مصر: إعادة ترويج للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

08 ديسمبر 2022
الترويج للاستراتيجية جاء قبل لقاء بايدن والسيسي (سول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

قبل أيام من استضافة الرئيس الأميركي جو بايدن قادة من جميع أنحاء القارة الأفريقية في العاصمة واشنطن، في الفترة بين 13 و15 ديسمبر/كانون الأول الحالي، لحضور قمة الولايات المتحدة وأفريقيا، التي سيحضرها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حرصت السلطات المصرية على إحياء الحديث عن "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي سبق أن أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عام، والترويج لها عشية لقاء السيسي وبايدن، وذلك في إطار محاولات تحسين صورة النظام المصري الخارجية.

وفي سياق إحياء الحديث عن استراتيجية حقوق الإنسان، عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، الأحد الماضي، حلقة نقاشية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الأحزاب السياسية"، وجهت خلالها رئيسة المجلس السفيرة مشيرة خطاب الشكر للدولة، تحت قيادة السيسي، على "جهودها ودورها من أجل القيام بدوره في نشر وحماية وتعزيز حقوق الإنسان". 

حقوقي مصري: السلطة تستخدم ملف حقوق الإنسان في مناسبات بعينها

وقال أحد أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي تحفظ على ذكر اسمه، إنه "على الرغم من مرور أكثر من عام على إطلاق "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، والتي أعلن عنها السيسي في 11 سبتمبر/أيلول 2021، إلا أن الحلقة التي عقدها المجلس، الأحد الماضي، ما زالت تناقش قضايا عامة، مثل أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الأحزاب السياسية من خلال الاستراتيجية، دون النظر إلى القضايا الملحة في هذا الملف الذي يتدهور يوماً بعد يوم".

السلطة تستخدم حقوق الإنسان في مناسبات بعينها

وأضاف الحقوقي المصري أنه "أصبح من الواضح أن السلطة تستخدم ملف حقوق الإنسان في مناسبات بعينها، إذ إنها تروج له، وتقيم له المؤتمرات والمناقشات، عندما تحتاج إلى صورة معينة لها في الخارج، أما غير ذلك فيتم نسيان الملف تماماً". 

وفي سياق إعادة الحديث مرة أخرى عن استراتيجية حقوق الإنسان، أصدر رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية، بياناً الإثنين الماضي، بعد مشاركته في اجتماع المجلس القومي لحقوق الإنسان مع ممثلين عن أحزاب سياسية، جاء فيه أن "جميع المهتمين والمتابعين للشأن العام، سواء داخل مصر أو خارجها، يتساءل عن اللجنة المعنية بتنفيذ ما ورد بمحاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الأربعة، وهي: اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، والتي تشرف عليها وزارة الخارجية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2396 بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 2018، والخاص بتشكيلها واختصاصاتها، وما تم إنجازه على مستوى التشريعات اللازمة والملحة، والخطوات التنفيذية فيما يخص نشر ثقافة حقوق الإنسان ورفع الوعي، والحفاظ على كرامة وحريات المواطن المصري". 

وأضاف السادات في بيانه أن هناك "أسئلة مطلوب الإجابة عنها بمناسبة مرور العام الأول على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: هل تم إعداد خطة عمل للتنفيذ؟ وما هي الصعوبات التي واجهت اللجنة الدائمة عند التطبيق الفعلي، حتى يمكن عمل مراجعة وإعداد خطة لسرعة التحرك بشكل إيجابي". 

كما تساءل: "هل حققنا التكامل بين الإطار التنموي والإطار الحقوقي كما تهدف الاستراتيجية، وما هو حجم التقدم المحرز في تنفيذ بنود الاستراتيجية؟ وهل قمنا بعمل تقييم ذاتي لما حققناه كي نقف على أوجه الخلل والقصور، وما هو حجم مساهمات الأطراف الأخرى المعنية برصد ومتابعة ما تحقق على أرض الواقع؟". 

