مفاوضات أستانة 22... استمرار لمسار فشل متكرر؟

11 نوفمبر 2024
عقب غارات روسية على إدلب، 17 أكتوبر 2024 (بلال الحمود/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انعقاد الجولة الـ22 من مسار أستانة: بدأت في العاصمة الكازاخستانية، وتركز على تطورات الملف السوري، الحل السياسي، تدابير الثقة، ملف المفقودين، الوضع الإنساني، إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين. سبق الاجتماع لقاء أمني بين تركيا وروسيا في سراقب.

- التوترات في الشمال الغربي السوري: شهدت المنطقة استعدادات لعملية عسكرية من هيئة تحرير الشام، لكن روسيا منعت تغيير خرائط السيطرة. تراجعت الهيئة بعد وعود تركية بوقف التصعيد. الجولة الـ22 قد تستمر دون اختراقات كبيرة، مع تثبيت وقف إطلاق النار.

- التحديات المستقبلية والتقارب التركي السوري: عودة ترامب المحتملة قد تؤثر على المفاوضات، خاصة مع نيته سحب القوات الأميركية. ستتناول المفاوضات ملفات المعابر والطرق الحيوية، مع سعي موسكو لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

تبدأ، اليوم الاثنين، أعمال الجولة الـ22 من مسار أستانة التفاوضي الخاص بالقضية السورية، بين ما بات يُعرف بـ"الثلاثي الضامن" (تركيا وروسيا وإيران) حول مختلف الملفات السورية، خصوصاً في الشمال الغربي من البلاد. ويُتوقع أن تُبقي هذه الجولة من مفاوضات أستانة الأوضاع في الشمال السوري على ما هي عليه منذ مارس/آذار 2020، وانتظار توجهات الإدارة الأميركية الجديدة حيال الملف السوري برمّته، خصوصاً لجهة الانسحاب من شمال شرقي سورية، وهو ما سيخلق فراغاً في حال حدوثه، تريد كل دولة من هذا الثلاثي ملأه وفق مصالحها.

الجولة الـ22 من مسار مفاوضات أستانة

وقالت الخارجية الكازاخستانية، في بيان يوم الجمعة الماضي، إن الجولة الـ22 من مسار أستانة حول سورية ستعقد يومي 11 و12 نوفمبر/تشرين الثاني في العاصمة الكازاخستانية. وبيّنت أن اليوم الأول من الاجتماع ستُعقد فيه مشاورات ثنائية وثلاثية بين الوفود، على أن تستمر في اليوم التالي، مشيرة إلى أنه من المقرر عقد جلسة عامة ومؤتمر صحافي عقب انتهاء اليوم الثاني من الاجتماع. وأشار البيان إلى أن جدول أعمال الاجتماع سيتطرّق لمناقشة تطورات الملف السوري، والجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل في سورية وتدابير الثقة وملف المفقودين، إضافة إلى الوضع الإنساني وملف إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين. واستبق الجانبان التركي والروسي انعقاد هذه الجولة بعقد اجتماع أمني في منطقة سراقب بريف إدلب الشرقي، يوم الجمعة الماضي، لترتيب أوراق الشمال الغربي وإعادة تقييم التفاهمات المشتركة بين الطرفين والتي تحكم المنطقة منذ مارس 2020.

