مصر وإيران: القاهرة تمسك العصا من الوسط

05 يناير 2023
السيسي بين الملك عبدالله والسوداني، في قمة بغداد 2 (Getty)
+ الخط -

عاد ملف العلاقات المصرية الإيرانية إلى صدارة المشهد السياسي في مصر، مجدداً، في أعقاب التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، والتي كشف خلالها عن فحوى لقاء عابر جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في العاصمة الأردنية عمّان في 20 و21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على هامش قمة "بغداد 2".

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، خلال إفادة صحافية الاثنين الماضي، إن بلاده لا ترى مشكلة في بناء علاقات مع مصر، مشيداً خلال مؤتمر صحافي أسبوعي، بالمحادثات بين وزير الخارجية الإيراني ونظيره المصري سامح شكري على هامش قمة "بغداد 2"، واصفاً إياها بـ"الإيجابية".

وأضاف كنعاني أن المزيد من المحادثات تجرى لحل القضايا القنصلية بين البلدين. وتطرق كنعاني إلى الاقتراح الأخير لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في شأن تسهيل المحادثات بين إيران ومصر، قائلاً إن إيران "ترحب بأي خطوات إيجابية يجري اتخاذها من أجل العلاقات الإيرانية ـ المصرية".

تعامل جاد بين مصر وإيران

في هذا الإطار، علمت "العربي الجديد" بصدور تعليمات من الدائرة الرئاسية، بالتعامل الجاد مع المطالب الإيرانية الخاصة بالقضايا القنصلية بين البلدين، وتقديم التسهيلات اللازمة في هذا الإطار، ليكون التعاون في هذا الملف على المستوى الفني فقط، من دون التطرق لأي ملفات أخرى في الوقت الحالي.


تعليمات من الرئاسة المصرية بالتعامل الجاد مع المطالب الإيرانية القنصلية

تجدر الإشارة إلى أن الاتصالات الأمنية بين المعنيين في البلدين تسير بشكل شبه منتظم، ويبدو منها حسب تقديرات سياسيين مصريين، أن المسؤولين في مصر حريصون على استمرار مثل تلك اللقاءات للتنسيق في الملفات الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق منها بالوضع في قطاع غزة، إذ تقدم طهران الدعم للفصائل الفلسطينية، وكذلك ملف الأمن بمنطقة البحر الأحمر الذي يمثل أهمية خاصة لمصر.

وكشفت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن السوداني عرض على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش قمة "بغداد 2"، أن تستقبل بلاده لقاء لتقريب وجهات النظر، بين المسؤولين في مصر وإيران، على الأراضي العراقية. وهو ما لا تمانعه القاهرة مبدئياً، ولكنها تنتظر ضوءاً أخضر خليجياً في هذا الصدد، خصوصاً في ظل اتجاه أعين النظام المصري نحو الاستثمارات الخليجية خلال الفترة الأخيرة.

مصر وإمساك العصا من الوسط

وأبدت المصادر ذاتها اعتقادها بأن المضي قدماً في لقاء دبلوماسي بين مصر وإيران بوساطة عراقية، مرهون بنجاح جهود بغداد في الوساطة بين طهران والرياض بالأساس، مؤكدة أنه "في حال نجحت الجهود العراقية في هذا الشأن، فربما سنجد في اليوم التالي حديثاً رسمياً عن ترتيبات للقاء بين مسؤولي البلدين".

وقالت إن "القاهرة تحاول إمساك العصا من الوسط، في ما يتعلق بالملف الإيراني، إذ تحرص على علاقة غير متوترة مع طهران، يتخللها بشكل دائم تبادل الرسائل الهادئة، بشأن المواقف المعلنة في ما يخص قضايا الإقليم، وفي المقابل تعتمد أسلوباً في إدارة تلك العلاقات يحاول ألا يستفز دول الخليج".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار وفد إيراني رفيع المستوى برئاسة مساعد الرئيس الإيراني علي سلاجقة، مصر، لحضور قمة المناخ التي انعقدت في الشهر ذاته بمدينة شرم الشيخ الساحلية. ولم تقتصر زيارة سلاجقة على حضور القمة، بل امتدت لتشمل جولة في القاهرة، وزيارة مسجد الحسين في قلب العاصمة المصرية، وأماكن أخرى، فيما كشفت مصادر في حينها عن لقاء غير معلن جمعه بشخصية مصرية رفيعة المستوى.

وشهدت الاتصالات المصرية الإيرانية "غير المعلنة"، حالة من النشاط خلال الفترة الأخيرة، في ظل إشارات تشي بتطور مرتقب في العلاقات لتشغل حيزاً أكبر من ذلك الذي كانت عليه في السابق. وبرز في هذا الإطار، لقاء رفيع المستوى حصل خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها السيسي إلى سلطنة عمان، في شهر يوليو/تموز الماضي، جمع مسؤولين مصريين وآخرين إيرانيين، حضرته شخصية رفيعة من الوفد المرافق للرئيس المصري.


تحرص مصر على علاقة غير متوترة مع إيران

ووفقاً لمعلومات نشرتها "العربي الجديد" حينها، فإن اللقاء كان ذا طابع أمني في مجمله، وتطرق إلى الوضع في قطاع غزة وسورية، وأنه كان هناك الكثير من نقاط الاتفاق بين الجانبين، وأن الفترة المقبلة قد تشهد تنسيقاً مباشراً بين القاهرة وطهران في قضايا وأمور متعلقة بالقطاع.

ويشهد ملف التنسيق بشأن السياحة الدينية الإيرانية في مصر تنسيقاً مستمراً، بدأ في النصف الثاني من العام الماضي، في ظل التوجّه المصري لتعظيم مداخيل قطاع السياحة، والتعويل عليه في دعم خزينة الدولة. وبرزت اقتراحات بالتوسع في السياحة الدينية الإسلامية، من خلال مساجد وأضرحة آل البيت في مصر، والتي شهدت نشاطاً هائلاً خلال الفترة الأخيرة، وتم إسنادها إلى إحدى المؤسسات التي تعمل تحت مظلة جهاز المخابرات العامة وهي مؤسسة "مساجد"، التي أشرفت على تطوير مسجد الحسين.