استمع إلى الملخص
- تواصل الأجهزة الأمنية حصار المخيم ضمن حملة "حماية وطن"، مما أدى إلى مقتل 14 شخصاً، وإغلاق مداخل المخيم، وسط اشتباكات مع مقاومين من "كتيبة جنين".
- أثارت الأحداث ردود فعل واسعة، مع مسيرات مؤيدة للمقاومة وإضرابات، وسط تحذيرات من انتقال التوترات إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية.
أعلنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، صباح اليوم الجمعة، مقتل أحد ضباطها خلال العملية العسكرية التي تنفذها في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، في حين أفاد شهود عيان بمقتل شاب وابنه جراء إطلاق نار في المخيم. وأكد الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني أنور رجب في تصريح صحافي "استشهاد الضابط الرائد رشيد شقو، مرتب جهاز المخابرات العامة، وهو من مدينة نابلس، في حادث عرضي بمخيم جنين"، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وقُتل الشاب محمود الحاج المعروف بـ"الجلقموسي"، في الأربعين من عمره، وابنه الطفل قسم (14 عاماً)، بينما أصيبت ابنته البالغة من العمر 11 عاماً في الرقبة، جراء إطلاق نار يعتقد أن مصدره من قناص يتبع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وذلك بحسب شهادة أحد الجيران الذي فضّل عدم ذكر اسمه، ويحتفظ موقع "العربي الجديد" بشهادته الصوتية المسجلة، ويحاول الوصول إلى حقيقة ما جرى من شهود آخرين.
وأكد شاهد العيان أن الحادثة وقعت عندما كان محمود الحاج يصرخ طالباً سيارة إسعاف وهو يقف على سطح منزله، بعد أن تعرض طفله لإطلاق نار كثيف قادم من بناية "القنيري" المقابلة لمنزله، حيث تتمركز قناصة الأجهزة الأمنية. وأشار شاهد العيان، إلى أنه حاول تحذير محمود ودعاه للابتعاد، ولكن رصاصة أصابته في ظهره وأخرى اخترقت قلبه، مما أدى إلى مقتله على الفور، وتبين أن ابنه قسم كان يجلس على سطح المنزل عندما أصيب برصاصة قاتلة في الرأس، ما أدى إلى خروج دماغه ومقتله على الفور، كما أصيبت شقيقته الصغيرة بالرصاص في رقبتها أثناء جلوسها في نفس الموقع. وبحسب جار الحاج، فإن محمود كان يعمل سابقاً في جهاز الأمن الوطني الفلسطيني قبل أن يترك وظيفته منذ سنوات.
وأكد شاهد عيان ثانٍ لـ"التلفزيون العربي" ما رواه شاهد عيان آخر ظهر اليوم لـ"العربي الجديد" عن التفاصيل المروعة لمقتل المواطن محمود الحاج (الجلقموسي) ونجله قسم، وإصابة ابنته أسماء بجروح خطيرة، في مخيم جنين، وسط تضارب الروايات حول مصدر إطلاق النار، في الوقت الذي حاولت الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحميل مقاومين من كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، المسؤولية، واصفة إياهم بـ"الخارجين عن القانون".
وأظهرت كاميرا "التلفزيون العربي" أن مسجد الأنصار مخفي تماما عن منزل الحاج بسبب وجود مبنى يحجب خط الرؤية بين الموقعين، ما ينفي احتمالية إطلاق النار من المسجد، فيما الجهة الوحيدة المفتوحة على منزل الحاج هي الجهة الشمالية السفلى، حيث توجد بناية "القنيري"، التي يقول الأهالي إنه يوجد فيها قناصة يتبعون لأجهزة الأمن الفلسطينية، أو يشيرون إلى وجود احتمالية أن يكون إطلاق النار قد جاء من مستشفى جنين الحكومي القريب.
وعثر "التلفزيون العربي" في موقع الحادث على رصاصات يعتقد أنها قتلت محمود ونجله وأصابت ابنته. وفند شاهد العيان لـ"التلفزيون العربي" ادعاءات إطلاق النار من قبل المقاومين باتجاه منزل الحاج من منطقة محيطة بمسجد "الأنصار"، حيث زُعم أن مسلحين فلسطينيين داخل المسجد كانوا وراء الحادث، مشيراً إلى أن إطلاق النار كان من الجهة الشمالية حيث توجد "بناية القنيري" أو مستشفى جنين الحكومي. ووفقًا لشاهد العيان، وهو من الجيران، بدأت الواقعة حينما أصيب الطفل قسم وجاء ابنه ليخبره أن جيرانه من عائلة الحاج بحاجة للمساعدة بسبب إصابة ابنهم، وحين وصوله، وجد زوجة محمود تصرخ ووجد قسم ملقى على الأرض.
