مصطفى الكاظمي قريباً في تركيا: المياه والوجود العسكري و"الكردستاني"

09 ديسمبر 2020
سيرافق الكاظمي إلى أنقرة وفد وزاري كبير (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تجري كل من بغداد وأنقرة تحضيرات واسعة لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى تركيا، من المقرر أن يتم الإعلان عنها في الأيام القليلة المقبلة، وفقاً لما كشف مسؤول عراقي رفيع لـ"العربي الجديد". وأكد المسؤول نفسه أنّ الزيارة ستناقش ملفات عدة مهمة بين البلدين، لكن أبرزها ملفات المياه والوجود العسكري التركي داخل الأراضي العراقية، إلى جانب قضية مسلحي حزب "العمال الكردستاني". كما يطمح الكاظمي لبحث ملف الاستثمار ومشاركة شركات تركية في مشاريع البنى التحتية في العراق من خلال نظام الدفع الآجل، بسبب الوضع المالي الراهن في العراق. وتأتي زيارة الكاظمي تلبية لدعوة وجهها له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لزيارة أنقرة، بحسب ما أعلن عنه مكتب الكاظمي، عقب لقاء الأخير بالسفير التركي في بغداد، فاتح يلدز حينها.


قيادات عسكرية سترافق الكاظمي في زيارته لبحث ملف العملية العسكرية التركية بشمال العراق

وبحسب مسؤول في مجلس الوزراء في بغداد، فإنّ الكاظمي "سيتوجه إلى أنقرة على رأس وفد وزاري كبير، ويجري في الوقت الحالي التحضير للملفات التي سيتم بحثها مع المسؤولين الأتراك، والجاهز منها حالياً ملف مياه دجلة والفرات والوجود التركي في بعشيقة بمحافظة نينوى أو الأراضي العراقية الحدودية ضمن إقليم كردستان، وكذلك ملف حزب العمال الكردستاني"، مضيفاً أنّ "العراق أحرز تقدماً في ملف حزب العمال من خلال بدء عملية إبعاد مسلحي الحزب عن مدينة سنجار شمالي العراق".

ووفقاً للمسؤول نفسه، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإنّ ملف التبادل التجاري، وإلغاء الازدواج الضريبي، والاستثمار التركي داخل العراق، فضلاً عن فتح معبر حدودي  ثان مع تركيا إلى جانب معبر إبراهيم الخليل الحالي، ستكون على طاولة المباحثات. وتابع المسؤول أنّ "الكاظمي يطمح لتسوية في ملف المياه من خلال اتفاق دائم. في المقابل، فإنّ الأتراك متجاوبون مع مطالب العراق، غير أنهم يؤكدون على أهمية أن تتولى بغداد منع أي أنشطة لحزب العمال الكردستاني ضدّ تركيا من خلال الأراضي العراقية".

وحول العملية التركية الجارية منذ منتصف يونيو/حزيران الماضي داخل العراق ضد مسلحي "العمال الكردستاني"، أكد المسؤول أنّ "قيادات عسكرية عراقية سترافق الكاظمي في زيارته لبحث الملف، وهناك آمال بأن يصار إلى تشكيل غرفة تنسيق مشتركة بين الجانبين".

وفي مطلع أغسطس/آب الماضي، أعلنت بغداد، عن تلقي الكاظمي اتصالاً هاتفياً من أردوغان أكد خلاله الأخير استعداد بلاده لدعم العراق سياسياً وأمنياً واقتصادياً. لكن العلاقة بين البلدين ظلّت بين مد وجزر بسبب العمليات العسكرية التركية في الأراضي العراقية، واستدعاء بغداد السفير التركي لديها ثلاث مرات خلال الأشهر القليلة الماضية على خلفية تلك العمليات، التي أسفرت عن مقتل ضابطين عراقيين أحدهما آمر وحدة بقوات حرس الحدود العراقي بقصف تركي كان يستهدف اجتماعاً لحزب "العمال الكردستاني" شمالي أربيل منتصف أغسطس الماضي.


