قالت مصادر مطلعة في مجلس النواب المصري إن "لجنة الخطة والموازنة في المجلس تتأهب لمناقشة حزمة من التشريعات الهادفة إلى رفع الأسعار على مدار الأسبوعين المقبلين، تمهيداً لإحالتها للتصويت النهائي في الجلسات العامة للبرلمان خلال شهر رمضان، وفي مقدَّمها تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة، وقانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة".
وكشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس اللجنة النائب المعين فخري الفقي "لم يرسل لأعضائها حتى الآن مشروع قانون ربط الموازنة العامة للدولة، ومشروع اعتماد خطة التنمية الاقتصادية، عن العام المالي الجديد (2021-2022)، على الرغم من إحالة المشروعين للجنة بواسطة رئيس البرلمان حنفي جبالي يوم الأحد الماضي، في مخالفة صريحة لأحكام اللائحة المنظمة لأعمال المجلس".
لم تعلن الحكومة المصرية عن العديد من بنود الموازنة الجديدة
ولم تعلن الحكومة المصرية عن العديد من بنود الموازنة الجديدة، ومنها فوائد خدمة الدين المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في مشروع موازنة العام المالي 2021-2022، والبالغة نحو 566 مليار جنيه (نحو 36 مليار دولار) في موازنة العام المالي 2020-2021، وكذا اعتمادات دعم المواد البترولية والكهرباء والغاز الطبيعي، والمتوقع أن تشهد تراجعاً كبيراً في ضوء خطة تحرير أسعارها.
وتابعت المصادر أن "لجنة الخطة والموازنة انتهت من إعداد تقريرها النهائي بشأن تعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة، والتي تهدف إلى إخضاع الزيوت والمخبوزات والحلوى والمقرمشات والمنتجات المصنعة من الدقيق (عدا الخبز)، ومنتجات الصابون والمنظفات الصناعية للضريبة، لتطبَّق عليها نسبة 14 في المائة، بدلاً من خضوعها حالياً لضريبة الجدول بنسبة 5 في المائة، ما يُنذر بارتفاع أسعارها بنسبة لا تقل عن 9 في المائة". وتقضي التعديلات بخضوع جميع أنواع الخدمات الإعلانية، وأجهزة ووحدات التكييف وتبريد الهواء لضريبتي القيمة المضافة والجدول معاً بإجمالي 19 في المائة، وحذف نصوص بيع وتأجير الوحدات غير السكنية من بند الإعفاء الوارد في القانون، بغرض إخضاع المحال التجارية، والمنشآت الفندقية، وغيرها من الأماكن غير السكنية للضريبتين معاً.
أما مشروع قانون مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الدولة، فأوضحت المصادر أن "هناك اعتراضات واسعة من أعضاء في اللجنة بشأن مواده، ومطالبات بإرجاء مناقشته لحين الانتهاء من مشروع ربط الموازنة العامة للدولة، غير أن رئيس اللجنة متمسك بتمرير التشريع في دور الانعقاد الحالي، استجابة منه لطلب الحكومة في هذا الصدد". ويمهد القانون لخصخصة الخدمات المقدمة للمواطنين في قطاعات هامة، مثل الكهرباء، والمياه، والنقل، والصحة، والتعليم، ومن ثم رفع أسعارها بصورة تدريجية، إذ يقضي بتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات المرافق والخدمات العامة في الدولة، لا سيما في أعمال التصميم والتمويل والإنشاء والتشغيل والاستغلال والصيانة، مع إمكانية تعاقد الحكومة مع القطاع الخاص لتنفيذ أعمال بعض هذه المشروعات أو جميعها. ونص مشروع القانون على إشراك القطاع الخاص في خدمات النقل، والكهرباء، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمياه، والصرف الصحي، والصحة، والتعليم، وغيرها من قطاعات الدولة الأخرى، عن طريق إعادة تأهيل وتشغيل أو استغلال المشروع وصيانته، وأداء أي من الأعمال الواردة في العقود الموقعة مع الجهة الإدارية، سواء منفردة أو مجتمعة، شريطة أن تشتمل على بنود تمويلها وصيانتها.
