معسكر ماكرون يفلت من هزيمة نكراء في الانتخابات الفرنسية ولكن المستقبل معقد

08 يوليو 2024
ماكرون يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية، 7 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نتائج الانتخابات التشريعية وتأثيرها على معسكر ماكرون**: حل تحالف ماكرون ثانياً بعد تحالف اليسار، مما أدى إلى ضعف معسكره بعد أن كان يتمتع بغالبية نسبية في الجمعية الوطنية السابقة.

- **التحديات الداخلية والتعامل مع الخصوم**: يواجه ماكرون استياءً داخلياً وضرورة التعامل مع خصومه للحصول على غالبية نسبية، رغم استعداده للبقاء في منصبه لضمان استقرار البلاد.

- **التحديات الدولية وتأثير الانتخابات على الساحة العالمية**: نتائج الانتخابات قد تضعف ماكرون دولياً، مع قلق دول أوروبية من صعود اليمين المتطرف وتأثير ذلك على دور فرنسا في الاتحاد الأوروبي والعلاقات الدولية.

مع حلول معسكره ثانياً في الانتخابات التشريعية الفرنسية متقدماً على اليمين المتطرف، تجنب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهزيمة النكراء المتوقعة له، إلا أن المستقبل يبدو معقدا على الصعيدين الداخلي والدولي. وتتوقع معاهد استطلاعات الرأي حصول التحالف المؤلف من حزب "النهضة" الرئاسي وحلفائه الوسطيين على 150 إلى 180 مقعدا في الجمعية الوطنية، خلف تحالف اليسار (171 إلى 187)، وهو تقدم خصوصا على التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي كان يتوقع أن يحقق فوزا كبيرا لكنه حل في نهاية المطاف في المرتبة الثالثة، بسبب تشكل "جبهة جمهورية" للتصدي له في الفترة الفاصلة بين الدورتين الانتخابيتين.

إلا أن معسكر ماكرون الذي كان يتمتع بغالبية نسبية من 250 نائبا في الجمعية الوطنية السابقة، بات يعاني ضعفا. فرئيس البلاد يواجه استياء حتى في صفوف معسكره منذ قراره المفاجئ الذي اتخذه بشكل يكاد يكون متفردا بحل الجمعية الوطنية في التاسع من يونيو/حزيران الفائت بعد الهزيمة الكبيرة في الانتخابات الأوروبية. وبات استئثاره بالقرارات موضع انتقاد علني.

وقال رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال، الذي قاد حملة الانتخابات في هذا المعسكر ويمكنه أن يعتد بنتائجها، الأحد: "حل (الجمعية الوطنية) قرار لم أختره لكني رفضت الاستسلام لتداعياته". وسيضطر ماكرون، الذي أكد قبيل إعادة انتخابه في 2022، أن فرنسا لا تتمتع "بنظام برلماني"، إلى التعامل مع خصوم لا يمكنه من دونهم الحصول على غالبية ولو نسبية.

وطلب ماكرون، اليوم الاثنين، من أتال الذي أتى لتقديم استقالته، البقاء في منصبه "في الوقت الراهن لضمان استقرار البلاد"، على ما أعلن القصر الرئاسي. وأضافت الرئاسة أن ماكرون "شكر أتال على قيادته حملتي الانتخابات الأوروبية والتشريعية". وأشار أتال بالفعل أمس الأحد إلى أنه سيتخذ هذه الخطوة، في اتباع للتقاليد السياسية الفرنسية، قائلا إنه مستعد للبقاء في منصبه لفترة أطول كقائم بالأعمال لكن الأمر متروك للرئيس للبت فيه.

وتنفس المعسكر الرئاسي الصعداء نوعا ما جراء نتيجة الأحد. وقالت أوساط رئيس البلاد إن "الكتلة الوسطية حيّة"، مشددة على ضرورة "توخي الحذر" في تحليل النتائج. لكن خلافا للخطط الرئاسية، لم ينقسم اليسار، أقله خلال فترة الانتخابات، بل انطلق موحد الصفوف تحت راية الجبهة الشعبية الجديدة. وباتت الولاية الثانية والأخيرة للرئيس الفرنسي الذي وعد بالقضاء على الميول المتطرفة في البلاد عند انتخابه في العام 2017، مدموغة بتقدم غير مسبوق لليمين المتطرف الذي يتوقع حصوله على 134 إلى 152 نائبا.

السيناريو المقبل لمعسكر ماكرون

هل يتجه المعسكر الرئاسي إلى اليسار الذي يطالب برئاسة الحكومة رغم انتقاداته المتواصلة له خلال حملتي الانتخابات الأوروبية والدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا؟

وسيقدم المعسكر الرئاسي "الشروط المسبقة لأي نقاش" لتشكيل غالبية، وفق ما قال رئيس حزب "النهضة" وزير الخارجية ستيفان سيجرونيه، ذاكرا العلمانية والبناء الأوروبي ودعم أوكرانيا، وقال إن "جان لوك ميلانشون والبعض من حلفائه لا يمكنهم حكم فرنسا". وينفّر ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) الكثير من الوسطيين. أما اليمين الديغولي الممثل بحزب الجمهوريين فبدا وكأنه يستبعد أي تحالف مع معسكر ماكرون، وقال لوران فوكييه، وهو أحد مسؤوليه: "بالنسبة لنا لن يكون هناك ائتلاف أو تسوية".

"ظروف دولية صعبة جداً"

وقد تضعف هذه الانتخابات رئيس الجمهورية أيضا على الساحة الدولية. فقد سلطت نتائج اليمين المتطرف خلال الدورة الأولى الأضواء على فرنسا. وأعربت دول أوربية عدة عن قلقها وأخرى عن اهتمامها، مثل إيطاليا التي تديرها جورجيا ميلوني اليمينية المتشددة، فيما تتولى المجر بقيادة القومي فيكتور أوربان الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل. أما موسكو، فرحبت علنا بنتيجة اليمين المتطرف بعد الدورة الأولى. ويشارك إيمانويل ماكرون، الأربعاء المقبل، في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في واشنطن مع وزيري الخارجية والجيوش ستيفان سيجورنيه وسيبستيان لوكورنو، بحسب مصادر حكومية عدة.

وقالت كلاوديا ميجو، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن في برلين: "ثمة خشية من فرنسا معطلة غائبة تأتي بنتائج عكسية في ظروف دولية صعبة جدا"، وتساءلت "ما الذي يحل إذا غاب أحد القادة أو بات يأتي بنتائج عكسية؟ إن اتخذت الأمور منحى سيئا، سنجد أنفسنا مع ترامب ومع اليمين المتطرف في ألمانيا الشرقية وأوربان على رأس الاتحاد الأوروبي، وفرنسا في حال الفوضى".

(فرانس برس)