الصدري إلى التيار الوطني الشيعي، في إبريل/ نيسان الماضي، تتجه الأنظار السياسية وحتى الشعبية نحو حساب مصلح محمد العراقي أو صالح محمد العراقي الذي اعتاد العراقيون على معرفة توجهات ومواقف الصدر من خلاله بوصفه "الوزير" الافتراضي له، والأكثر التصاقاً به كما وصفه الصدر بنفسه. كذلك أعلن الصدر عن اسم تياره ورايته الجديدة عبر حساب "مصلح العراقي" على منصة فيسبوك، لذلك يُفعّل مراقبون وسياسيون جرس تنبيه التغريدات لهذا الحساب. لكن من هو "مصلح العراقي" ومن يديره حالياً؟

من صالح محمد العراقي إلى مصلح

حين سُئل مقتدى الصدر عبر برنامج متلفز، عُرِض قبل سنوات عدة، عن هوية صاحب الحساب، وكان وقتها اسمه صالح محمد العراقي ثم تغير عام 2021 إلى مصلح محمد العراقي على منصة فيسبوك، من دون أن تتبدل التسمية على منصة إكس ("تويتر" سابقاً)، إذ لا تزال بياناته تذيّل بتوقيع صالح محمد العراقي قال الصدر إن "صالح العراقي هي صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لضيق الوقت، أعطيتها لأحد المقربين يديرها". وأضاف أنه "شخص شعبوثي". وبالرغم من أن العراقيين لا يستخدمون هذه المفردة، بل إن غالبيتهم لا يعرفون معناها، لكنها فُسرت على أنها تعني "الذكي والحادّ في التعامل".

مصادر في التيار الصدري: الشخص الذي يدير الحساب هو أحد المقرّبين من الصدر

كما أن القيادي في التيار الصدري، صباح الساعدي، كان قد أشار، في تعليق متلفز في أغسطس/ آب عام 2022، إلى أن "قلم صالح محمد العراقي حاد، وأن الهجوم على زعماء الإطار التنسيقي يستحقونه، ونحن ننظر إليه كوزير القائد (الصدر) ونفتخر به، وإنه يقوم بجهود استثنائية لمصلحة العراق، وهو شخص غير سياسي".

https://twitter.com/salih_m_iraqi?ref_src=twsrc%5Egoogle%7Ctwcamp%5Eserp%7Ctwgr%5Eauthor

وتأسست الصفحة عام 2015، وكانت فاعلة بين أوساط الصدريين، وتعتبر الجهة الإعلامية الأبرز في نشر البيانات والمواقف الخاصة بالتيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر. وكان لها دور كبير في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وخرجت منها أكثر البيانات جدلية ما بين دعم المتظاهرين المدنيين من جهة، ومعاقبتهم من جهة ثانية، فضلاً عن أوامر الزخم أو الانسحاب من ساحات وميادين التظاهر. ويتابعها حالياً نحو نصف مليون شخص على "فيسبوك"، أما في "إكس" فتحمل اسم "وزير القائد ـ صالح محمد العراقي" ويتابعها أكثر من مليون شخص.

وتواصل "العربي الجديد" مع ثلاثة مصادر قيادية في التيار الصدري، قالوا إن "الشخص الذي يدير الحساب هو أحد المقربين من مقتدى الصدر والذين يستقرّون معه في منزله بالحنانة (في النجف)، ولا نعرف من هو بالضبط. ولا يخرج حساب مصلح وصالح عن دائرة الثقاة الذين يضعهم الصدر بمنزلة قديرة، ومنهم أولاد إخوته، وتحديداً علي مؤمل الصدر، أو قد يكون النائب السابق حسن العذاري". وبيّن أحدهم أن "الصدر لا يملك أي وسيلة إعلامية تتحدث باسمه، وهو يعتقد أن حساب مصلح العراقي وسيلة إعلامية رديفة لمكتب التيار الصدري، وقد نجح في ذلك".

وقال مصدر آخر إن "صالح ومصلح هما الحسابان الأكثر شهرة وجدلية في العراق، لا سيما أن إدارة هذه الحسابات تتعامل وفق مبدأ التشويق، وكأنها مؤسسة إعلامية رصينة، بالرغم من الانتقادات الكثيرة التي تشهدها جرّاء الأخطاء التحريرية والإملائية وغيرها".