وكان مصدر برلماني قد كشف اتجاه الحكومة لرفع أسعار بيع البنزين في السوق المحلية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ارتباطاً بارتفاع الأسعار العالمية للوقود، مبيناً أن الأنواع الثلاثة للبنزين ستشهد ارتفاعاً بقيمة 25 قرشاً لليتر على أدنى التقديرات. وتضمن مشروع الموازنة الجديدة للدولة زيادة كذلك في أسعار الكهرباء، بنسبة تتراوح بين 8.4 في المائة و26.3 في المائة، اعتباراً من فاتورة أول يوليو/تموز المقبل.
كما كشفت مصادر برلمانية، لـ"العربي الجديد"، أن "مجلس النواب يدرس إرجاء مناقشة مشروعي قانوني التعليم الجديد والأحوال الشخصية "الأسرة" إلى دور الانعقاد السنوي المقبل، واللذين تقدمت بهما الحكومة للمجلس بشكل رسمي، ويواجهان رفضاً واسعاً من الرأي العام"، مشيرة إلى أن نواباً طالبوا رئيس البرلمان حنفي جبالي بـ"عدم مناقشة التشريعين من دون إجراء جلسات حوار مجتمعي موسعة حول موادهما".
وقالت المصادر إن "إحالة مشروع قانون التعليم إلى مجلس الشيوخ استهدفت أخذ رأي الغرفة الثانية للبرلمان في مواده، من دون أن يكون هذا الرأي ملزماً"، مستطردة بأن "أغلب أعضاء لجنة التعليم في مجلس الشيوخ اعترضوا على مواد القانون، ما يعزز من اتجاه مجلس النواب لتأجيل مناقشاته، إلى حين الاستماع إلى آراء المختصين بشأنه". ويقضي مشروع قانون التعليم الجديد بتطبيق نظام الدرجات التراكمية، وعودة التحسين في شهادة الثانوية العامة مقابل خمسة آلاف جنيه للمادة الواحدة، في مخالفة لأحكام الدستور المصري الذي نص على أن "التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية، وتكفل الدولة مجانيته".
يدرس مجلس النواب إرجاء مناقشة مشروعي قانوني التعليم الجديد والأحوال الشخصية
وأضافت المصادر نفسها أن جبالي استجاب أيضاً لطلب مقدم من لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة في مجلس النواب بخصوص إرجاء مناقشات مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي صدرت تعليمات من أجهزة الأمن لوسائل الإعلام الموالية للنظام بـ"حظر الحديث عنه"، في أعقاب حذف مسودته من المواقع الإلكترونية، لما أثاره من رفض واسع لدى منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة. ووفقاً للمصادر، فقد شملت التعليمات عدم مناقشة اللجنة المشتركة المُشكلة من لجنتي الشؤون التشريعية والتضامن الاجتماعي في مجلس النواب لقانون الأحوال الشخصية، انتظاراً لدراسة الحكومة اقتراحاً بسحبه، وتقديم مشروع آخر بدلاً منه بعد إدخال بعض التعديلات عليه، في ظل الاعتراضات العديدة على مواده من قبل عضوات في "المجلس القومي للمرأة".
ووافق مجلس الوزراء في مصر على مشروع قانون الأسرة الجديد في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، من دون الاكتراث بالملاحظات التي أبدتها جهات عديدة على بعض مواده، وما أثارته من مخاوف حول تنظيم النواحي الإجرائية والموضوعية المرتبطة بمراحل الزواج، مروراً بالطلاق والخلع، وصولاً إلى حق رؤية الأطفال والنفقة. ووقعت 49 منظمة نسوية وتنموية مصرية، وأكثر من 100 شخصية عامة، على بيان مشترك رفعت فيه مطالبها بما أطلقت عليه "ضرورات خمس مدنية لقانون الأحوال الشخصية"، الذي يتحكم في مصير نحو 5.6 ملايين امرأة، و15 مليون طفل. وشدد البيان على "ضرورة بناء توافق معلن يجمع أطيافاً واسعة من المعنيين والمعنيات بشأن الأسرة المصرية، سواء كانوا متخصصين أو فاعلين بمنظمات المجتمع المدني، أو من المواطنين نساء ورجالاً". والمبادئ الخمسة تتلخص في "الاستناد إلى الدستور المصري ومبادئ حقوق الإنسان، وإقرار الشخصية القانونية والأهلية الكاملة للمرأة المصرية، والاستناد إلى مفهوم المواطنة في دلالاته من حقوق وواجبات متساوية بين الجنسين في الأسرة أمام القانون، بما يفيد ولاية النساء على أنفسهن وأطفالهن".