الموسوي:  سنراقب في البرلمان جدول أعمال الزيارة ومباحثات رئيس الوزراء مع المسؤولين الأتراك

وحول زيارة الكاظمي المرتقبة لتركيا، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، إنّ "القوى السياسية في بغداد تنتظر من الزيارة بحث ملفات مهمة، من أبرزها موضوع العمليات العسكرية التركية وكذلك وجود الأتراك داخل مناطق عراقية، فضلاً عن ملف مياه دجلة والفرات وتضرر حصة العراق بفعل السدود التركية التي شيدتها أنقرة أخيراً وحرمت العراق من حصته الطبيعية من المياه". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الزيارة يجب ألا تكون بروتوكولية كباقي الزيارات التي قام بها الكاظمي لعدد من الدول، فهناك ملفات ضاغطة ومهمة يجب حسمها بشكل سريع. ونحن في البرلمان، سنراقب جدول أعمال الزيارة ومباحثات رئيس الوزراء مع المسؤولين الأتراك، كما ستتم استضافته عند عودته لتقديم تقرير مفصّل عن ما تم مناقشته والاتفاق عليه مع أنقرة في مختلف المجالات".

من جانبه، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، علي اللامي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "لدى الكاظمي ورقة ضغط كبيرة على أنقرة لحسم الملفات الأمنية والمائية وغيرها، وهي ورقة الاقتصاد، فتركيا تعتمد بشكل كبير على العراق كساحة تجارية لها". وأكد اللامي أنّ "الكاظمي يجب أن يستغل هذه الورقة، التي فشل أسلافه في استخدامها طيلة السنوات الماضية. فلا يمكن السكوت أكثر على انتهاك سيادة العراق أو التجاوز على حصته المائية، فهذان الملفان سياديان ومن مسؤولية الكاظمي حسمهما، وإخفاقه في ذلك يرتّب عليه مسؤوليات قانونية ودستورية". وأضاف اللامي: "نريد تطوير العلاقة مع تركيا، لكن مقابل ذلك عليها احترام سيادة العراق، ومراعاة مصالحه أيضاً. ولدى بغداد وسائل ضغط للحصول على نتائج مرضية في ملفاتها العالقة مع تركيا"، في إشارة إلى ملفي المياه والوجود العسكري التركي شمال البلاد.


الزيارة قد تفتح باب تعاون جديد بين البلدين

من جانبه، اعتبر الخبير في الشأن السياسي، أحمد الحمداني، أن زيارة الكاظمي المرتقبة إلى تركيا "قد تفتح باب تعاون جديد بين البلدين على مختلف الصعد". وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الكاظمي يتمتع بعلاقات جيدة مع المسؤولين الأتراك منذ كان رئيساً لجهاز المخابرات، لذا قد يكون هناك نوع من المقايضة؛ حزب العمال ومساعدة العراق لتركيا في تأمين حدوده، مقابل ملف المياه. وكذلك لا ننسى أنّ العراق يصدّر الآن جزءا مهما من نفطه عبر ميناء جيهان التركي، كما أنّ موضوع التبادل التجاري يحتاجه العراق، والشركات التركية أكثر جرأة في العمل بمناطق عراقية غير مستقرة تماماً، على خلاف الشركات الأجنبية الأخرى، والعراق بحاجة لهذه الشركات. لذا، من المرجح أن يقدّم العراق مساعدة أمنية ولوجستية على الحدود لتركيا أمام هذه المكاسب". ووصف الحمداني الزيارة بأنها "تعتبر تتويجاً لفشل جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار العراق أخيراً، وحاول انتزاع موقف سلبي من بغداد تجاه تركيا، وهو ما لم يحصل من جانب الحكومة الاتحادية في بغداد، أو حكومة إقليم كردستان العراق".

المساهمون