وكادت الأوضاع في الشمال الغربي من سورية أن تنزلق إلى تصعيد واسع النطاق، إذ كشفت معطيات ميدانية أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، سلطة الأمر الواقع في إدلب ومحيطها، استعدت لشن عملية عسكرية ضد قوات النظام وحزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي. لكن الجانب الروسي بعث رسائل من خلال القصف الجوي والصاروخي على شمال غربي سورية، مفادها بأنه من غير المسموح تغيير خرائط السيطرة في المنطقة. وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة الوطن التابعة للنظام السوري، أمس الأحد، عن مصادر وصفتها بـ"المتابعة"، أن هيئة تحرير الشام تراجعت عن خططها بشن عمل عسكري، وأنها "وعدت الجانب التركي بوقف النشاطات التصعيدية وسحب بعض التعزيزات العسكرية التي استقدمها إلى خطوط الجبهات الممتدة من ريف حلب الغربي إلى ريف اللاذقية الشمالي، مروراً بريف إدلب الشرقي والجنوبي وريف حماة الغربي".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وعُقدت الجولة الـ21 من مسار مفاوضات أستانة في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، بمشاركة وفود الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، ووفدي النظام السوري والمعارضة، وحضور الأردن ولبنان والعراق بصفة مراقبين، إضافة إلى الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. ومن المتوقع ألا يحدث أي اختراق مهم خلال الجولة الـ22 في الملفات التي يتعامل معها مسار أستانة، خصوصاً لجهة ملف المعتقلين في سجون النظام. ومن ثم لن تكون هذه الجولة مختلفة عن سابقاتها لجهة الدفع بشكل جدي إلى التوصل لحلول، من خلال الانخراط مجدداً في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والمتوقفة منذ عام 2022. ومن المرجح أن يثبت الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (تركيا، روسيا، إيران) وقف إطلاق النار في الشمال والشمال الغربي من سورية، فكل الأطراف كما يبدو غير مستعدة لتحمّل كلفة التصعيد واسع النطاق.

سيحضر ملفا المعابر الداخلية والطرق على طاولة التفاوض بين الثلاثي الضامن

ومن المتوقع أن ترخي عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بظلالها على هذه الجولة من مفاوضات أستانة في ظل حديث عن نيّته سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سورية، ما يضع دول الثلاثي الضامن، خصوصاً روسيا وتركيا، أمام مسؤوليات ملء الفراغ في المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عدو أنقرة البارز. ولن يغيب ملفا المعابر الداخلية والطرق عن طاولة التفاوض بين الثلاثي الضامن، لإيجاد حلول وتدارك الفشل المتكرر في إعادة فتح المعابر الاقتصادية بين المناطق التي يسيطر عليها النظام وتلك التي تسيطر عليها المعارضة السورية، واستعادة الحركة على الطرق الحيوية في الشمال والشمال الغربي، خصوصاً الطريق "إم 4" وطريق حلب - عنتاب. وبحسب المعطيات، سيكون موضوع التقارب التركي مع النظام السوري حاضراً في الجولة الـ22، ومن المتوقع أن تواصل موسكو جهودها على هذا الصعيد للتوصل إلى الصيغة الأفضل التي تضمن خروج التفاوض المرتقب بين النظام وأنقرة بنتائج تؤدي إلى تطبيع العلاقات بينهما.

هشام جوناي: هذه الجولة فرصة للضغط على الأسد حول شروطه للجلوس مع أردوغان

جولات متكررة

تعليقاً على عقد الجولة الـ22 من هذا المسار، رأى المحلل السياسي التركي هشام جوناي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "كل نتائج هذه الجولات المتكررة من مسار أستانة كانت لصالح النظام"، مضيفاً أن "تشكيل مناطق خفض التصعيد في عموم سورية كان لخنق فصائل المعارضة، ومن ثم تسليم هذه المناطق الواحدة تلو الأخرى للنظام (لم يبق إلا منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سورية)". وتابع: "لا أعتقد أن الجولة الـ22 ستتمخض عن نتائج لصالح المعارضة السورية، خصوصاً أن الحكومة التركية تريد التقارب مع نظام بشار الأسد". وبرأي جوناي، فإن "هذه الجولة ستكون فرصة لمناقشة هذا التقارب وتقييم ما جرى، والضغط على الأسد، لإعادة النظر في شروطه للجلوس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان"، معتبراً أن "هذا الأمر سيكون محل نقاش في أستانة 22 أكثر من أي شيء آخر". 

المساهمون