مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات في تونس يشدد على استقلالية هيئة الانتخابات

26 ابريل 2022
احتجاجات ضد سعيد في تونس، في 10 إبريل الحالي (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -

أصدر مرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية" في تونس، بياناً بشأن المرسوم عدد 22 المتعلّق بتنقيح قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي قرره الرئيس قيس سعيّد.

وذكر المرصد في بيانه، اليوم الثلاثاء، أنه بعد "متابعته للقرارات والتدابير الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية منذ 25 يوليو/تموز 2021، التي شملت حلّ مجلس نواب الشعب وإعفاء الحكومة وإلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وإغلاق هيئة مكافحة الفساد وحلّ المجلس الأعلى للقضاء، يُعاين تواصل الانحراف الفاحش في تطبيق مقتضيات الفصل 80 من دستور 27 يناير/كانون الثاني 2014، من خلال إصدار رئيس الجمهورية للمرسوم عدد 22 لسنة 2022، المتعلّق بتنقيح قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامه، باعتبار أن حالة الاستثناء لا تبرّر المساس من الوضع الدستوري للهيئة العليا المستقلة للانتخابات".

التمسّك باستقلال الهيئة العليا

وشدّد المرصد على "تمسكه بمقومات استقلال الهيئة وفقاً للدستور والمعايير الدولية، وما يفرضه قانونها الأساسي لسنة 2012 والقانون المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة من ضرورة أن تكون هيئة الانتخابات هيئة مستقلة ومنتخبة ودائمة".

وحذّر من "خطورة المقتضيات الواردة بالمرسوم عدد 22 لسنة 2022 والذي يكرس في الواقع هيئة انتخابات صورية ويمثّل تهديداً خطيراً لموجبات الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة، وذلك من خلال غياب البعد التشاركي في عملية إصدار المرسوم المذكور، فلم تُستشر الهيئة القائمة ولم يتم إشراك جمعيات المجتمع المدني والمنظمات المهتمة بالشأن الانتخابي لإبداء آرائها في الخصوص، وهو ما يُعدّ مخالفة صريحة لمقتضيات توطئة الدستور التي أوجبت أن يكون التأسيس لنظام جمهوري ديمقراطي تشاركي".

وأكد البيان أن هناك "سوء تقدير في توقيت إدخال تغيير جذري ومهم على تركيبة هيئة الانتخابات، والحال أنه يفصلنا عن موعد إجراء الاستفتاء أقل من ثلاثة أشهر، بما من شأنه أن يؤثّر سلباً على حسن استعداد الهيئة الجديدة ويؤول إلى الفشل في إدارة عملية الاستفتاء".

يكرس المرسوم 22 في الواقع هيئة انتخابات صورية

 

وأشار البيان إلى "احتكار رئيس الجمهورية وحده سلطة تعيين كلّ أعضاء هيئة الانتخابات، و3 قضاة من الهيئات المستقلة السابقة للانتخابات السابقة، ويعيّن 3 قضاة من بين 9 مرشحين يقدّمهم المجلس الأعلى للقضاء الجديد، المعيّن بدوره من رئيس الجمهورية، أما العضو السابع فهو مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، يعيّنه رئيس الجمهورية من بين ثلاثة مهندسين مختصين يتم اقتراحهم من قبل رئيس المركز الوطني للإعلام، المعيّن بدوره من قبل رئيس الجمهورية".

وشدّد بيان المرصد على "تعارض مقتضيات المرسوم مع متطلبات التدابير الاستثنائية، فقد اقتضى المرسوم أن تكون فترة ولاية كل عضو من أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أربع سنوات غير قابلة للتجديد، بما يعني أن الهيئة ليست وقتية للإشراف على استفتاء يوليو 2022 والانتخابات التشريعية في ديسمبر/كانون الأول 2022 المندرجة ضمن فترة التدابير الاستثنائية، وإنّما سيستمر عملها حتى بعد رفع حالة الاستثناء لتشرف على الانتخابات البلدية لسنة 2023 والانتخابات الرئاسية لسنة 2024".

ونبّه المرصد إلى أن "مقتضيات هذا المرسوم لا توفّر الضمانات الدنيا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حتى تؤمّن انتخابات واستفتاءات ديمقراطية وحرّة وتعددية ونزيهة وشفافة، وحتى تضمن المعاملة المتساوية بين جميع الناخبين وجميع المرشحين وجميع المتدخلين خلال العمليات الانتخابية والاستفتائية".

حذّر المعهد العربي من "خطورة هذه الخطوة الرئاسية على أي عملية انتخابية"

 

وعبّر عن "تخوفه من العودة إلى عهد الانتخابات المزوّرة وكثرة التشكيك في نزاهة الهيئة الجديدة المعيّنة من رئيس الجمهورية، وبالتالي عدم الاعتراف بالنتائج التي تعلنها، وهو ما يشكّل تهديداً جدياً وخطيراً لمبدأ التداول السلمي على الحكم".

واعتبر المرصد أن "حلّ الأزمة يمرّ عبر الاحتكام إلى الشرعية الدستورية والمنظومة القانونية القائمة على مبدأ الشرعية وباحترام كامل الضمانات التي يقتضيها النظام الديمقراطي، والتفريق بين سلطة الدولة والتداول السلمي للسلطة، عبر آلية الانتخابات ومن احترام استقلال الهيئات والمجالس المنتخبة".

ودعا كل السلطات في الدولة ومختلف الأطراف السياسية إلى "المشاركة في حوار وطني لإنقاذ الدولة التونسية من الأزمة المستفحلة التي تشهدها على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وما أفرزته من انسداد الآفاق، وذلك ضماناً لمبادئ الجمهورية ومدنية الدولة وسيادة مؤسساتها، ودفاعاً عن مكتسبات الثورة التونسية وعن الحريات العامة والفردية وحماية للمسار الديمقراطي".

"المعهد العربي للديمقراطية" يشجب المرسوم 22

بدوره، أصدر "المعهد العربي للديمقراطية" بياناً جاء فيه أنه "يضمّ صوته إلى كافة الأطراف المدنية والسياسية التي شجبت صدور المرسوم الرئاسي، لما ينطوي عليه من ضرب لمصداقية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومساس عميق بالمناخ الانتخابي، الذي كان يُعدّ أهم مؤشرات نجاح الانتقال الديمقراطي وأبرز ضمانات استمراره".

وحذّر المعهد من "خطورة هذه الخطوة الرئاسية على أي عملية انتخابية مقبلة قد تشهدها البلاد، وستكون نتائجها مشكّكاً فيها وغير مقبولة من قبل غالبية الأطراف المعنية بها داخلياً وخارجياً، وهو ما ستترتب آثار وخيمة على مصالح البلاد العليا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

ودعا المعهد، الرئيس قيس سعيد، إلى "التراجع الفوري عن هذه الخطوة المرفوضة والعودة إلى الحوار الوطني كآلية رئيسية لترتيب التوافقات الضرورية حول الإصلاحات المطلوبة، بما في ذلك الإصلاحات ذات الطابع السياسي، خصوصاً تلك التي لها صلة جوهرية بمستقبل الانتقال الديمقراطي من قبيل إدارة العملية الانتخابية والقانون الانتخابي".

المساهمون