استمع إلى الملخص
- **موقف حماس والمقاومة الفلسطينية**: حماس حذرت من تداعيات التصعيد الإسرائيلي، محملة نتنياهو المسؤولية عن انهيار المفاوضات. المتحدث باسم حماس أكد أن الضغوط لن تحقق أهداف الاحتلال، داعياً المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل.
- **تحليل سياسي وتوقعات مستقبلية**: المحلل إبراهيم المدهون أشار إلى أن الاحتلال يسعى لإطالة أمد الحرب واغتيال كوادر حماس. الفصائل الفلسطينية حذرت من التهجير القسري، مطالبة بتدخل دولي لوقف جرائم نتنياهو.
في موازاة المرونة التي أبدتها حركة حماس تجاه الإطار الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن لصفقة وقف إطلاق النار في غزة، كثف الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه البري والجوي على قطاع غزة، ما فهمه الفلسطينيون بأنه ضغط عسكري إضافي ومتعمد لإفشال مفاوضات غزة ووضع العراقيل أمامها، أو استجلاب مزيد من التنازلات من الحركة. ومنذ بداية التحرك الجديد للوسطاء وموافقة "حماس" ورد الفعل الإسرائيلي الباهت والبارد تجاه الأمر، صعّد جيش الاحتلال من الفعل الميداني المعادي بشكل هستيري، وظهر ذلك بوضوح في مدينة غزة حيث نفذ فيها عقب تحرك مفاوضات غزة أعنف هجمات جوية وبرية منذ بداية الحرب في وقت قياسي.
واستبق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مفاوضات غزة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع بوضع عقبات جديدة أمام الصفقة، بينما كانت قوات الاحتلال تكثف من عدوانها وتوسعه في مناطق مختلفة من محافظة غزة وتحاول إعادة سيناريو تهجير الفلسطينيين. والتهجير لا يزال يشغل حيزاً من التفكير الإسرائيلي في التعاطي مع الأحداث، إذ عمل الاحتلال في اليومين الأخيرين على دفع الفلسطينيين المتبقين في شمال القطاع على النزوح إلى الوسط والجنوب، سواء بالاتصالات والتهديدات العلنية، أو بالقوة من خلال العمليات العسكرية الموسعة كما يجري في شرق مدينة غزة وغربها منذ أيام.
مفاوضات غزة على وقع التهجير
واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة دعوات جيش الاحتلال إلى النزوح من مدينة غزة إلى الجنوب بمثابة "استدراج الفلسطينيين إلى فخاخ الموت والقتل والإعدامات الميدانية". ومع تزايد الضغط العسكري وتوسعه، ذكرت "حماس" أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية اتصل بالوسطاء، محذراً من التداعيات الكارثية لأوضاع غزة ورفح وغيرهما. كذلك قال إن من شأن ذلك أن "يعيد العملية التفاوضية إلى النقطة الصفر". وحمّل هنية في اتصاله بالوسطاء "نتنياهو وجيشه المسؤولية الكاملة عن انهيار هذا المسار".
جهاد طه: لن تفلح سياسة الضغوط على المقاومة
وقال المتحدث باسم "حماس" جهاد طه لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال يحاول أن يمارس بعض الضغوط على المقاومة في الوقت الذي فشل في تحقيق أي من أهدافه التي رفعها منذ بداية العدوان قبل أكثر من 9 أشهر، "ظناً منه أنه عبر ذلك يمكنه تحقيق شيء من هذه الإنجازات لناحية إطلاق الأسرى أو سحق المقاومة أو احتلال القطاع وفرض مشاريعه وإملاءاته على الساحة الفلسطينية، وخصوصاً المشاريع السياسية التي يجري الحديث عنها". ولفت طه إلى أن "كل هذه المحاولات الصهيونية ستبوء بالفشل ولن تفلح سياسة الضغوط على المقاومة لفرض الأجندة، فهناك موقف وطني لفصائل المقاومة، وفي طليعتها حماس، نقلته إلى الوسطاء ومن يعنيهم الأمر حول ما يجري".
ورغم حديث المتحدث باسم "حماس" عن انفتاح حركته على الجهود والمساعي بما يخدم الشعب الفلسطيني ويبلسم معاناته وجراحه التي خلفها الاحتلال، إلا أنّه شدد على أن المقاومة وقيادة حماس "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المجازر اليومية التي ترتكب بحق النازحين وتهجيره واستهداف المخيمات وارتقاء مئات الشهداء". وحمّل طه نتنياهو مسؤولية هذا المشهد، الذي يحاول من خلاله الهروب إلى الأمام "لأنه موقن أن الوصول إلى اتفاق يعني نهاية حياته السياسية"، مشدداً على أنه إن كانت الإدارة الأميركية جادة، فعليها وعلى المجتمع الدولي أن يمارسا الضغط على الاحتلال من أجل الوصول إلى اتفاق وإنهاء العدوان ومعاناة الفلسطينيين.