مقتدى الصدر مرتاح لطريقة التعامل والجمهور

وأوضح أن "الصدر مرتاح لهذه الطريقة في التعامل مع الجمهور، لا سيما حين يريد أن يقول ما لا يريد أن يُنشر في صفحاته الرسمية التي تحمل اسمه، وبالتالي فهو يتعامل باتجاهين، مرة مع الجمهور الصدري عبر صالح ومصلح، وأخرى بخطاب ديني وسياسي للعراق كافة، عبر صفحاته الرسمية".

وعلى عكس أغلبية الأحزاب السياسية، لا يملك التيار الصدري وسائل إعلام تقليدية، كما أنه لا يملك فرقاً آلية للدفاع والترويج عن مقتدى الصدر وأفكاره وقراراته، لكن أنصار الصدر يُعرفون بحضورهم الطوعي الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي. ويكاد مقتدى الصدر يكون السياسي العراقي الأبرز من دون أن ينفق على حملات إعلامية، وهو يعتمد على أنصاره وجمهوره، بتوجيه من قادتهم أو من دون توجيه، على التأسيس لحملات دفاعية. ويمتلك التيار الصدري وحدات رصد إعلامية، ترصد المخالفين من الصدريين والمتجاوزين على الصدر، وغالباً ما يعاقب المتجاوزون عبر طرقٍ غير مألوفة، مثل حلق الشعر أو الضرب بالعصي، وهو ما يُنتقد التيار الصدري عليه من الأوساط المدنية.

ويرجع الصدريون إلى صفحات "صالح العراقي ومصلح العراقي"، بعد التأكيدات الكثيرة عن كون ما ينشر فيها لا يخرج عن رأيه، كما أكد ذلك المتحدث باسم التيار الصدري صلاح العبيدي، في تعليق سابق، بالقول إن "ما ينشر في الصفحة، لا يخرج عن إطار مقتدى الصدر، وإن النشر يكون بإدارته ومعرفته التفصيلية". كذلك تنقل هاتان الصفحتان على لسان الصدر بعض التفسيرات للأحداث الاجتماعية والسياسية والدينية، وعادة ما تُختتم بـ"عنه"، أي عن مقتدى الصدر شخصياً.

الصدر يخاطب الصدريين عبر "صالح ومصلح"

وقال الناشط السياسي نزار حسن الربيعي، وهو قريب من التيار الصدري، إن "الصدر يخاطب الصدريين عبر صالح ومصلح، لكنه يخاطب العراقيين عبر صفحاته، وبالتالي فهو إلى جانب تقوية إعلامه عبر الصفحات الرديفة، يعمل على أن يكون قائداً وطنياً، وهو لا يريد أن يستخدم منصاته الرسمية التي تحمل اسمه للنطق بالخطابات الحزبية".

حازم السلامي: أي اختراق لصفحة مصلح أو صالح قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية وربما أمنية

وأوضح الربيعي، لـ"العربي الجديد"، أن "عودة مقتدى الصدر إلى العمل السياسي، وهو الفعل المرتقب، قد تؤدي إلى ولادة كيان إعلامي جديد على مواقع التواصل الاجتماعي يحمل اسم التيار الوطني الشيعي، ليكون ناطقاً سياسياً موجهاً للصدريين في البلاد، وبالتالي يكون لدينا ثلاثة أجنحة إعلامية لا تكلف الصدر أي تمويل ضخم، على عكس بقية الأحزاب التي تتبع الإعلام التقليدي وعادة ما يرتد عليها بالهجمات والفشل".

https://www.facebook.com/alwazir.maslah?mibextid=LQQJ4d

لكن الصحافي العراقي حازم السلامي بيَّن أن "الصدر يفهم جيداً بالخطاب الإعلامي، وهو شخصية مؤثرة وتكاد تكون الأكثر جدلية، ويعرف كيف يتعامل مع الرأي العام، وليس الرأي والتوجه الصدري فقط". واعتبر أن الاعتماد على "الإعلام الحديث له سلبيات ومنها الأخطاء في المحتوى، لا سيما أن الاعتماد على غير المتخصصين قد يؤدي إلى مشكلات في إدارة المحتوى، بالإضافة إلى احتمالات الاختراق". وأشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "أي اختراق لصفحة مصلح أو صالح، وهو أمر وارد في ظل الثغرات على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يؤدي إلى كارثة اجتماعية وربما أمنية في البلاد".

المساهمون