قالت مصادر مصرية مطلعة على ملف الوساطة التي تقودها القاهرة بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إن زيارة الوفد الأمني المصري الأخيرة إلى القطاع والأراضي المحتلة لم تكن لتحريك الاتفاقات المتعلقة بشأن التهدئة، أو صفقة تبادل الأسرى، بقدر ما كانت لنقل رسائل بين الجانبين، وتأكيد فاعلية الدور المصري.
وأضافت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الجولة لم تكن موفقة، في ظل حالة التشدد وتمسك الطرفين بمواقفهما، تجاه التطورات التي تشهدها الأراضي المحتلة.
تمسكت "حماس" بفصل كافة المسارات عن بعضها البعض
وكشفت أن "إسرائيل نقلت رسالة شديدة الوضوح، عبر الوفد المصري، لحركتي حماس والجهاد، بأن مسؤولي الحركتين في الضفة سيكونون هدفاً لها، في حال استمرت العمليات المسلحة في الضفة الغربية والقدس، ضد الجنود والمستوطنين".
تهديد إسرائيلي باغتيال صالح العاروري
وأشارت المصادر، إلى أن "مسؤولاً إسرائيلياً رفيع المستوى حضر اجتماع الوفد المصري، في القدس المحتلة مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين من مجلس الأمن القومي، وجهاز الموساد، أكد أن صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وزعيم الحركة في الضفة الغربية، سيكون هدفاً لإسرائيل إذا تمسكت حماس باستمرار العمليات في الضفة".
في مقابل ذلك، كشفت المصادر طبيعة رد "حماس" على الرسالة التي نقلها الوفد المصري عن مسؤولي الاحتلال. وأوضحت أن رد الحركة جاء حاسماً، برفض التهديد والتحذيرات الإسرائيلية، مشددة على أن الأراضي المحتلة ستكون على موعد مع حرب جديدة، لن يكون للاحتلال طاقة على مواجهتها، إذا عاد لنهجه السابق في سياسة الاغتيالات. وفشلت كافة المحاولات المصرية، في إقناع قادة "الجهاد" و"حماس" في قطاع غزة، بخفض التوتر، بداعي إتاحة المجال لتسريع عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة.
وأوضحت المصادر أن قادة "حماس" و"الجهاد" حمّلوا الوفد المصري رسالة عاد بها للجانب الإسرائيلي بعد ليلة قضاها في قطاع غزة، مفادها بأن عمليات المقاومة في الضفة الغربية، ليست خاضعة للاتفاقات الجارية بشأن قطاع غزة، وأنه إذا كانت سلطات الاحتلال ترغب في وقف تداعياتها، فعليها الاستعداد لدفع ثمن اتفاق تهدئة منفصل في الضفة والقدس.
فصل مسار غزة عن الضفة الغربية وصفقة الأسرى
وأشارت المصادر إلى تمسك "حماس" وتشددها بشأن فصل كافة المسارات عن بعضها، بمعنى أن اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة مسار، وصفقة الأسرى مسار آخر، والحديث بشأن التصعيد في الضفة والقدس مسار ثالث، وأن هذه تعد بمثابة معادلة جديدة يجب أن تكون كافة التحركات في إطارها وسياقها، سواء بشأن الجانب الإسرائيلي، أو عمليات الوساطة.
في غضون ذلك قال مصدر مصري خاص، معني بمتابعة المشهد الفلسطيني، إن تقديره لحالة التصعيد المتبادل، والضغط من جانب سلطات الاحتلال على بعض الملفات، التي تدرك جيداً أنها قد تقود لاستفزاز الأجنحة المسلحة للفصائل، مثل ملف الأسيرات في السجون الإسرائيلية، هدفه الرئيسي اختبار موقف الفصائل، ومعرفة مدى استعدادها وجاهزيتها للانخراط في مواجهة عسكرية واسعة جديدة.
وأوضح المصدر أن التوجه الإسرائيلي ربما يكون ضمن دراسة إسرائيلية أوسع لشؤون الإقليم، في إطار استعداداتها لتحركات متعلقة بإيران، في ظل خشية من جانبها من دعم الفصائل الفلسطينية لطهران.
تحذير من استمرار تنكيل إسرائيل بالأسرى
في مقابل ذلك قال القيادي في حركة حماس، مشير المصري، أمس الثلاثاء، إن الاستفزاز الإسرائيلي المستمر للأسرى في السجون بمثابة استفزاز لصواريخ المقاومة وأنفاقها.
مشير المصري: الاستفزاز الإسرائيلي المستمر للأسرى في السجون بمثابة استفزاز لصواريخ المقاومة
وحذر المصري، خلال وقفة دعم للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال من أمام منزل الأسير يوسف المبحوح في جباليا شمال قطاع غزة، والذي نفذ عملية طعن لسجان في سجن نفحة وأصابه بجروح، من استمرار التنكيل والاعتداءات المتواصلة بحق الأسرى والأسيرات. وأكد أنهم خط أحمر بالنسبة للمقاومة، التي لن تصبر طويلاً على هذه الهجمة المنظمة والقمعية بحقهم.
وقال المصري: "نقول للاحتلال إياك أن تختبر صبرنا في أسرانا، وإياك المساس بأسرانا وخاصة أسيراتنا... نحن أولياء الدم، ومن سينصر الأسرى وقضيتهم دوماً في الأولوية وعلى طاولة المقاومة حتى نبيض سجون الاحتلال".
وفي السياق ذاته، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة المصرية خلال لقاء قيادة الجبهة في قطاع غزة مع الوفد الأمني المصري الذي زار القطاع، لمواصلة جهودها في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني عبر كسر الحصار المفروض على القطاع، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه هذه القضية الهامة. كما دعتها أيضاً إلى التدخل العاجل لوقف الهجمة الإسرائيلية الواسعة على الأسيرات والأسرى، والضفة المحتلة.
تحذير من تنامي العمليات في الضفة الغربية
وكانت مصادر مصرية خاصة قالت، قبل يومين، لـ"العربي الجديد"، إن الوفد الأمني، بقيادة اللواء أحمد عبد الخالق، أجرى مجموعة من اللقاءات مع المسؤولين الأمنيين في الحكومة الإسرائيلية، قبل أن يتوجه إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون، لبحث ملف التهدئة والملفات المرتبطة به.
ويأتي هذا في ظل تصاعد حالة الغضب بين الفصائل الفلسطينية والأجنحة المسلحة التابعة لها، من تأخر سلطات الاحتلال بتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها لوقف إطلاق النار في القطاع، والحفاظ على التهدئة.
وأضافت المصادر أن هناك تحركات من جانب القاهرة لمواجهة تطور في موقف الفصائل، رافض لربط التهدئة بامتيازات اقتصادية فقط، من دون إقرار اتفاق شامل، يتضمن مسارات محددة، بإجراءات واضحة ومستقرة لتخفيف الحصار على القطاع.
وتابعت المصادر، أن اتصالات جرت أخيراً بين القاهرة، ومسؤولين في حكومة الاحتلال، بشأن ملاحظات للأجهزة الأمنية في هذه الحكومة، حذرت من تنامي العمليات التي وصفتها بالعدائية في الضفة الغربية، مؤكدة أنها عمليات منظمة من جانب الفصائل، ومشددة على ضرورة أن تكون التهدئة شاملة.