تعمل كل من مصر والأردن حالياً، وبمساعدة أطرف أخرى، على تعزيز تنسيقهما بشأن مجموعة من ملفات الوساطة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفق ما تكشفه مصادر فلسطينية وأخرى دبلوماسية غربية عاملة في القاهرة لـ"العربي الجديد". وفي مقدمة تلك الملفات الفلسطينية، صفقة الأسرى المجمّدة بين حركة "حماس" وحكومة الاحتلال.
والتنسيق المصري - الأردني الجاري حالياً يقوم أساساً على تعويل الدوائر المصرية التي تقوم بدور الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وحكومات الاحتلال المتعاقبة، على رئيس الحكومة الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو، كونه، وفق رؤيتها، هو وحده القادر على اتخاذ قرارات "ربما يراها الشارع الإسرائيلي صادمة"، على حد تعبير أحد المصادر الغربية في القاهرة.
تنسيق بين القاهرة وعمّان بملف الأسرى
ويتوقع المصدر نفسه أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً لملف صفقة الأسرى، لأن نتنياهو "يرغب في تقديم نفسه مجدداً للشارع الإسرائيلي بانتصار شعبي متمثل في إطلاق سراح الأسرى الأربعة الذين تحتجزهم حماس".
ويجري التنسيق الثنائي بين القاهرة وعمّان حول سبل حلّ العقبة الرئيسية التي أفشلت ثلاث محاولات سابقة لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، وهي تمسك "حماس" بإطلاق عدد من القيادات أصحاب المحكوميات العالية، والذين تصفهم حكومة الاحتلال بـ"الملوثة أيديهم بدماء الإسرائيليين".
قد يرغب نتنياهو في تقديم نفسه مجدداً للشارع الإسرائيلي بانتصار شعبي
وبحسب معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن التصور المصري - الأردني توصل إلى حل وسط لملف المحكوميات الكبيرة، يقوم على إطلاق سراح أصحاب تلك المحكوميات ضمن القوائم التي حددتها الحركة، على أن يتم إبعادهم عن الضفة الغربية والقدس، وكذلك غزة في مرحلة أولى، إلى دولة أخرى ربما تكون الأردن، وربما إلى دولة ثالثة في مرحلة لاحقة.
وبحسب مصدر فلسطيني تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن المفاوضات الجارية في الوقت الراهن لا تزال محصورة في الدائرة الرسمية الخاصة بكل من مصر والأردن.
"حماس" تنفي تقدم المفاوضات
وكان عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، زاهر جبارين، قد نفى أول من أمس الأربعاء، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، حول تقدم في المفاوضات لتبادل الأسرى، لافتاً إلى أن "ذلك غير صحيح". وشدّد جبارين، في تصريح صحافي، على التأكيد أنه "سيبقى عهد المقاومة مع أسرانا الأبطال، العمل الدائم والدؤوب حتى تحريرهم بكل السُّبُل المتاحة بإذن الله".
التصور المصري - الأردني توصل إلى حل وسط لملف المحكوميات الكبيرة
ويقول دبلوماسي غربي في القاهرة انخرطت بلاده في صفقة "وفاء الأحرار" التي تمّ بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، عام 2010، عن التصور الذي يتيح تجاوز العقبة التي طالما عطّلت إتمام صفقة تبادل الأسرى، إنه يمكن أن يحقق المعادلة الصعبة بالنسبة لنتنياهو.
فهذا التصور يسمح لنتنياهو بإغلاق هذا الملف في ظلّ عدم استسلام أُسَر الجنود المأسورين لدى "حماس" للأمر الواقع، أو تصديق ما يروجه مسؤولون إسرائيليون بأن الجندي أرون شاؤول، والضابط هدار غولدن، هما جثمانان فقط، وأن "حماس" قامت بسحب جثتيهما من أرض المعركة للمفاوضة عليهما لاحقاً، وهو الأمر الذي ترفض "حماس" نفيه أو تأكيده (الأسرى الأربعة هم بالإضافة إلى شاؤول وغلودن، أفيرا منغستو وهشام السيّد).
ومنتصف الشهر الحالي، أمهل قائد حركة "حماس" في غزة يحيى السنوار، خلال كلمة له في مهرجان نظّمته الحركة في مدينة غزة، إحياءً للذكرى السنوية الـ35 لتأسيسها، حكومة الاحتلال "وقتاً محدوداً" لإتمام صفقة تبادل الأسرى، مهدداً بإغلاقها إلى الأبد من طرف الحركة، في حال استمرت مماطلة تل أبيب، والبحث عن طرق أخرى لتحرير الأسرى الفلسطينيين.