مكتب غروندبرغ لـ"العربي الجديد": نعمل على بناء توافق حول خريطة الطريق اليمنية

11 يناير 2024
غروندبرغ في مطار صنعاء، مايو 2023 (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

حالة من الجمود السياسي تشهدها المشاورات اليمنية، بعد مرور ثلاثة أسابيع على بيان المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ حول المستجدات بشأن الجهود المبذولة للتوصل إلى خريطة طريق في اليمن ترعاها الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب، وذلك على الرغم من حراكه في الأيام الماضية بزيارته الرياض ومسقط، ملتقياً قيادات الشرعية اليمنية والحوثيين ومسؤولين عُمانيين.

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد أصدر في 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بياناً رحب فيه بتوصل مختلف الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير، تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، وإجراءات لتحسين الظروف المعيشية في البلاد، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة.


مي الشيخ: بموجب الإجراءات التي تم التوافق عليها سترعى الأمم المتحدة عملية سياسية جامعة

واعتبر البيان أن التوصل لهذه المجموعة من التدابير جاء بعد سلسلة اجتماعات مع مختلف الأطراف في الرياض ومسقط، بما في ذلك رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام.

غير أن قيادات حوثية ذكرت في مدونات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الجماعة تشترط توقيع السعودية على أي اتفاق يتم التوصل إليه، باعتبارها طرفاً وليس وسيطاً، وأن تأخير التوقيع سببه الجانب السعودي. وتريد الجماعة فرض هذا الأمر في ظل سعي الجانب السعودي لإنهاء الحرب في اليمن، وإغلاق ملف الأزمة السياسية فيه.

الموقف الحوثي فجر أزمة جديدة حول تعريف الأطراف التي تحدث عنها بيان المبعوث الأممي، فيما يبدو أن الجماعة تريد أن يكون الاتفاق بين الجانبين اليمني ممثلاً بها وبالجانب السعودي.

يطرح هذا الأمر الكثير من التساؤلات عن مستقبل الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في حال رضخ الجانب السعودي لطلب الحوثيين وتم التوقيع من قبل السعودية باعتبارها طرفاً، لا وسيطاً.

كما أن موقف الشرعية من المشاورات السياسية مغيب، إذ لم تشكّل الحكومة الشرعية وفداً للتفاوض باسمها، وتكتفي باللقاءات التي تتم بين الحين والآخر بين المبعوث الأممي ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، لمناقشة ما أُنجز في ملف المشاورات السياسية.

في المقابل، يواصل الحوثيون هجماتهم على السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، ويعتبرونها ورقة ضغط لفرض شروطهم على المجتمع الدولي لتحقيق رؤيتهم في أي اتفاق سياسي مستقبلي. وتواصلت "العربي الجديد" مع أكثر من شخصية من قيادات الحكومة المعترف بها دولياً، وقيادات حوثية، لكن الجميع رفضوا التعليق.

بناء توافق حول عناصر خريطة الطريق في اليمن

وحول هذه التطورات، أوضحت مسؤولة الإعلام في مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مي الشيخ، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ما أعلن عنه المبعوث هو توصل الأطراف لمجموعة من الالتزامات في ما يخص وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، ولعدد من الإجراءات الرامية لتحسين ظروف المعيشة في البلاد، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية أممية، بالإضافة لموافقة كل الأطراف على العمل مع مكتب المبعوث لتفعيل الالتزامات التي توافقت بشأنها، وللاتفاق على آليات التنفيذ اللازمة للإيفاء بتلك الالتزامات من خلال خريطة طريق أممية".

وأضافت الشيخ أن "المبعوث الأممي يعمل حالياً على بناء توافق حول عناصر خريطة الطريق من قبل الأطراف، ويعقد الاجتماعات مع الأطراف اليمنية للتقدم نحو تلك الغاية، ومع المعنيين من الإقليم والمجتمع الدولي لدعم استمرار التقدم في اتجاه عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة".

وأشارت إلى أن "الأطراف المعنية في بيان المبعوث الأممي تشمل الحكومة اليمنية والحوثيين، الذين وافقوا على الالتزام بمجموعة من الإجراءات وعلى العمل مع المبعوث الأممي وفريقه، من أجل تفعيل تلك الالتزامات والتوصل لآليات تنفيذها".


محمد القاسم: حالة الجمود التي تلت بيان غروندبرغ سببها التصعيد الحوثي في البحر الأحمر

ولفتت الشيخ إلى أن "عمل المبعوث مع جميع الجهات المعنية في الإقليم والمجتمع الدولي سيستمر لضمان استمرار تضافر الدعم من أجل الاتفاق حول خريطة الطريق الأممية، وبدء تنفيذ ما التزمت به الأطراف اليمنية، والبناء على هذا التقدم من أجل استئناف عملية سياسية جامعة برعاية أممية".

وأشارت الشيخ إلى أن "المرحلة المقبلة ستتطلب بناء الثقة بشكل حقيقي، واستمرار وجود البيئة المواتية لتواصل الحوار البنّاء والإرادة السياسية الجادة من أجل تنفيذ مختلف مراحل الاتفاق وصولاً لعملية سياسية شاملة وجامعة".

وأكدت الشيخ أن "الإجراءات التي توَافَق الأطراف بشأنها تشمل وقفاً لإطلاق النار في جميع أنحاء اليمن، وإطلاق سراح جميع المحتجزين لأسباب ترتبط بالنزاع، وفتح طرق في تعز ومحافظات أخرى، ودفع رواتب القطاع العام، واستئناف تصدير النفط، وتخفيف القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة، بالإضافة إلى رحيل القوات غير اليمنية، والانخراط في عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي شامل ودائم، وإعادة الإعمار".

التصعيد الحوثي في البحر الأحمر

بدوره، رأى الكاتب الصحافي محمد القاسم، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "حالة الجمود التي تلت بيان غروندبرغ حول خريطة الطريق لحل الأزمة اليمنية سببها التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، بسبب ضغط الإدارة الأميركية ربما على السعودية لتجميد اتفاق السلام إلى حين توقف هجمات الحوثيين على سفن الشحن، أضف إلى ذلك أنه ربما طرحت الجماعة شرطها القديم الذي يقضي بأن تكون المملكة طرفاً لا وسيطاً في أي اتفاق".

وأشار القاسم إلى أن "عدم تسمية الشرعية وفدها التفاوضي، يعود إلى وجود تحفظ من قبل مجلس القيادة على صيغة الخريطة التي انتهت إليها المفاوضات السعودية الحوثية، وهو تحفظ تبدو الشرعية خجلة من البوح به، أو لا تجرؤ على الجهر به للمملكة لاعتبارات كثيرة، من بينها أن الشرعية لا تملك قرارها ولا تستطيع رفض أي صيغة تفرضها الرياض عليها حتى وإن كان على حساب المركز القانوني للدولة اليمنية".

ولفت القاسم إلى أن "التفاوض تم أساساً بين المملكة والحوثيين، أما الشرعية فكانت جانباً بانتظار ما تبلغها به المملكة، وستحضر فقط للتوقيع، بمعنى آخر أن الشرعية ستوقع على صيغة اتفاق لم تكن جزءاً منه". واعتبر أن "أي رضوخ لاشتراطات جماعة الحوثيين من قبل السعودية يعني تسليم اليمن للحوثيين، بالتالي لن يبقى من الشرعية سوى اسمها".