مسؤول إيراني يكشف لـ"العربي الجديد" حصول "شبه اتفاق" خلال مفاوضات فيينا حول المسائل النووية

01 فبراير 2022
رحيمي جهان أبادي يبدي تفاؤلاً حذراً (تويتر)
+ الخط -

كشف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، جليل رحيمي جهان أبادي، اليوم الثلاثاء، في مقابلة مع "العربي الجديد" عن بعض تفاصيل مفاوضات فيينا والعقبات التي تواجهها، مشيراً إلى حصول "اتفاق تقريبا" حول المسائل النووية خلال مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، مؤكدا أن الخلافات بشأن رفع العقوبات "مستمرة".

وأضاف رحيمي جهان أبادي أن المفاوضات "تمضي إلى الأمام في مسار مقبول"، مشيرا إلى أنها "تجري ببطء لكن بأمل وآفاق إيجابية"، متوقعا أن تخوض إيران مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة إذا ما حصل اتفاق كامل حول المسائل النووية ودخلت المفاوضات عمليا مرحلة رفع العقوبات بعد ذلك. لكنه استدرك بالقول "لا حاجة" لهذه المفاوضات راهنا.

وأوضح البرلماني الإيراني أن "ملف رفع العقوبات بحاجة إلى المزيد من التفاوض"، قائلا إن الإدارة الأميركية "تريد إخراج جزء كبير من العقوبات من طاولة التفاوض باعتبارها عقوبات غير نووية ولا ترغب بإحداث أي تغيير في هذه العقوبات لكن إيران ترفض ذلك ولن تقبل به".

وتوقع المسؤول الإيراني أن "يحصل اتفاق قبل حلول عيد النوروز (راس السنة الإيرانية في 21 مارس) بشأن البعد التقني والنووي، ثم تبدأ المفاوضات بشأن رفع العقوبات بمشاركة الأميركيين". وأضاف أن الاتفاق على رفع العقوبات قد يؤجل إلى ما بعد النوروز.

أجزاء المفاوضات

ولفت رحيمي جهان أبادي إلى أن مفاوضات فيينا "تجري في قسمين، الأول رفع العقوبات والثاني القضايا النووية"، موضحا أن "لكل من الطرفين مطالب حول القسمين"، مع إشارته إلى أن هناك مطالب نووية "بشأن عدد أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم واحتياطيات اليورانيوم المخصب والرقابة (على البرنامج النووي) والتعاون في إطار البروتوكول الإضافي" الذي علقته إيران خلال مارس/ آذار الماضي في سياق خفض تعهداتها النووية ردا على استمرار العقوبات الأميركية.

وأضاف النائب الإيراني عن محافظة خراسان الرضوية أن "العقوبات أيضا لها قصة منفصلة تشمل العقوبات على الشخصيات الاعتبارية والحقيقية والكيانات والشركات"، مشيرا إلى خلافات بين إيران والولايات المتحدة بشأن طبيعة هذه العقوبات إذا كانت نووية أو غير نووية، مع تأكيده أن ملف رفع العقوبات "معقد وبحاجة إلى المزيد من التفاوض".

وانتقد رحيمي جهان أبادي سياسة الولايات المتحدة تجاه رفع العقوبات خلال المفاوضات النووية في فيينا، قائلا إنها تريد الاحتفاظ بجزء كبير من العقوبات بذريعة أنها غير نووية.

كما أشار إلى "طرح الأميركيين مواضيع أخرى لا علاقة لها بالمفاوضات النووية، مثل البرنامج الصاروخي والقضايا الإقليمية وقضايا حقوق الإنسان"، مشددا على أن "طرح هذه المواضيع سيؤدي إلى تعقيد المفاوضات أكثر وإفشالها"، فضلا عن تأكيده على أن "الجمهورية الإسلامية لن تقبل بالتفاوض حول هذه الموضوعات".

وأكد أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تسويق فكرة في الداخل الأميركي وهي أن "المفاوضات الجارية تتجاوز الاتفاق النووي وأنها أشمل من هذا الاتفاق"، قائلا إن واشنطن "لن تحصل على أكثر من الاتفاق النووي وإيران اليوم ليست إيران أيام إبرام الاتفاق وقدراتها في تخصيب اليورانيوم وإنتاج أجهزة الطرد المركزي أعلى من تلك الفترة".

ضمانات

وعن ملف الضمانات التي تطالب بها إيران كشرط للتوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي، أشار إلى أن هناك ضمانات، أبرزها ضمانات تجارية وقانونية وسياسية.

وأضاف أن الخلافات بشأن هذا الملف مستمرة، لافتا إلى أن "إحدى العُقد المهمة" خلال المفاوضات والتي لم يتم فكها حتى الآن تعود إلى الضمانات فضلا عن آلية التحقق من رفع العقوبات والتسلسل في تنفيذ الالتزامات.

