مع دقات عقارب الساعة عند الثانية عشرة من مساء أول من أمس الجمعة، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، أُسدل الستار نظرياً على الدعوة مجهولة المصدر، الخاصة بالتظاهر ضد النظام المصري، وسط سجالات بين المؤيدين والمعارضين.
فبينما أكد داعمو النظام فشل الدعوة في تحقيق أهدافها، توقف معارضون، سواء في الداخل أو الخارج، عند القبضة الأمنية التي فرضتها أجهزة الدولة المصرية طوال شهر كامل سبق التاريخ المحدد.
سياسي مصري: هناك حالة احتقان غير مسبوقة في البلاد
وبحسب سياسي ينتمي إلى أحد أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، والذي أعلن عدم مشاركته، مع تأكيده حق الناس في التظاهر، فإن عدم خروج المواطنين "ربما يكون لأسباب متعددة، من بينها الخوف من الملاحقة الأمنية والتعامل الأمني العنيف كما حدث في مرات سابقة عدة، أو ضبابية الدعوة والواقفين خلفها، وكذلك عدم وضوح الرؤية بشأن المرحلة التالية، حال خرج المواطنون الغاضبون إلى الشارع بكثافة".
حالة احتقان غير مسبوقة بين المصريين
وقال السياسي المصري مستدركاً: "إلا أن هذه الأسباب جميعها لا تعني أن الشارع المصري ساكن أو غير غاضب، فهناك حالة احتقان غير مسبوقة بين المصريين بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها البلاد، من موجات ارتفاع قياسية لأسعار السلع الرئيسية والخدمات، وعدم قدرة الغالبية العظمى من المصريين على الوفاء بالاحتياجات الأساسية لأسرهم".
وتابع: "طالما بقيت مسببات الاحتقان الشعبي، فإن حالة الانفجار ستكون مؤجلة، فقط، ما يفرض على صانع القرار عدم الركون إلى تبريرات المقربين منه بأنه يحظى بدعم شعبي، أو أن المواطنين لم يخرجوا للشوارع لرضاهم عن القرارات التي تتخذها القيادة السياسية".
وشدد على أن "القيادة الحكيمة هي التي عليها أن تستقرئ المستقبل القريب، وألا تكابر وتعاند، وتعمل على اتخاذ قرارات تنهي تدريجياً حالة الاحتقان".
من جانبه، رأى أحد الخبراء السياسيين المشاركين في الحوار الوطني أن الحالة التي شهدتها مصر على مدار الشهر الماضي، والتي أسدل الستار عليها "مؤقتاً" بحسب تعبيره نهاية 11 نوفمبر الحالي، "أكدت أن الشارع السياسي المصري لا يزال حياً، وأن علاقته بالسياسة لم تنقطع كما كان يتم الترويج له خلال الفترة الماضية".
قرارات رسمية لتهدئة حالة الغضب
وأشار إلى أن "هناك الكثير من القرارات الرسمية التي اتخذت خلال الأيام الماضية بهدف تهدئة حالة الغضب الشعبي، وتفويت الفرصة أمام دعاة التظاهر والخروج ضد النظام".
وبرأيه فإن "عمليات إطلاق سراح النشطاء السياسيين من السجون المصرية، خلال الأشهر القليلة الماضية، كانت نتاج تلك الحالة الآخذة في التصاعد مؤخراً، وكذلك الكثير من القرارات الخاصة بعلاوات للموظفين الحكوميين، والمنح السلعية المقدمة من القوات المسلحة لأهالي القرى الفقيرة".
وشدد، في الوقت ذاته، على أن "تلك الحالة لم يستفد منها الفقراء والبسطاء فقط، ولكن على الهامش استفاد منها أيضاً علية القوم، مثل القضاة، الذين أقرت لهم زيادات على دخولهم قدرت بأربعة آلاف جنيه (الدولار يساوي نحو 24.4 جنيهاً) مطلع الشهر الحالي، وذلك ضمن محاولات احتواء كافة الفئات بحجم تأثيرهم في منظومة الحكم".
خبير سياسي: هناك الكثير من القرارات الرسمية التي اتخذت بهدف تهدئة حالة الغضب الشعبي
قيادي حزبي آخر اعتبر أن سقف المطالب الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتجاوز حد المطالبة بعمليات إصلاح سياسي أو اقتصادي، إحدى أبرز الملاحظات بشأن الموجة الأخيرة. ووصفه بـ"تطور مهم"، ضمن ما يسميه "موجة من موجات التدافع السياسي، التي تأتي استمراراً للموجة التي كانت إحدى حلقتها الأبرز في 20 سبتمبر/ أيلول 2019".
المطالبة برحيل الرئيس
ولفت إلى أن "المطالبة برحيل الرئيس جاءت متجاوزة لأقصى الأطروحات التي ذهبت إليها المعارضة التقليدية، التي باتت تروج للتعامل مع الأمر الواقع، واقتراح إصلاحات فقط".
وشدد القيادي الحزبي على أن "كل المتغيرات باتت تتلاقى مع ظهور جيل جديد سمع عن ثورة يناير (كانون الثاني 2011)، من دون أن يشارك بها أو يتأثر بعمليات القمع التي حدثت وقتها".
ولفت إلى أن "تلك الجدلية بالنسبة للنظام المصري هي التي تدفعه للمزيد من الضغوط وتضييق الخناق على المجموعات الشبابية، مثل الألتراس، وجمهور الألعاب الرياضية، كون تلك المجموعات توفر كيانات يتجمعون من خلالها، وتسهل تحركهم نحو ما يؤمنون به من تصورات، سواء كانت سياسية أو رياضية أو غيرها".
وذهب القيادي الحزبي المصري إلى منحى آخر مرتبط بعملية التراكم التي تخلفها مثل تلك الدعوات - في إشارة إلى دعوة التظاهر الأخيرة - مشدداً على أنه "ليس صحيحاً أن الأمور مرت دون أية نتائج على بنية النظام ومكوناته".