اشتباكات الجيش التركي و"العمال الكردستاني" تهدد القرى العراقية الكردية

24 اغسطس 2024
عقب معارك في دهوك، 25 إبريل 2023 (صافين حميد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تهديد أمني ونزوح:** الاشتباكات بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني تهدد أمن القرى الكردية وتسبب نزوحاً جديداً، مع احتراق آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.

- **تعاون عسكري وأمني:** مذكرة تفاهم بين بغداد وأنقرة تشمل إنشاء مراكز تنسيق وتدريب لمكافحة الإرهاب، مع تنفيذ ضربات تركية بطائرات مسيّرة وقتل 868 من مسلحي الحزب.

- **تأثير اقتصادي:** الحرائق الناتجة عن الاشتباكات دمرت 3500 دونم من الأراضي الزراعية، مما أثر على محاصيل وأرزاق مئات العائلات الكردية وزاد من الارتباك الأمني.

تشكل اشتباكات الجيش التركي و"العمال الكردستاني" في مناطق شمالي إقليم كردستان - العراق، تهديداً مستمراً لأمن القرى الكردية التي فقد أهلها آلاف الدونمات من أراضيهم الزراعية نتيجة احتراقها بالقصف، وسط ارتباك أمني، فضلاً عن أن تلك القرى ما زالت مهددة بموجات نزوح جديدة. يأتي ذلك بعد أسبوع واحد من توقيع بغداد وأنقرة مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، استكمالاً لتفاهمات عراقية تركية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، وتحييد مسلحي "العمال الكردستاني"، إذ أكد الجانب العراقي خطورة وجودهم داخل العراق، ووضع الحزب في قائمة الأحزاب المحظورة.

وذكر مركز مكافحة التضليل التابع لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، في بيان أمس الأول الخميس، أنه بموجب مذكرة التفاهم والتعاون العسكري والأمني ​​ومكافحة الإرهاب الموقعة بين بغداد وأنقرة، سينشئ البلدان مركز تنسيق أمني ​​في بغداد ومركز تدريب وتعاون مشتركاً في بعشيقة (شمالي العراق). وأضاف أن المركزين سيتيحان "إمكانية القضاء على التهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية على سيادة البلدين وأمنهما والأمن الإقليمي"، مشدّداً على أن "تركيا تواصل مكافحة الإرهاب بعزم وإصرار داخل البلاد وخارجها".

وقال جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان- العراق إن ضربة بطائرات مسيّرة شنها الجيش التركي، أمس الجمعة، أسفرت عن مقتل ثلاثة من أعضاء حزب العمال الكردستاني في شمالي العراق. وذكر الجهاز في بيان أن سيارة تابعة لـ"العمال الكردستاني" تعرضت لهجوم بمسيّرة قرب مدينة السليمانية، مضيفاً أن عضواً بارزاً في الحزب وسائقه وحارساً، قتلوا في الهجوم. وكانت وزارة الدفاع التركية، قد أعلنت، أمس الأول، قتل 868 من حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق، خلال النصف الأول من العام الحالي. ونفذ العراق سلسلة إجراءات أمنية وإدارية للتضييق على مسلحي "العمال الكردستاني" والأذرع التابعة له، والتي تنشط داخل مناطق شمالي العراق الحدودية مع تركيا وسورية، ضمن حزمة تعهدات قدمتها بغداد لأنقرة حيال أنشطة الحزب المحظور في تركيا، والتي تتهمه باتخاذ الأراضي العراقية منطلقاً لشن اعتداءات داخل أراضيها.

وفي السادس من أغسطس/آب الحالي، أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي حظر أنشطة ثلاثة أحزاب إيزيدية مرتبطة بـ"العمال الكردستاني"، وهي "الحرية والديمقراطية الإيزيدية" و"جبهة النضال الديمقراطي" و"حرية مجتمع كردستان/تفكري آزادي". وتنشط هذه الأحزاب في قضاء سنجار ومناطق غربي نينوى الحدودية مع الحسكة السورية. كما صدر قرار بنقل دائرة الأحوال المدنية الموجودة في سنجار إلى قضاء البعاج بعيداً عن نفوذ "العمال الكردستاني" الذي ينشط داخل المدينة.

