مصر تناور لزيادة التنافس على أصول الدولة

26 يونيو 2022
طرح الإماراتيون فكرة استثمارية متعلقة بقناة السويس (أحمد زكريا/ الأناضول)
+ الخط -

يقرأ مراقبون في حديث وزير المالية المصري محمد معيط عن أن بلاده رفضت إصدار صكوك تستند إلى ملكية السد العالي وقناة السويس، من دون أن يوضح تفاصيل المقترح أو من يقف خلفه، على أنها محاولة من النظام الحاكم في مصر لاستخدام ملف بيع أصول الدولة، لأغراض سياسية تستهدف خلق تنافس بين أطراف دولية، خصوصاً دول الخليج التي ترغب في الاستثمار بمصر، في وقت تعيش فيه الحكومة المصرية أزمة اقتصادية صعبة بسبب نقص العملة الأجنبية وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال معيط في الرابع من يونيو/ حزيران الحالي، خلال الاجتماعات السنوية الـ47 لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ، إن "عملية إصدار صكوك تتعلق بالأصول في السد العالي وقناة السويس واجهت رفضاً شديداً من قبل الحكومة المصرية كونهما من الأصول الاستراتيجية المهمة جداً للدولة المصرية".

مساع إماراتية لدور في قناة السويس

وكشفت مصادر مصرية مطلعة على المفاوضات الجارية مع ممثلين لعدد من الصناديق الاستثمارية الخليجية عن تقدّم إحدى الجهات الإماراتية بعرض وصفته المصادر بـ"المغري"، يمكّن أبوظبي من الاستحواذ على حصة كبيرة في إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

يسعى الإماراتيون لأن تكون لهم كلمة بإدارة قناة السويس

وحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "جهات إماراتية رسمية تبدي اهتماماً بالغاً بالاستحواذ على إدارة الموانئ المصرية في منطقة البحر الأحمر بشكل عام".

وأضافت "إلا أنه في الفترة الأخيرة التي اشتدت فيها الأزمة الاقتصادية، والتي دفعت الحكومة المصرية للجوء إلى إجراءات قاسية من أجل توفير سيولة لازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والطاقة بشكل عاجل، طرح الإماراتيون فكرة استثمارية متعلقة بقناة السويس، تسمح بأن تكون لهم كلمة قوية في تحديد شكل إدارة الممر الملاحي الأهم في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة الاقتصادية التابعة له".

خشية إماراتية بشأن منطقة جبل علي

وأرجعت تلك المصادر اهتمام الإماراتيين بقناة السويس وإقليمها الاقتصادي لما لها من تأثير مباشر على منطقة جبل علي الإماراتية، التي تعد أهم المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط. ويوجد في منطقة جبل علي أحد أكبر الموانئ العالمية، وهو ميناء جبل علي، الذي يؤدي دوراً حيوياً في خدمة الأسواق العالمية، ويلعب دوراً محورياً في اقتصاد دولة الإمارات.

ووفقاً للمصادر "تخشى الإمارات من أي استثمارات في منطقة قناة السويس، بشكل يتعارض أو يقلل من أهمية منطقة جبل علي، بما ينعكس سلباً على اقتصادها".

وأوضحت المصادر أن "هناك مخاوف لم يخفها الإماراتيون بشأن سيطرة الصين، أو دول أخرى، على مشروعات منطقة قناة السويس وإقليمها الاقتصادي، تحت ضغط الحاجة المصرية للاستثمارات الأجنبية، وتوفير العملة الأجنبية، وإبداء بكين اهتماماً بتلك المنطقة الواعدة".

وعلى الرغم من تأكيد المصادر أنه "حتى الآن لا يوجد ترحيب مصري بالعرض الإماراتي، بل وتم رفضه في محادثات جرت بشأنه بين مسؤولين رفيعي المستوى في البلدين"، لكنها قالت إن "لا أحد يعلم ماذا يخبئ المستقبل إذا ما اشتدت الأزمة الاقتصادية، وتزايدت الديون المصرية بشكل أكبر مما هي عليه حالياً".

وفي نهاية مايو/ أيار الماضي، كشف وزير النقل المصري كامل الوزير، في تصريحات تلفزيونية، أن مصر ستؤسس شركة قابضة تضم 7 موانئ بحرية تمهيداً لطرح حصة منها في البورصة، حيث ستضم الشركة القابضة أكبر 7 موانئ مصرية، وهي موانئ الإسكندرية ودمياط وشرق وغرب بورسعيد والأدبية والسخنة وسفاجا، وهو ما أثار ردوداً رافضة من جانب مراقبين، اعتبروا تلك الخطوة بمثابة تهديد للأمن القومي المصري.

في غضون ذلك، كشفت مصادر إعلامية مصرية رسمية أن تعليمات صدرت لإدارة التلفزيون الرسمي للدولة بعدم إذاعة مواد تركز على قرار تأميم قناة السويس الذي اتخذه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، خلال ذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو/ تموز المقبل. ولم تبدِ الجهة الصادر عنها التوجيه، والمتمثلة في إحدى الجهات السيادية التي تشرف على عمل التلفزيون الرسمي للدولة، أي أسباب لتوجيهها.

من المرجح أن يستخدم النظام الحوار الوطني المفترض لتمرير فكرة بيع أصول الدولة

تمرير فكرة بيع أصول الدولة المصرية

وفي نهاية مايو/ أيار الماضي، كشف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن أن الدولة تستهدف إتاحة أصول مملوكة لها بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي لمدة 4 سنوات، من بينها شركات مملوكة للقوات المسلحة.

وبينما كشفت مصادر عسكرية مصرية عن وجود معارضة داخل القوات المسلحة لفكرة طرح أصول الدولة السيادية مثل قناة السويس والسد العالي والسكك الحديدية وغيرها، قالت مصادر مطلعة على المشاورات الخاصة بالحوار السياسي الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إبريل/ نيسان الماضي، إنه "من المرجح أن يستخدم النظام الحوار الوطني المفترض، لتمرير فكرة بيع أصول الدولة وقرارات مصيرية أخرى باعتبارها إحدى نتائج الحوار".

وقالت المصادر إن "قناة السويس والسد العالي، وغيرها من المشروعات القومية الكبرى، كانت أساساً لشرعية دولة يوليو/ تموز 1952، التي أسسها الضباط الأحرار بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، وبقيت كذلك على مدار السنين تمنح الشرعية لكل الرؤساء الذين أتوا بعد عبد الناصر من داخل الجيش أيضاً".

وأضافت المصادر أن "أي تفكير من النظام المصري الحالي في التفريط في هذه الأصول سيعد بمثابة فقدان لشرعية يوليو التي قامت على الحفاظ على الحقوق الوطنية والتاريخية للمصريين وعلى رأسها قناة السويس التي دفع المصريون دماء الآلاف من أبنائهم في حفرها".

المساهمون