قالت مصادر مصرية خاصة، مطلعة على عملية الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إن القاهرة أطلعت الجانب الإسرائيلي على التصور النهائي من جانب حركة حماس بشأن صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين، وإن العاصمة المصرية، تنتظر الرد النهائي لتحديد موعد خاص بالجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين.
وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنه "يمكن القول إن حماس نجحت في إسقاط الشرط الإسرائيلي الذي حدده المسؤولون في تل أبيب سابقاً، بشأن عدم شمول أي اتفاق من تصفهم بالملطخة أيديهم بدماء الإسرائيليين". وأضافت أن "الجانب الإسرائيلي أبدى تجاوباً مع إمكانية إطلاق سراح أصحاب المحكوميات الكبيرة، في مقابل صعوبة إتمام الصفقة وفقاً للأعداد المحددة من جانب حركة حماس".
أبدت إسرائيل تجاوباً مع إمكانية إطلاق سراح أصحاب المحكوميات الكبيرة
وبحسب المصادر، فإن مسؤولاً إسرائيلياً كبيراً أشار إلى "صعوبة تنفيذ الصفقة بالأعداد التي حددتها حركة حماس، والتي تتجاوز الألف أسير، مقابل الأسرى الأربعة لديها"، لافتة إلى أن "الإسرائيليين يرون أنه سيكون من الصعب إطلاق هذا العدد في ظل مطالبة حماس بإطلاق سراح أسرى متورطين في عمليات قتل إسرائيليين، وهو ما قد يقلب الشارع الإسرائيلي ضد الحكومة الحالية بتشكيلتها الهشة".
وأضافت المصادر: "في المقابل ترى حماس أن الأعداد التي تقدمت بها لا تمثل نسبة كبيرة، خصوصاً أن جزءاً ليس بالهين منها، أسرى محررون في صفقة إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، أعادت إسرائيل اعتقالهم مرة أخرى عقب إتمام الصفقة المعروفة باسم وفاء الأحرار". وبحسب المصادر فإن "حماس تتشدد في إتمام الصفقة بشروطها الحالية، وعلى رأسها الشروع في إطلاق سراح أسرى صفقة وفاء الأحرار، حتى لا تتجرأ إسرائيل على معاودة هذا النهج بعد إتمام الصفقة المزمعة حالياً".
وذكرت المصادر أن الأسبوع الماضي شهد زيارة خاطفة، استمرت لنحو ساعتين، لمنسق صفقة الأسرى والمفقودين في حكومة الاحتلال يارون بلوم، إلى القاهرة، تم خلالها إطلاعه على التصور النهائي الذي سلمته "حماس" للوسيط المصري. وقالت المصادر إن التصور الجديد تضمّن أسماء الأسرى الستة الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم عقب تحررهم من سجن جلبوع، مرجحة أن تكون أسماء الأسرى الستة محل جدل على طاولة المفاوضات في حال الموافقة الإسرائيلية، بشكل مبدئي، على الجلوس وفقاً للتصور الجديد، خصوصاً اسم زكريا الزبيدي، الذي تتهمه إسرائيل بالتورط في عمليات مسلحة قُتل فيها إسرائيليون.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الصفقة تتضمن مراحل عدة، وليس مرحلتين فقط، إذ تضمن المرحلة الأولى، إطلاق سراح كبار السن والنساء والأطفال وأصحاب الحالات المرضية، على أن تتضمن الثانية الغالبية العظمى من المطلوب إطلاق سراحهم، فيما تتضمن المرحلة الأخيرة أسماء من يمكن وصفهم بمشاهير الرموز الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، و"أسرى جلبوع".
في السياق ذاته، قالت المصادر إن فكرة إتمام الصفقة على مراحل مرحب بها بشكل كبير من الجانب المصري لأسباب عدة، أهمها أنها تضمن أطول فترة ممكنة من التهدئة من جانب الطرفين إلى حين الانتهاء من إتمام الصفقة التي ترعاها القاهرة.
تضمّن التصور الجديد أسماء الأسرى الستة الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم عقب تحررهم من سجن جلبوع
وكان موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ونائب رئيس مكتب الخارج بها، قال، في وقت سابق لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال قرر التعامل مع ملف الأسرى بعد تأجيلات عدة، وتمثل ذلك بعدة مسائل، أولاها المتعلقة بفصل قضية الأسرى عن قضية إعادة إعمار قطاع غزة، بعد أن كان يضع شرط الأسرى الإسرائيليين مقابل كل القضايا السياسية والاجتماعية، والثانية المتعلقة بزيارة وفد أمني صهيوني للقاهرة في فترة الأعياد اليهودية وفتح ملف التبادل مع الجانب المصري، والثالثة زيارة رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت إلى شرم الشيخ وطبيعة الوفد المرافق له، حيث كان برفقته مسؤول "ملف الأسرى". وأضاف: "كنّا متأكدين من تراجع الاحتلال عن ربط ملف إعادة الإعمار بموضوع صفقة التبادل، لأنه اشتراط غير منطقي. ففي كل حروب العالم تكون هناك صفقات تبادل أسرى في نهاية أي حرب"، مشيراً إلى أن سياسة "حماس" ثابتة بهذا الخصوص: "أسرى مقابل أسرى". واستدرك أبو مرزوق: "هناك مطلب دولي بإعادة إعمار غزة، ومطلب أميركي بالهدوء في المنطقة، ولن يستطيع العدو أن يتغافل عن هذا المطلب الدولي والأميركي".
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري قال، في لقاء مع فضائية "الأقصى" التابعة للحركة الجمعة الماضي، إن إسرائيل تطلب من تركيا وألمانيا وقطر ومصر، أن تتدخل في صفقة تبادل أسرى معها، مضيفاً "نحن لن نعطي الاحتلال أي شيء من دون مقابل". وتابع: "لا يوجد شيء جوهري في صفقة التبادل، نحن سلّمنا فقط خريطة طريق للوسطاء" من دون ذكرهم. وأكد أنه "لا يوجد باب لتحرير الأسرى إلا من خلال صفقات التبادل التي ترغم الاحتلال على الإفراج عن الأسرى، وخاصة أسرى المؤبدات"، مشدداً على أن واجب "حماس" إخراج أسرى جلبوع الستة المعاد اعتقالهم "من أبواب السجون رغماً عن الاحتلال، كما جرى في صفقات التبادل".
وتعتقل إسرائيل نحو 4850 فلسطينياً في 23 سجناً، من بينهم 41 أسيرة و225 طفلاً، و540 معتقلاً إدارياً، وفق بيانات مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى. وأعلنت "حماس" أنّها تحتجز 4 إسرائيليين، من بينهم جنديان أُسرا خلال الحرب على غزة في صيف 2014 من دون الإفصاح عن مصيرهما، وآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.