جمع رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، أخيراً، مشايخ سيناء ورموزها في مقر شركة "أبناء سيناء" في القاهرة، وسط تسريبات عن ربط الحلول لأزمة المهجرين بالمبايعة العلنية للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خصوصاً بعدما نشرت مواقع إخبارية مقطعاً مصوراً للاجتماع، يظهر فيه أحد المشايخ وهو يؤيد ويبايع السيسي في الانتخابات المقبلة.
ويأتي التحرك الجديد في ظل اقتراب المهلة المؤقتة التي نجمت عن محاولات الأجهزة العسكرية والأمنية، بما فيها أجهزة الاستخبارات الحربية والعامة، لنزع فتيل الأزمة مع المهجرين من مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر.
وقال الشيخ أبو أحمد المنيعي، من قبيلة السواركة الذي كان مطلعا على اجتماع العرجاني في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، إن اللقاء كان مفاجئاً، إذ جاء بعد وقت قصير من اجتماع بلا نتائج جرى عقده مع رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية في القوات المسلحة المصرية اللواء أركان حرب شريف فكري في مقر الكتيبة 101 في العريش يوم الجمعة الماضي، بحضور عدد كبير من مشايخ سيناء ونواب مجلسي الشعب والشورى، دون تحقيق أي إنجاز لصالح المهجرين. وأشار إلى أنه جرى حرف الموضوع إلى قضايا هامشية، وحصلت مشادات داخل اللقاء، ما دفع أصحاب القرار لتدارك الموقف، وإدخال العرجاني على خط الحل، بجمعه غالبية مشايخ سيناء والحديث معهم في الحلول العملية لأزمة المهجرين.
تمسك بعودة كل المهجرين لقراهم
وأوضح المنيعي أن الموقف في الاجتماع كان موحداً من جميع الحضور، بضرورة عودة كل المهجرين إلى قراهم، بعد أن انتهى الإرهاب، وكذلك تم تطهير المنطقة من مخلفات الحرب على الإرهاب، وكل ذلك لم يكن ليحصل بدون مشاركة أبناء القبائل، الذين دفعوا من أعمارهم وأموالهم من أجل إنهاء الإرهاب، طمعاً في العودة إلى ديارهم، التي هجروا منها لهذا السبب.
أبو أحمد المنيعي: العرجاني حمل رسائل من الجهات السيادية للمشايخ القبلية، في مقدمتها دعم السيسي رسمياً
وأشار إلى أن العرجاني كان يحمل عدداً من الرسائل موجهة من الجهات السيادية للمشايخ القبلية، والتي في مقدمتها ضرورة الإعلان الرسمي عن دعم السيسي خلال الترشح للانتخابات المقبلة، تحت شعار سيناء تدعم الرئيس بعد نجاحه في طرد الإرهاب، وتنمية سيناء.
وبيّن أن الحل الذي جاء به العرجاني يتعلق بعودة تدريجية للمهجرين، مع تقديم مشاريع استراتيجية وتنموية لأهالي مناطق رفح والشيخ زويد خلال الفترة القريبة المقبلة. وأوضح المنيعي أن أبرز ملامح هذه الخطة التدريجية تشير إلى عودة فورية في غضون أيام قليلة لكل المهجرين الذين تقع منازلهم خارج المنطقة العازلة البالغة مساحتها خمسة كيلومترات، بعد إعادة قياس المنطقة العازلة، بدءًا من الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وسيناء شرقاً، وصولاً إلى مسافة 5 كيلومترات في عمق رفح المصرية باتجاه الغرب، ومن شاطئ بحر مدينة رفح شمالاً وحتى حدود معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي جنوباً بمسافة تبلغ 13 كيلومتراً، بالتزامن مع البدء في إنشاء منازل ومشاريع خدمات لأهالي ضحايا الحرب على الإرهاب، كتكريم من الدولة، وتنفيذ من شركات العرجاني بشكل مباشر.
