وجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، لتسجيل اعتراض بلاده ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي، من دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل السد، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث عام 2015، وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق.
وقال شكري، في الخطاب، إنّ إثيوبيا ملزمة -بوصفها دولة المنبع لنهر النيل- بعدم الإضرار بحقوق دول المصب، مؤكداً سعي مصر للتوصل إلى اتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية، غير أنّ أديس بابا أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
وأشار شكري إلى تمسك القاهرة بالتوصل إلى اتفاق ملزم حول سد النهضة الإثيوبي، يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وعدم التهاون مع أي مساس بحقوقها أو أمنها المائي، أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له.
ودعا مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في هذا الشأن، بما في ذلك التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس في سبتمبر/أيلول 2021، والذي يُلزم إثيوبيا والسودان ومصر بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول السد في أقرب فرصة ممكنة.
وأوضح بيان الخارجية أنّ مصر تلقت رسالة من الجانب الإثيوبي في 26 يوليو/تموز الجاري تفيد باستمرار ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه القاهرة، وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا.
وطالبت مصر إثيوبيا بالتحلي بالمسؤولية، والامتثال إلى قواعد القانون الدولي، والمبادئ الحاكمة للمجاري المائية عابرة الدول، وفي مقدمتها تجنب الضرر ذي الشأن، وتحملها كامل المسؤولية عن أي ضرر يلحق بالمصالح المصرية، وقد ينجم عن انتهاك إثيوبيا لالتزاماتها.
وأفاد البيان بأنّ مصر تحتفظ بحقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة، باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي، إزاء أية مخاطر قد تتسبب بها مستقبلاً الإجراءات الأحادية الإثيوبية.
وفي فبراير/شباط الماضي، بدأت إثيوبيا إنتاج الكهرباء من سد النهضة، الذي تكلف بناؤه مليارات الدولارات، في حين تقترب من بدء عملية الملء الثالث للسد مع موسم الأمطار، في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبلين، علماً أنها خزنت نحو 8 مليارات متر مكعب من مياه النيل خلال العامين الماضيين، وتهدف هذا العام للوصول إلى 18.5 مليار متر مكعب.
وفي 19 يونيو/حزيران الماضي، صدر بيان صحافي مشترك لاجتماع مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ، رحب فيه الاتحاد الأوروبي بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن حول سد النهضة، بشأن التوصل لاتفاق مقبول لدى كافة الأطراف وملزم حول ملء وعملية تشغيل السد، بوصفه "أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي ومصر من أجل حماية أمن مصر المائي، ودعم السلام والاستقرار في المنطقة ككل".
وجرت آخر جلسة مفاوضات حول سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي، في إبريل/نيسان 2021، وأعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في إحداث اختراق، ما دعا مصر والسودان للتوجه إلى مجلس الأمن الذي أصدر قراراً رئاسياً شجع فيه على استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد، بغرض الوصول إلى اتفاق مُلزم خلال فترة زمنية معقولة.