وأكد أن ما طرحته الإدارة الأميركية بشأن الضمانات "لا يجلب ثقة إيران"، مشيرا إلى أنها "غير مستعدة" لتقديم ضمانات كافية، مع حديثه عن أن بلاده تطالب أيضا إلى جانب ضمانات قانونية وسياسية تطالب بها لاستمرار التزام واشنطن بالاتفاق وعدم انسحابه منها لاحقا "بضمان نشاط الشركات (الأجنبية في إيران) على المدى البعيد للاستثمار وكذلك تحديد الحدين الأقصى والأدنى للاستثمار".

كما تطالب إيران الولايات المتحدة بتقديم ضمانات بشأن "الدوران المالي وعودة عوائد الصادرات وبيع النفط إلى داخل إيران على أساس آلية التحقق من رفع العقوبات"، مضيفا أن واشنطن "غير مستعدة" لتلبية مطالب إيران بشأن الضمانات وآلية التحقق.

وفي السياق، أكد أن "إيران عندما تتعهد بتنفيذ التزامات نووية حول أجهزة الطرد المركزي من الجيل المتطور أو خفض احتياطات اليورانيوم المخصب أو خفض نسبة التخصيب أو الرقابة، فذلك كله يطيح عمليا الكثير من الحقوق والقدرات الإيرانية، لكن الأميركيين ليسوا مستعدين لتقديم ضمانات لعدم الانسحاب من الاتفاق أو حول الدوران المالي (لعمليات إيران التجارية الخارجية)".

وأشار رحيمي جهان أبادي إلى أن الإدارة الأميركية تتذرع بالخلافات الداخلية وعدم إمكانية تقديم ضمانات على ضوء هذه الخلافات، قائلا إن "طرف المفاوضات هو الحكومة الأميركية وإذا ما أحالتنا إلى خلافاتها الداخلية فلن يستقيم أي تعهد في العلاقات الدولية".

وشدد المسؤول الإيراني على أن بلاده "لن تتنازل عن حقوقها النووية ولسنا مستعجلين ولن نرضخ للمطالب الغربية".

التفاوض المباشر

وبشأن إمكانية موافقة إيران على خوض مفاوضات مباشرة مع الإدارة الأميركية، قال رحيمي جهان آبادي: "لا حاجة في الوقت الراهن لهذه المفاوضات المباشرة حينما يتعلق الأمر بالمباحثات بشأن المسائل النووية"، لكنه توقع خوض بلاده مفاوضات مباشرة "عندما تدخل المفاوضات مرحلة رفع العقوبات لأن معظم هذه العقوبات فرضها الأميركيون وإذا كانت هناك ضرورة فحينئذ يمكن أن ندخل في مفاوضات مباشرة معهم".

وشدد رحيمي جهان آبادي على أن "إيران اليوم في الموقف الأقوى في الشرق الأوسط والعالم وليس في موقف الضعف أمام أميركا ولذلك يمكنها خوض مباحثات معها، لكن كما قلت فإنه عندما نصل إلى نتيجة في المباحثات التقنية بشأن الأنشطة النووية وندخل مسألة رفع العقوبات فحينئذ يمكن أن يلتحق الأميركيون بالمفاوضات".

اتفاق مؤقت

وبشأن تقارير وتصريحات حول طرح فكرة اتفاق مؤقت خلال مفاوضات فيينا، قال العضو البارز بلجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية إن بلاده "لا تسعى إلى اتفاق مؤقت".

وأكد أن "هذا الاتفاق سيطيح الكثير من الفرص التقنية والاقتصادية لإيران في مسألة تخصيب اليورانيوم وغيرها"، مشيرا إلى أنه "ليس منطقيا أن نبرم اتفاقا مؤقتا ثم بعد 6 أشهر تعود أميركا إلى المربع الأول وتعلن الشركات الغربية أنها شركات خاصة لا تتبع التعليمات من الحكومات ولا تستثمر. فهذا غير مقبول بالنسبة لنا لذلك الاتفاق المؤقت ليس لصالحنا ونرفضه".

وبخصوص ما إذا كان الاتفاق المؤقت سيبقى خيارا مطروحا إذا فشلت المفاوضات في التوصل إلى اتفاق كامل، قال رحيمي جهان أبادي إنه "في حال فشلت المفاوضات فنحن لن نخسر شيئا. نحن تحملنا جميع العقوبات الأميركية".

وأضاف: "إذا فشلت المفاوضات فحينئذ سيفقد الطرف الغربي فرصة التفاوض والحوار حول الملف النووي إلى الأبد، لكن وضعنا لن يسوء أكثر مما هو عليه اليوم".