ونوّه إلى أن مدينة رفح الجديدة التي توشك القوات المسلحة على الانتهاء من تشطيبها ستكون من نصيب مواطني سكان المنطقة العازلة التي جرى هدمها بقرار جمهوري في أكتوبر/تشرين الأول 2014، واستمر الهدم فيها حتى نهاية 2018، وتلقى أهلها تعويضات غير كافية لإعادة بناء ما دمرته آلة الجيش المصري في ذلك الحين. وأوضح أن المنطقة العازلة سيجري تنفيذ مشروعات زراعية واستزراعية فيها، بمشاركة جهات حكومية وشركات استثمارية، على أن يعمل فيها سكان رفح كأولوية، مشيراً إلى أنه مع بدء تنفيذ هذه الخطة، ستشهد سيناء زيارة لأحد أهم الشخصيات في الدولة المصرية، على أن يترافق مع ذلك حملة دعائية لدعم السيسي ورفع صوره في كل أرجاء سيناء، وفي مقدمتها رفح وقراها.
وبداية الشهر الحالي، تمكّن الوسطاء المرسلون من الجيش المصري والمخابرات، إلى المهجرين من مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، والذين اعتصموا على أطراف مدينتهم يوم 25 أغسطس/ آب الماضي، من إقناعهم بضرورة إنهاء اعتصامهم في مقابل عقد جلسة نقاش ومفاوضات في مقر الكتيبة 101 مع ممثلين عنهم وعن قوات الجيش والمخابرات الحربية، وإعطائهم موعداً بالعودة إلى ديارهم مطلع أكتوبر المقبل.
مصادر في سيناء: تعليمات بتجهيز مدينة رفح الجديدة لاستقبال شخصية رسمية رفيعة المستوى
وكان مئات المهجرين المصريين من مدينة رفح قد أقاموا اعتصاماً مفتوحاً على أطراف مدينتهم، بعد رفض الجيش السماح لهم بالدخول إليها، فيما مرّ أكثر من ست سنوات على تهجيرهم تحت مظلة مكافحة الإرهاب. يأتي ذلك بعد طرد قوات الجيش المصري، مسنودة بمجموعات قبلية، تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، قبل عام من سيناء، وبدء إجراءات تسليم أرض رفح لمستثمرين.
تعليمات لاستقبال شخصية رسمية في رفح الجديدة
وفي التعقيب على ذلك، قالت مصادر محلية في سيناء، لـ"العربي الجديد" إن هناك تعليمات بتجهيز مدينة رفح الجديدة، والطرق المؤدية إليها، خلال الفترة القريبة المقبلة، لاستقبال شخصية رسمية رفيعة المستوى، لم تحدد هويتها. وأوضحت أن الشخصية ستقوم بافتتاح المدينة الجديدة، وتسكين المواطنين فيها، وكذلك زيارة أرض المشاريع الجديدة التي جرى تسليمها لشركات استثمارية بمعرفة وزارة الزراعة المصرية، ومحافظة شمال سيناء، للإعلان عن رزمة من المشاريع التنموية التي تخص مدينة رفح على وجه التحديد، مضيفة أن الترتيبات تجري على قدم وساق لهذه الزيارة الهامة وفقاً لتقدير الجهات الحكومية والأمنية في سيناء.
وأوضحت المصادر أنه يجري حالياً فتح كل الفروع الخدمية، سواء الخاصة أو الحكومية، داخل مدينة رفح الجديدة لخدمة سكان المدينة والقرى المحيطة بها في غضون الأسابيع المقبلة، كالمدارس وقسم الشرطة والبريد وفروع شركات الاتصالات، والمخابز والمراكز الصحية والتعليمية وغيرها. وأشارت إلى أنها المرة الأولى التي يصل فيها التجهيز حد الافتتاح ومباشرة العمل، وذلك بتعليمات عليا وصلت إلى الجهات المعنية في محافظة شمال سيناء خلال الأيام القليلة الماضية، علماً بأنه سيتم رفع صور السيسي والأعلام المصرية على مباني رفح الجديدة، وكذلك على طول الطريق الدولي بين مدينتي العريش ورفح.