صاحبت إحياء مصر الذكرى الـ49 لانتصار حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، والاحتفال بالمولد النبوي هذا العام، ثلاثة مشاهد تسببت بنقاشات سياسية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
أهداف احتفال جمال مبارك بذكرى حرب أكتوبر
المشهد الأول تمثل في احتفال جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، بذكرى حرب أكتوبر هذا العام، بشكل حاول من خلاله أن يبدو كما لو أن خطوته تحمل طابعاً رسمياً، إذ ظهر عند النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر في شرق القاهرة، بعد يوم واحد من وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكاليل الزهور هناك برفقة وزير الدفاع محمد زكي.
وقال مصدر سياسي مصري مشارك في تنظيم "الحوار الوطني"، الذي أعلن عنه السيسي في إبريل/نيسان الماضي، إن الظهور المتكرر لجمال مبارك في المناسبات القومية وحرصه على المشاركة في المناسبات الاجتماعية التي تحمل طابعاً شعبياً "ليس الهدف منهما، كما يروج البعض، رغبته في خوض غمار الحياة السياسية مجدداً أو عزمه الترويج لنفسه كمرشح للرئاسة خلال الانتخابات المقبلة".
وبرأيه، فإن "هدف جمال مبارك من تلك التحركات هو التأكيد على أن أسرة الرئيس المخلوع تعيش حياة طبيعية، وليست منبوذة كما كان يحاول البعض الترويج، كون والده أطيح في ثورة شعبية عارمة". وأضاف المصدر "مبارك الابن يريد أن يؤكد أن هناك ندماً من جانب المصريين على ما فعلوه تجاه والده، بل وتجاهه هو شخصياً".
نائب مصري: جمال مبارك لا تزال تراوده أحلام الرئاسة المصرية
في المقابل، رأى نائب في البرلمان، كان شغل منصباً قيادياً في الحزب الوطني المنحل إبان ترؤس جمال مبارك لجنة السياسات فيه خلال عهد والده، أنّ مبارك الابن "لا تزال تراوده أحلام الرئاسة المصرية".
ولفت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه "ربما تكون هناك أطراف تستخدمه ورقةً تضغط بها على النظام السياسي الحالي، خصوصاً في ظلّ تمتعه بما يمكن وصفه بحماية من أطراف خليجية، لعبت دوراً كبيراً في أعقاب ثورة 25 يناير(كانون الثاني)، في عدم التنكيل بأسرة الرئيس السابق".
وكشف مصدر سياسي مصري آخر عن "حالة من الانزعاج داخل دوائر رسمية رفيعة المستوى" من الظهور الأخير لجمال مبارك، قائلاً إنه "لم يكتفِ بالاحتفال بالذكرى عند ضريح والده رغم تجمع أعداد قليلة من أنصارهم عند الضريح". وتساءل: "لماذا توجه بعد ذلك للنصب التذكاري، وسجّل تلك اللقطة؟"، مرجحاً أنّه "سيكون هناك رد فعل لما فعله من جانب إحدى الجهات المهمة في الدولة".
وكان جمال مبارك قد أصدر في مايو/أيار بياناً مصوراً باسم أسرة الرئيس المخلوع، شدد فيه على انتهاء جميع إجراءات التقاضي الدولية التي بدأت عقب تنحي والده عن السلطة عام 2011 إثر ثورة 25 يناير.
"إهانة" لوزير الدفاع المصري؟
المشهد الثاني كان إحدى اللقطات خلال الندوة التثقيفية، التي عقدتها القوات المسلحة بمناسبة إحياء ذكرى نصر أكتوبر بحضور السيسي الأربعاء الماضي، والتي ظهر فيها أحد أعضاء الحرس الخاص برئيس الجمهورية وهو يشير بإصبعه إلى وزير الدفاع محمد زكي للاقتراب من الرئيس، وهو ما عده البعض إهانة للوزير.
رسائل ضمنية في كلمة شيخ الأزهر
أما المشهد الثالث، فجاء خلال الاحتفال الرسمي بالمولد النبوي، الذي واكب هذا العام احتفالات نصر السادس من أكتوبر، إذ أظهرت لقطات مصورة دخول السيسي وعدم مصافحته كلّا من وزير الأوقاف محمد جمعة والمفتي شوقي علام وشيخ الأزهر أحمد الطيب لدى وصوله قاعة مؤتمرات المنارة، حيث كانوا في استقباله. لكن التركيز انصب على وسائل التواصل على شيخ الأزهر.
من جهته، قال مصدر في مشيخة الأزهر إن كلمة الطيب خلال الاحتفال "لم تخل من رسائل ضمنية، تؤكد موقفه الراسخ من قضية الخطاب الديني ورفضه الهجوم على السنة النبوية من جانب بعض المنتمين للأزهر والموالين للسلطة".
تلقى شيخ الأزهر أخيراً الكثير من الطلبات من أشخاص وأفراد ينتمون للأزهر، بشأن أبناء لهم في السجون
وأضاف: "كانت هناك رسالة ضمنية أخرى ربما لم يلتفت إليها البعض بالقدر الكافي، حينما أكد على حرمة التفريق بين الوالدة وولدها ظلماً، وذكره الحديث النبوي: من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبائه يوم القيامة".
وأوضح المصدر أن الطيب "تلقى أخيراً الكثير من الطلبات من بسطاء وأفراد ينتمون للأزهر، بشأن أبناء لهم في السجون، وعائلات موجودة خلف القضبان في قضايا سياسية، مطالبين الشيخ بالوساطة لإطلاق سراحهم بعد أن ضاقت بهم السبل، وهو الأمر الذي يعلم الجميع صعوبة قيام الشيخ به في الفترة الراهنة، لأسباب يعلمها الجميع"، على حد تعبير المصدر، الذي أكد أنه "ربما قصد الطيب نقل الرسالة بشكل ضمني".
وكان شيخ الأزهر قد تعرض أخيراً لهجوم من جانب إعلاميين محسوبين على جهات رسمية في الدولة، في أعقاب إعلانه عن اختيار الدكتورة نهلة الصعيدي مستشارة له لشؤون الوافدين، في خطوة هي الأولى من نوعها في المشيخة. وبدلاً من أن تقابل تلك الخطوة بإشادة لما تحمله من تقدير من المشيخة وشيخها للمرأة المصرية، تعرضت للهجوم عبر إعلاميين في قنوات مملوكة للشركة "المتحدة"، بسبب مزاعم حول انتماء الصعيدي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما نفته الصعيدي.