معارك عنيفة بين الجيش التركي و"العمال الكردستاني"

وقد سجلت، الأسبوع الماضي، اشتباكات عنيفة بين الجيش التركي و"العمال الكردستاني" في بلدات وقرى شمالي دهوك. ووفقاً لضابط في قوات البشمركة الكردية فإن "مناطق وقرى العمادية الحدودية مع تركيا سجلت بعد الاتفاقية الأمنية بين بغداد وأنقرة، اشتباكات عنيفة، إذ قصف الجيش التركي تحركات مسلحي الحزب بالمدفعية والمروحيات". وأشار الضابط، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إلى أن "القصف المتبادل، كثيراً ما يتسبب بحرائق في المزارع التي يعتمد عليها أهالي قرى تلك المناطق التي تعيش في دائرة الخطر".

سجلت قرى في بلدة العمادية حرائق طاولت 3500 دونم من الأراضي الزراعية في مناطق بريفكا 

وقبل يومين فقط، سجلت قرى في بلدة العمادية حرائق طاولت 3500 دونم من الأراضي الزراعية في مناطق بريفكا بعد 20 كيلومتراً من ناحية كاني ماسي في قضاء العمادية، التي تعيش فيها 450 عائلة كردية، وتعد إحدى المناطق الواقعة على خط الصراع بين الجيش التركي و"العمال الكردستاني" على بعد حوالي 30 كيلومتراً من الحدود التركية. وقال رئيس بلدية منطقة بريفكا، بيوار حاج قادر، إن "الحرائق ناجمة عن قصف الجيش التركي. سمعنا دوي انفجارات".

وأضاف، في تصريحات صحافية، أمس الجمعة، أن النيران طاولت "محاصيل العنب والتفاح والتين، و30 خلية نحل، إضافة إلى عشرة آلاف شجرة تقريباً ونحو أربعة آلاف دونم من الأراضي، والتي تعد مصدر دخل 50 عائلة في تلك المنطقة". من جهته قال مختار منطقة بريفكا، هوار بريفكي، إن "الحرائق طاولت محاصيل المزارعين هذا العام. وشُكلت لجنة في منطقة كاني ماسي لتقييم الأضرار ونطالب بتعويض الضحايا". وشدّد في تصريحات صحافية على أن "أصوات المدافع والمروحيات والطائرات المقاتلة مستمرة في مناطقنا، الأمر الذي يعيق حرية الحركة والتنقل".

حسن سورشي: عناصر حزب  العمال الكردستاني يتعمدون أحياناً التحصن في المناطق السكنية

تهديد أرزاق القرى الكردية

وتمثل الحرائق التي تطاول المناطق الزراعية في إقليم كردستان - العراق، تهديداً لأمن القرى الكردية أولاً ومن ثم لأرزاقهم، إذ يعتمد أهالي تلك المناطق على الزراعة بشكل أساسي. وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، حسن سورشي، إن "مئات العائلات الكردية تضررت بسبب المعارك" بين الجيش التركي و"العمال الكردستاني".وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تلك العائلات تعيش اليوم وضعاً أمنياً مرتبكاً، خصوصاً أن عناصر العمال الكردستاني يتعمدون أحياناً التحصن في المناطق السكنية هرباً من القصف التركي".

وأوضح أن "الارتباك الأمني وتهديد مزارع الأهالي وأسباب رزقهم، يهدد بموجات نزوح جديدة"، مشدداً على أن "الضرر الأكبر من تلك الاشتباكات وقع على القرى والعائلات الكردية". وتابع: "نأمل من بغداد أن تعمل على وضع حد لتلك المعارك، وأن تجنب الأهالي والقرى المدنية ويلاتها"، مشيراً إلى أن "الدور الأكبر في هذه المرحلة يجب أن يكون للدبلوماسية العراقية، وأن يتم إنهاء وجود العمال الكردستاني في الإقليم".

المساهمون