في السياق، قرأ الكاتب، المحلل السياسي إبراهيم المدهون المشهد كما قرأته "حماس"، مع إشارته إلى سياسة الاحتلال التي كانت أكثر وضوحاً منذ بداية الحرب في تكبيد الفلسطينيين أكبر ثمن ممكن، سواء من دمائهم أو ممتلكاتهم والبنية التحتية والخدمية. وقال المدهون في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "الضغط الإسرائيلي الميداني ضمن الضغط في مفاوضات غزة لكن الحقيقة الواضحة أن الاحتلال يقوم بخطة ممنهجة سياستها إطالة أمد الحرب، واغتيال أكبر عدد ممكن من كوادر العمل الحكومي وحماس والشعب الفلسطيني". وأشار إلى أن الاحتلال "معنيّ بعملية انتقامية تدوم طويلاً، وما زال هدف التهجير حاضراً لديه، وهو ما زال يطالب المدنيين في شمال القطاع بالنزوح إلى الجنوب، ومعنى ذلك أن خططه ما زالت ماضية".
إبراهيم المدهون: الاحتلال معنيٌ بعملية انتقامية تدوم طويلاً وما زال هدف التهجير حاضراً لديه
ونبّه المدهون كذلك إلى أن "الاحتلال يعتبر مفاوضات غزة أداة ملهاة من أجل الاستمرار في خطته الانتقامية ضد الفلسطينيين، وهو معنيٌّ بحالة مفاوضات من دون الوصول إلى نتيجة، مهما قدمت حماس من مرونة أو ليونة أو حتى تنازلات، فنتنياهو غير معنيّ بوقف الحرب والعدوان، ومعنيّ باستمرار عملية الضغط من أجل تحرير الأسرى وتسليم الأسرى من دون أي مقابل، أو من خلال تحويل المفاوضات إلى ساتر دخاني يغطي على جريمته المستمرة". ووفق المدهون، كلما تقدمت تفاهمات حماس مع الوسطاء سيذهب الاحتلال الإسرائيلي إلى تشدد أكبر ومطالب أكثر، مضيفاً أنّ المفاوضات هي هدف عند الاحتلال وليست وسيلة للوصول إلى اتفاق، ومحاولة للتعمية على الجرائم التي يرتكبها. وتوقع أنّ الاحتلال سيستمر في عدوانه وكثافة هذه النيران بشكل أوسع خلال الأسبوعين المقبلين من أجل الحيلولة من دون التوصل إلى اتفاق، لأن الاحتلال تعامل ببرود مع تجاوب "حماس" مع نصائح الوسطاء، منبهاً إلى ضرورة أن يكون للوسطاء دور في كشف ومنع الخطة الإسرائيلية، وعلى "حماس" أن ترفض الاستمرار بالمفاوضات في ظل الوحشية الإسرائيلية.
لا تعويل على الخلافات الإسرائيلية
ونبّه المدهون إلى "ضرورة وجود تحرك إقليمي وعربي ضاغط على الاحتلال الإسرائيلي، لأن استمرار العدوان يعرّض المنطقة كلها للخطر والانفجار، وإذا لم يتم الأخذ على يد إسرائيل في هذه المرحلة، فسنكون أمام مرحلة خطيرة قد تؤدي إلى حالة من الاشتباك الإقليمي أو أوسع من ذلك". واعتبر في سياق قراءة التعامل الإسرائيلي ببرود مع رد حماس الأخير أن "الاحتلال يقوم بعملية خداع بإيهام أطراف مختلفة، بأن هناك تباينات وخلافات وهناك إدارة لهذه الخلافات في حين أن العملية العسكرية مستمرة من دون أن تهتز"، لافتاً إلى أنه "يجب ألا نعتمد أن هناك خلافات بالداخل الإسرائيلي طالما لم يؤثر بسير العملية العسكرية وحرب الإبادة، فما يجري في إسرائيل تبادل أدوار ويصبّ في صالح بقاء نتنياهو في الحكم واستمرار العدوانية دون إرادة بالوصول إلى نهايتها".
في السياق، حذرت الفصائل الفلسطينية من فرض قوات الاحتلال التهجير القسري على سكان أحياء في مدينة غزة، وأوضحت أن جيش الإبادة يراهن على مواصلة الضغط العسكري على المدنيين في مجازر مروعة تكشف سوء نيّات نتنياهو وحكومته الفاشية تجاه جهود الوسطاء في قطر ومصر للتوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار ووضع حد لحرب الإبادة الجماعية. وحذرت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، في بيان وزعته "حماس" أخيراً، من التهاون في إدراك مدى خطورة تصعيد حكومة نتنياهو لحرب الإبادة الجماعية خصوصاً في أحياء مدينة غزة كالشجاعية والتفاح والدرج والبلدة القديمة، مؤكدة أنه يهدف إلى إخلائها من السكان كافة وتهجيرهم إلى الجنوب تمهيداً لطردهم خارج الوطن بقوة السلاح في حملة تطهير عرقي هي الأكبر في التاريخ. وطالبت الوسطاء بالتدخل السريع لوضع حد لمناورات نتنياهو ووقف جرائمه، كذلك دعت الهيئات الدولية في المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة، إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية والضغط لوقف حرب الإبادة المستمرة.