تنتظر صناديق سيادية مالية خليجية، ترجمة إعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، عن الانتهاء من تأسيس "صندوق مصر للطروحات"، وصياغة عقود مبادلة الديون بأصول الدولة. وتكررت طوال الفترة الماضية، محاولة إقناع المؤسسة العسكرية المصرية، بضرورة التنازل عن بعض الأصول المملوكة للقوات المسلحة وبيعها لدول خليجية، في محاولة للخروج من الأزمة السياسية التي تحيط بالنظام الحاكم في مصر نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اجتمع الأحد الماضي، مع الفريق أحمد خالد، قائد القيادة الاستراتيجية والمشرف على التصنيع العسكري، واللواء أحمد فتحي خليفة رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، واللواء كمال وفاء رئيس هيئة تسليح القوات المسلحة.
كما ضم الاجتماع اللواء محرز عبد الوهاب، القائم بأعمال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، واللواء بكر البيومي مدير إدارة الإشارة للقوات المسلحة، واللواء أكرم الجوهري مدير إدارة نظم المعلومات للقوات المسلحة، واللواء محمد سعيد مساعد مدير إدارة الإشارة للتسليح.
وقال بيان للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي تابع خلال الاجتماع "الموقف التنفيذي لإنشاء الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة".
ووجّه السيسي "بمواصلة جهود جميع الجهات المعنية بالدولة لتحقيق الاستغلال الأمثل من الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، التي تهدف إلى تسخير إمكانات الدولة للتعامل الفوري مع مختلف بلاغات الطوارئ من المواطنين، وكذلك مع كافة أنواع الأزمات والأحداث الطارئة والسيطرة عليها وإنهائها باستخدام أحدث وسائل تكنولوجيا الاتصالات".
كما وجه بمواصلة الجهود "لتكامل تلك الشبكة الحديثة مع المشروعات التنموية والخدمية في كافة أنحاء البلاد، لتصبح منظومة أساسية للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وصون أصول الدولة".
خلاف وقع بين قادة المؤسسة العسكرية، والقيادة السياسية بشأن خطوة طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة
تعثر مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي
وتواصل مصر مساعيها وتحركاتها الحثيثة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وسط مفاوضات شاقة مع بعثة الصندوق، من أجل التسريع بالحصول على القرض، لمواجهة أوجه الإنفاق الملحّة في الوقت الراهن.
وبحسب مصدر اقتصادي دولي مطلع على المفاوضات الجارية بين الحكومة المصرية والصندوق، فإن المفاوضات "تشهد تعثراً في الوقت الحالي، ما استدعى سفر وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، في محاولة لحلحلة موقف إدارة الصندوق، المتمسك بعدم صرف أي دفعات من القرض قبل إحداث مصر زيادة في الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، يحسّن من وضع العملة المحلية".
وكشف المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، شرط عدم نشر اسمه أو صفته، أن القيادة السياسية المصرية "كانت تعوّل كثيراً على طرح مجموعة من الشركات المملوكة للمؤسسة العسكرية في البورصة، في ظل اهتمام بالغ من جانب الصناديق الخليجية بهذه الفئة من الشركات".
وأضاف "لكن خلافاً وتبايناً كبيراً وقع بين قادة المؤسسة العسكرية، والقيادة السياسية المصرية، بشأن خطوة طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة، ما أدى لتأجيل تلك الخطوة التي كان مقرراً أن تكون أولى حلقاتها نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، ما أثر سلباً على حجم العوائد الدولارية التي كانت تعوّل عليها الحكومة المصرية في المفاوضات مع صندوق النقد".
وفي يوليو/تموز الماضي، قال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إن "الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات، لتعزيز تطوير القطاع الخاص وتحسين الحوكمة وتقليص دور الدولة".
وأضاف المجلس في بيان بعد اجتماعه لتقييم برنامج القرض الأخير لمصر، أن القاهرة "بحاجة إلى إحراز تقدم حاسم بشأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق، لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد وجعله أكثر مرونة في مواجهة الصدمات".
مشاورات مستمرة لإقناع المؤسسة العسكرية ببيع بعض الأصول
ووفقاً للمصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "المشاورات الجارية بين المؤسسة العسكرية في مصر والقيادة السياسية، بشأن تحريك المشهد الاقتصادي وحل أزمة القرض المعطل عبر طرح الشركات، لا تزال مستمرة وسط تمسك من جانب قادة المؤسسة العسكرية بجعل تلك الخطوة آخر الحلول، وعقب نفاد كل الحلول الأخرى".
وأشار إلى أن "قادة القوات المسلحة المعنيين بهذا الملف، ينظرون إلى الكثير من الامتيازات الاقتصادية التي تم سحبها منهم أخيراً لصالح جهات سيادية أخرى، وأنه في الوقت الذي يتم فيه الضغط على القطاع الاقتصادي للقوات المسلحة، يسحب الكثير من امتيازاتهم لصالح جهات أخرى بدلاً من تعويضها".
المسؤولون المصريون فتحوا خطوط اتصال مع 4 أطراف خليجية، من أجل العودة مجدداً للدعم الاقتصادي المتمثل في الودائع الدولارية
تحركات بديلة للقاهرة وفتح خطوط مع الخليج
من جهته، كشف مصدر اقتصادي مصري عن "تحركات بديلة من جانب القاهرة، لحل أزمة المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي، في ظل الحاجة الماسة للسيولة الدولارية للتعامل مع الاحتياجات الملحة التي تفرض نفسها في الوقت الراهن، وفي مقدمتها تراجع المخزون السلعي لعدد من المحاصيل الاستراتيجية نتيجة تراجع السيولة الدولارية، الأمر الذي من شأنه أن يفجر أزمة كبيرة حال عدم تداركه".
وأوضح أنه "على سبيل المثال، تسببت الأزمة الاقتصادية في تعطيل التعاقدات على شحنات قمح جديدة، إذ تطالب الحكومة بتعاقدات على شحنات قمح جديدة، لتدخل إلى الصوامع للتخزين في يناير/كانون الثاني المقبل".
وقال المصدر إن "المسؤولين في مصر، فتحوا خطوط اتصال مع 4 أطراف خليجية، من أجل العودة مجدداً للدعم الاقتصادي المتمثل في الودائع الدولارية في البنك المركزي، باعتباره أسرع حل لإنقاذ مفاوضات صندوق النقد الدولي".
وأضاف أنه "خلال الفترة الماضية، طلبت مصر من كل من السعودية وقطر والإمارات والكويت، الدفع بودائع دولارية تقدر بنحو 2.5 مليار دولار، هذا بخلاف مسار المفاوضات الجارية بشأن الاستحواذات الاستثمارية من جانب الصناديق الخليجية على عدد من الشركات المصرية".
وأوضح المصدر أن القاهرة "تلقت ردوداً سلبية من كل من السعودية والإمارات بشأن المطلب الخاص بتقديم ودائع، مؤكدتين استعدادهما للانخراط الجاد في أي مفاوضات بشأن استحواذات جديدة تطرحها القاهرة".
وكشف المصدر في الوقت ذاته عن أن "الإمارات على وجه الخصوص قدمت تصوراً بعيداً عن الفرص المطروحة من الجانب المصري، مثلت فيه استثمارات تابعة للقوات المسلحة بشكل مباشر، 30 في المائة".