وأكد شاهد العيان، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه شاهد الطفلة أسماء تجلس على الأرض وتصرخ "عمي عمي" من دون كلام، وتبين لاحقاً أنها مصابة، بعدها تمكن من نقلها، وأعقب ذلك تمكنه مع شاب آخر من سحب والدها، مشيراً إلى أن كل ذلك جرى تحت وابل من إطلاق النار الكثيف.
وفي السياق، أكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية حولت الطابق الثالث في مستشفى جنين الحكومي إلى ثكنة عسكرية لقناصتها، وذلك منذ بدء حملتها العسكرية على مخيم جنين قبل نحو شهر، وهو ما كان يحدث حتى قبل الحملة العسكرية على المخيم، حينما كانت تحدث مناوشات بين مقاومين والأجهزة الأمنية الفلسطينية.
يأتي ذلك في ظل ظروف متوترة يشهدها مخيم جنين، إذ يتواصل الحصار المفروض على المخيم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لليوم الثلاثين على التوالي ضمن حملة "حماية وطن"، وسط اشتباكات مسلحة تجري على نحو متقطع بين مقاومين من "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي.
الناطق باسم أجهزة أمن السلطة يعلن مقتل الرائد رشيد شقو، مرتب جهاز المخابرات العامة نتيجة حادث عرضي في مخيم جنين. pic.twitter.com/eiUxhRGl2r
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) January 3, 2025
وخلال الحملة الأمنية للسلطة على مخيم جنين قُتل 14 شخصاً بينهم 8 من أهالي المخيم أحدهم يزيد جعايصة من قادة كتيبة جنين، والصحافية شذى الصباغ، فيما قتل ستة عناصر من الأمن الفلسطيني.
وتواصل الأجهزة الأمنية حصار مداخل مخيم جنين مع إغلاقها بالسواتر الترابية، وسط اشتباكات متقطعة مع المقاومين المسلحين، بالتوازي مع السيطرة على منازل في مناطق مختلفة من المخيم وتحويلها لثكنات عسكرية وطرد سكانها منها، ونشر قناصة عليها. وتصاعدت الامور بعدما أعلنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الرابع عشر من الشهر الماضي، عن تنفيذ المرحلة ما قبل الأخيرة من العملية العسكرية "حماية وطن"، بهدف استعادة السيطرة الأمنية في المنطقة.
وشهدت مدينة جنين ومخيمها مسيرات مؤيدة للمقاومة ورفضاً لسياسات الأمن الفلسطيني، ومن أجل حقن دماء الفلسطينين، كما شهدت المدينة إضرابات تجارية على عدة أيام لإنهاء الأزمة، وخشية من الأوضاع الميدانية في ظل تواصل الاشتباكات، فيما قدمت العديد من المبادرات في الضفة الغربية لإنهاء الأزمة لكنها لم تنجح حتى الآن، بالتوازي مع مسيرات لحركة فتح في محافظات الضفة الغربية تأييداً للحملة الأمنية للسلطة على مخيم جنين.
وكانت فصائل فلسطينية حذرت من احتمال انتقال الأحداث المتوترة التي يشهدها مخيم جنين إلى مناطق أخرى في الضفة، داعية إلى إنهاء الحملة الأمنية على مخيم جنين، فيما أعربت منظمات أهلية فلسطينية عن مخاوفها من تأثير هذه الأحداث على السلم الأهلي داخل المجتمع الفلسطيني.
وتأتي الأحداث على خلفية اعتقالات نفّذتها الأجهزة الأمنية بحقّ نشطاء من المخيم ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي، تبعها استيلاء أفراد الكتيبة في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، على مركبتين إحداهما تعود للارتباط العسكري الفلسطيني والأخرى لوزارة الزراعة، أعقبتها عودة اعتقال نشطاء وذوي شهداء من المخيم ثمّ حصاره وإغلاق مداخله.