منع المحكمة العليا البريطانية لاسكتلندا من إجراء استفتاء ثانٍ على الاستقلال: ليست الجولة الأخيرة

24 نوفمبر 2022
ستورجون: إسكات صوتنا لن يتم في ظلّ نظام ديمقراطي (Getty)
+ الخط -

قالت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجون، أمس الأربعاء إن "إسكات صوتنا لن يتم في ظلّ نظام ديمقراطي"، في ردّها على تصويت المحكمة العليا في بريطانيا ضدّ إجراء البرلمان الاسكتلندي استفتاءً جديداً على الاستقلال

ولم يكن قرار المحكمة العليا الذي صدر البارحة بالإجماع والذي يجرّد الحكومة الاسكتلندية من "حقها" في إجراء تصويت على الاستقلال، مفاجئاً، حيث إن المحكمة لو صوّتت بالإجماع لصالح استفتاء ثانٍ، فلن يكون قرارها ملزماً بالقانون، وسيتعين على حكومة هوليرود الاسكتلندية، بالرغم من ذلك، الحصول على موافقة حكومة ويستمينستر البريطانية، وهو الأمر الذي رفضه سابقاً أربعة رؤساء حكومة متتاليين.

وحتى وإن كان حكم المحكمة العليا مخيّباً لآمال القوميين الاسكتلنديين، إلا أنه سيمنحهم دفعاً إضافياً في نظرياتهم المتعلقة بحكومة "حزب المحافظين" وبنهجها غير الديمقراطي. 

وتثير قضية الاستقلال اليوم الكثير من الأسئلة التي تبقى بدون إجابات، إذ أن الناخبين الاسكتلنديين صوّتوا عام 2014 ضدّ الاستقلال، بنسبة 55 بالمائة مقابل 45 بالمائة.

واليوم، تفقد النسبة المتعلقة بالمصوّتين على الاستقلال ثقلها، حيث إن البلاد تعيش حالياً ظروفاً مختلفة تماماً، وحيث إن الكثير من الأحداث التي مرّت بالمملكة المتحدة خلال تلك السنوات، غيّرت من معادلات الناخبين البريطانيين عموماً والاسكتلنديين بشكل خاص. 

وإن كان "طريق المحاكم" الذي خاضه الحزب الوطني الاسكتلندي، هو دفاع عن "الديمقراطية" ووسيلة لجسّ نبض الشارع على الصعيد الوطني، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر انقساماً كبيراً في صفوف الناخبين حول مسألة الانفصال.

 وبالتالي، سيكون من الصعب على الحزب الوطني الاسكتلندي، وعلى رئيسة الحكومة الاسكتلندية نيكولا ستورجون، الادّعاء بأن مسألة الانفصال تشكّل أولوية بالنسبة للناخبين الاسكتلنديين المأزومين بمشاكل داخلية كبيرة.

وأُغلقت اليوم كل المدارس في اسكتلندا تقريباً، بسبب إضراب شامل للمعلّمين هو الأول منذ أربعة عقود، بينما يخطّط موظّفو القطاع الصحي العام لإضراب مشابه في الشتاء، أي خلال أكثر مواسم السنة ازدحاماً بالمرضى والمحتاجين لرعاية صحية عاجلة، كل ذلك على وقع أزمة اقتصادية عامة وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والتضخّم.

وتأتي قضية الاستقلال اليوم مع معضلات كبرى سبّبها مزيج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وجائحة كورونا وتداعياتها الموجعة، والحرب الروسية على أوكرانيا، وارتفاع أسعار المواد الأولية والطاقة، إضافة إلى أزمة "حزب المحافظين" المستمرة منذ أكثر من عامين. وبالتالي، لن يكون بمقدور 5.51 مليون ناخب اسكتلندي المواءمة بين "حلم الاستقلال" وبين الاحتياجات اليومية الضاغطة والتي من المرجّح أن تزداد سوءا مع أشهر الشتاء القادمة. 

تصويت من أجل الاستقلال

بدورها، قالت رئيسة الحكومة ستورجون إنها برغم "احترامها لقرار المحكمة"، لكن يجب على حكومة ويستمينستر أن تتوقّع "أن الانتخابات العامة المقبلة المقررة في عام 2024 ستكون استفتاء بحكم الواقع"، أي أن فوز حكومتها في الحزب الوطني الاسكتلندي سيكون بمثابة "تصويت من أجل الاستقلال"، ما يعني، كما حذّرت صحيفة "ذا غارديان"، أن حملة الحزب الوطني الاسكتلندي ستتركّز في الانتخابات العامة المقبلة على قضية واحدة وهي "الاستقلال"، ما قد ينفّر عموم الناخبين المتأرجحين بين رغباتهم في البقاء أو في الانفصال.   

هذا إضافة إلى أن الفوز الساحق الذي حققه الحزب الوطني الاسكتلندي بعد عام من الاستفتاء، الذي جرى عام 2014، حيث حصل على 56 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 59 في اسكتلندا، لم يعد ساحقاً اليوم، إذ تشير المعطيات إلى أنه فقد العديد من المقاعد منذ ذلك الحين. 

وبيّن استطلاع للرأي أجرته "ذي إيكونوميست" أن ثلث الاسكتلنديين فقط يريدون إجراء استفتاء ثانٍ خلال العامين المقبلين، ما يعني أن القوميين بحاجة خلال تلك المدة لإنجازات "ماراثونية" لتغيير الرأي العام بشكل ملموس، وهو أمر مستحيل وواهم، وسط الظروف التي تعيشها البلاد. 

المساهمون