استمع إلى الملخص
- **تقدم هاريس في استطلاعات الرأي:** هاريس استغلت المناظرة لتعزيز موقفها في استطلاعات الرأي، حيث قدمت أداءً متماسكًا ووضع ترامب في موقع الدفاع.
- **أداء ترامب وهاريس في المناظرة:** هاريس تميزت في الأسلوب والمضمون، بينما ركز ترامب على التخويف. استطلاع "سي أن أن" أظهر تفوق هاريس بنسبة 63% مقابل 37% لترامب.
المناظرة الأولى التي تواجه خلالها ليلة الثلاثاء المرشحان إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب والتي أخذت حجم الحدث الفارق، انتهت خلافاً لمعظم التوقعات إلى ترجيح كفة نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن. كان الديمقراطيون يحبسون أنفاسهم، خوفاً من ارتباك مرشحة حزبهم قليلة الخبرة في المناظرات، مقابل منافسها المتمرس في هذا المجال (هذه مناظرته السابعة منذ 2016)، خاصة أن أداء بايدن الكارثي في مناظرته مع ترامب في 27 يونيو/ حزيران الماضي، ما زالت صورته ماثلة في الذاكرة. في المقابل كان الجمهوريون موعودين بتفوق وازن لمرشح حزبهم على هاريس ولو من عيار أخف من ذلك الذي حققه ترامب على بايدن. لكن بالنهاية انقلبت المعادلة، زخم أكبر للناخب الديمقراطي وخيبة أمل لغريمه الجمهوري.
دخل ترامب المناظرة بتقدّم نقطة واحدة على هاريس في نوايا التصويت حسب استطلاع لصحيفة "نيويورك تايمز". أهمية هذا الفارق الضئيل أنه الأول من نوعه منذ 31 يوليو/ تموز الفائت، أي بعد انسحاب بايدن بأيام من السباق الرئاسي، محت هاريس تفوق ترامب عليه والذي كان بحدود أربع إلى ستّ نقاط. ومنذ ذلك الحين بقيت في الطليعة، خاصة بعد مؤتمر حزبها في 19 – 22 أغسطس/ آب الماضي والذي أعطاها دفعة ملحوظة بمعدل نقطتين إلى ثلاث نقاط، صعودا ونزولاً. لكن الفائض بدأ يتبدّد قبيل المناظرة. شبّهه خصومها بفقاعة سيختفي أثرها بعد المواجهة مع ترامب. ورغم المبالغة في التشبيه، لم يكن هذا الاحتمال مستبعداً.
السوابق القريبة تفيد بأن المراوحة عند هذا الفارق القليل محفوفة بخطر الخسارة. هيلاري كلينتون في 2016 تقدمت في النهاية على ترامب بنقطتين في أصوات الناخبين لكنها خسرت في أصوات المجمع الانتخابي الذي له الكلمة الفصل في الفوز بالرئاسة. لذا كانت المناظرة بالنسبة لهاريس بمثابة خشبة خلاص لو خرجت منها بصورة لافتة في الأداء كما في تبهيت طروحات منافسها، خصوصا أن 28% من المترددين، كانوا يتطلعون إلى المزيد من التعرّف إلى هاريس عبر المناظرة، في مقابل 9% يريدون معرفة المزيد عن ترامب.
ترامب يخرج عن التوجيهات
بإجماع واسع جاء أداؤها "أفضل من المتوقع"، بعدما بدت هاريس في هذا الجانب على نقيض تام مع أداء بايدن. جاءت مزودة بالمطلوب، في الأسلوب والمضمون والتعليمات، مع أخذ زمام المبادرة في وضع خصمها في موقع الدفاع. ساعدها وعزز وضعها أن ترامب هذه المرة كان غيره في 27 يونيو. نأى عن الانضباط وكالعادة خرج عن التوجيهات الي تلقاها أثناء جلسات التدريب، ورجع إلى عادته في التعويل على أعطاب إدارة بايدن وتحميل هاريس مسؤولية الفشل في بعض القضايا المهمة مثل الفلتان الذي كان سائداً على الحدود مع المكسيك وقضايا الغلاء والتضخم وغيره من الأمور التي رافقت بايدن، لكنه تعمّد التضخيم في سرديته الدفاعية خصوصا في موضوع المتسللين بصورة غير شرعية عبر الحدود (قال إن بعضهم يأكل لحم الكلاب) وبما قاده إلى تقديم معلومات مغايرة للواقع والغرق في تكرار المظلوميات التي يزعم أنها لحقت به في زمن بايدن – هاريس.
بدلاً من مخاطبة الناخب بحلول وطروحات تثير الاهتمام وبالتالي الاستقطاب، اختار ترامب التركيز على التخويف من هاريس وسيناريو وصولها للرئاسة. كانت خشية الديمقراطيين أن تضيع هاريس هذه الفرصة التي انتهى ترامب إلى تضييعها. في أول استطلاع محدود أجرته شبكة "سي أن أن" فور انتهاء المناظرة مع مجموعات من المشاهدين، جاءت النتيجة 63% لصالح هاريس مقابل 37% لترامب النتيجة. طبعا لا تمثل هذه الأرقام بالضرورة خلاصة الردود. لكن الردود الأولية لم تكن عادة أقل من مؤشر يعكس الجو العام بدرجة أو بأخرى. يذكر في هذا السياق أن عدة وجوه قيادية تقليديا في الحزب الجمهوري، أعلنت تأييدها لهاريس، من بينها نائب الرئيس السابق ريتشارد تشيني. كما يذكر أن كافة الذين خاضوا سابقاً غمار الانتخابات الرئاسية من الجمهوريين، سواء لمنصب الرئاسة أو نائب الرئيس، نأوا بأنفسهم عن تأييد ترامب ما عدا ساره بيلين التي كانت مرشحة لمنصب نائب الرئيس وخسرت المعركة. يضاف إلى ذلك حصول هاريس على تأييد حوالي 200 من الجمهوريين الذين سبق لهم أن عملوا في حملات مرشحين جمهوريين.
المناظرة كانت أقرب إلى التراشق منها إلى التباري بالمقاربات والطروحات. سادها خطاب العموميات والعناوين العريضة. هاريس كانت متماسكة ولو أنها نأت عن التفاصيل. لكن ترامب بدا وكأنه يراهن على تهشيم الصورة. بالنتيجة كسبت هاريس دفعة جديدة من مناظرة قد تكون الوحيدة مع ترامب وبالتالي تكون الصورة المطلوبة قد ارتسمت تقريباً لدى الناخبين المترددين (حوالي 5% إلى 7%) لحسم خياراتهم، من دون استبعاد مفاجآت خارج الحسبان.