وتابع السادات: "في النهاية الجميع يبني آمالاً كبيرة على إحداث تغيير في مفاهيم ومعان كثيرة وردت في الاستراتيجية، ولا نريد أن نفقد الأمل، بل نبني على ما تحقق، حتى لو كان قليلاً".

تعليمات بعقد ندوات في المحافظات

وفي سياق ذلك، علمت "العربي الجديد" أن تعليمات صدرت من مسؤولين في "أجهزة سيادية" إلى ما تسمى بـ"تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، بالتركيز على عقد ندوات ولقاءات بالمحافظات تدور حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان". 

كما صدرت تعليمات من المسؤولين بالشركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" إلى رؤساء تحرير المواقع والصحف والقنوات التابعة للشركة، بالتركيز على نشر أخبار الأنشطة الخاصة بالترويج للاستراتيجية.

وشارك نائبان من "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، هما محمد عبد العزيز عضو مجلس النواب عن التنسيقية، ومحمد السباعي عضو مجلس الشيوخ عن التنسيقية، في "لقاء حواري" حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، والذي نظمته مديرية الشباب والرياضة بمحافظة الشرقية، الإثنين الماضي.

وأكد الحضور، في بيان، "حرص الدولة المصرية على إعلاء حقوق الإنسان ضمن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كمكون محوري في مشروعها التنموي الشامل، بالتناغم مع استراتيجية التنمية المستدامة "مصر 2030"، في ضوء توجيهات السيسي، بالعمل على توفير حياة كريمة للمواطن المصري في مختلف المجالات".

كما عقدت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، برئاسة النائب طارق رضوان، والسفير خالد البقلي مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان ورئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، اجتماعاً الأحد الماضي، لمناقشة تنفيذ المحاور الرئيسية التي نصت عليها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتنفيذ مصر لالتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

الاستراتيجية تنكر الواقع 

وكان مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" قد أصدر تحليلاً موجزاً للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بعيد إطلاقها في 11 سبتمبر 2021، خلص فيه إلى أن الاستراتيجية "تنكر الواقع الكارثي لأزمة حقوق الإنسان في مصر، وتهدف إلى إيهام المجتمع الدولي والدول المانحة بأن هناك عملية إصلاح سياسي تجري في مصر، ومن ثم تكريس هذا الواقع المأساوي وتحصينه من الانتقاد الدولي". 


صدرت تعليمات بالتركيز على نشر أخبار الأنشطة الخاصة بالترويج للاستراتيجية

وفي تقرير لها نهاية سبتمبر الماضي، قالت منظمة العفو الدولية، إن السلطات المصرية لم تُبدِ نية صادقة للاعتراف بأزمة حقوق الإنسان المتجذّرة التي تشهدها البلاد، أو حتى معالجتها، وذلك على الرغم من إطلاقها للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان منذ عام واحد. وبدلاً من ذلك، تُواصِل تضييق الخناق على الحريات وارتكاب الجرائم المشمولة في القانون الدولي.

وقدمت المنظمة، في تقرير بعنوان "انفصال عن الواقع: الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر تتستَّر على أزمة حقوق الإنسان"، تحليلاً مُفصَّلاً للاستراتيجية في ضوء أوضاع حقوق الإنسان على أرض الواقع، مبينة "كيف تستغلها السلطات باعتبارها أداة دعائية لتُخفي قمعها الذي يزداد استفحالاً" ضد أي شكل من أشكال المُعارضة.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية، إن إطلاق السيسي لاستراتيجية حقوق الإنسان قبل أكثر من عام، جاء بناء على نصائح مسؤولين غربيين، ضمن محاولات لتحسين صورة النظام المصري الخارجية، بالإضافة إلى إجراءات أخرى مثل الدعوة لحوار وطني. 

وأشارت إلى أن النصيحة تكررت أخيراً من شركات للعلاقات العامة يتعامل معها النظام المصري، مؤداها أنه سيكون من المفيد إعادة الترويج للاستراتيجية، ضمن إجراءات أخرى يمكن أن تحسن صورة النظام لدى دوائر أميركية.