معارك الشمال العراقي: قضم أراضي "داعش" وخوف من المليشيات

06 يوليو 2016
تحاول القوات العراقية تفادي سقوط قتلى(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت العمليات العسكرية في المدن العراقية الشمالية منها، وخصوصاً نينوى وصلاح الدين، بين القوات العراقية والكردية ومليشيات "الحشد الشعبي" تساندهم قوات التحالف الدولي من جهة، وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من جهة أخرى، أسبوعها الثاني على التوالي، وسط تقدّم بطيء للغاية للقوات العراقية، تقول بأنه قضم أراضي التنظيم بأقل الخسائر. وأسهمت الاعتداءات الدامية التي طاولت العاصمة بغداد في تشتيت الاهتمام الإعلامي والشعبي بشكل عام بتلك المعارك، على الرغم من كونها مفصلية وقد تحدد ملامح العراق مع مطلع العام المقبل في حال ستبقى الموصل خارجه أم ستعود إليه.
ووسط مخاوف من تكرار جرائم مليشيات "الحشد" للإعدامات الميدانية بحق المدنيين، وأعمال السرقة والنهب على غرار ما حصل في الفلوجة، تسعى قيادات سنّية وكردية ومسيحية لإقناع الطرف الأميركي بضرورة منع "الحشد" الشعبي والحرس الثوري من دخول أراضي نينوى. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن قيادات سنّية وكردية ومسيحية اجتمعت بشكل متفرق مع السفير الأميركي في بغداد ستيوارت جونز وقادة وجنرالات في الجيش الأميركي، وأبلغتهم رفضها القاطع والتام دخول أو مشاركة مليشيات "الحشد" في معارك محافظة نينوى بشكل تام وليس فقط الموصل، عاصمة المحافظة المحلية.
وبحسب مسؤول عراقي رفيع، فإن الرأي الأميركي الحالي هو إشراك مليشيات "الحشد" بالمعارك في القرى والبلدات الثانوية وجعلها ضمن خطوط الهجوم الأولية، لكن لن يُسمح لها بالتقدّم إلى الموصل بل ستتوقف عند مشارفها ليتولى الجيش والبيشمركة مهمة الاقتحام مع قوات عشائر الموصل. وأشار إلى أن هذه الرواية الأميركية مكررة وسبق أن تحدثت بها مع الزعماء المحليين في الأنبار، وعلى الرغم من ذلك ارتكبت المليشيات جرائم فظيعة من قتل وسرقة واعتداء وحرق وتفجير في الفلوجة ولم تعد مقنعة، خصوصاً لعشائر شمر التي تتولى مهمة قيادة أبناء العشائر لقتال "داعش"، مؤكداً أن المليشيات متواجدة حالياً في محور الشرقاط، بينما المحور الثاني، وهو مخمور، فيه عناصر من الجيش والعشائر والبيشمركة.
وأفادت مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، بأن المعارك التي تجري منذ نحو أسبوعين، تتركز في مناطق سهلية ووديان وتلال بمحيط القيارة (90 كيلومتراً جنوب الموصل)، والشرقاط (100 كيلومتر شمال تكريت)، مشيرة إلى أن القوات العراقية والمليشيات المساندة لها تجد حرية كبيرة في التحرك في محور الشرقاط، فيما تجد قوات البيشمركة والجيش العراقي نفسها أمام مهمة غير سهلة في محور مخمور، غير أن المحورين يحظيان بدعم أميركي جوي واسع.
وأعلن قائد قوات الجيش في الموصل، اللواء الركن نجم الدين الجبوري، أن القوات المشتركة (الجيش والبيشمركة والعشائر وطيران التحالف الدولي)، تمكّنت من تحرير نحو 70 كيلومتراً من الأراضي السهلية والجبلية في محور مخمور، واستعادة 11 قرية في محيط القيارة، جنوب الموصل، لافتاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "العمليات تستنزف داعش، والمهم هو استمرارها، ولو تحقق شيء ببطء فذلك أفضل من خسارة أرواح مقاتلينا أو المدنيين خلال المعارك".


وفي الشرقاط، إلى الشمال من تكريت، المحور الثاني من المعارك، قال العقيد الركن في الجيش العراقي عدنان سلمان الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إن المعارك تجري بشكل شبه يومي بين الطرفين، لكن التقدّم حذر، فتضاريس المنطقة تُعتبر مصيدة لأي قوات تحاول التوغّل أكثر من اللازم، والجيش الأميركي نفسه خسر الكثير خلال حربه مع تنظيم القاعدة فيها عام 2005، لافتاً إلى أن المعركة لم يُحدد لها وقت معيّن ولا توجد ضغوط لاستعجالها وهذا هو المهم.
وسط هذه الأجواء، يسقط المدنيون من دائرة حسابات كلا الطرفين المتصارعين، إذ تؤكد مصادر محلية في نينوى وشمال صلاح الدين، مقتل ما لا يقل عن 100 مدني وجرح العشرات خلال المعارك والقصف الجوي، فيما تشير تقارير عسكرية عراقية إلى أن 51 عسكرياً من الجيش و22 عنصراً من مليشيا "الحشد"، قُتلوا منذ مطلع هذا الأسبوع في معارك الشمال العراقي، فضلاً عن 6 من قوات البيشمركة، بينما قُتل ما لا يقل عن 80 مسلحاً من "داعش" غالبيتهم بالقصف الجوي.
وكانت "العربي الجديد" قد حصلت على معلومات متطابقة من ثلاثة مصادر عسكرية وسياسية، تفيد بوصول دفعات جديدة من مليشيات "الحشد" إلى المحور الشمالي، وتحديداً إلى مشارف الشرقاط والقيارة، الأسبوع الماضي، حيث تسعى الحكومة لاستعادة السيطرة عليها بهدف قطع اتصال التنظيم في الشمال عن الغرب بشكل كامل وعزله في الموصل.
ولا تسمح القوات العراقية باصطحاب صحافيين معها وتقصر ذلك على عدد محدود من الصحافيين العاملين في محطات تلفزيون حكومية أو تلك التابعة للمليشيات وعددها 13 محطة فضائية.
فيما اعتبر العقيد الركن محمد الجابري، من قوات تحرير الموصل، وهي قوات متطوعة ضد "داعش" ومدعومة من أنقرة وأربيل بشكل خاص، أن "تحركات مليشيات الحشد الواسعة ما كانت لتتم دون رضى أميركي". وتابع: "نحن من جهتنا همّنا الأول تحرير الموصل وأهلها، لكن بالنسبة للمليشيات لا يمكن أن تعطي شيئاً تفتقده، فهي أصلاً تابعة لإيران ولا يمكن التعامل معها".

المساهمون