مذكرات نتنياهو: دليل "بيبي" للزعماء الشعبويين

29 أكتوبر 2022
"بيبي: قصتي" عنوان مذكرات نتنياهو (غلاف الكتاب/ تويتر)
+ الخط -

"بيبي: قصتي"، عنوان مذكرات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والتي صدرت أخيراً ووصفتها مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية الأسبوعية بأنها أقرب لأن تكون "دليلاً للشعبويين الناجحين".

ويحاول نتنياهو في "بيبي" إقناع العالم بأنه يجب على إسرائيل أن تواصل حملة لا هوادة فيها ضد البرنامج النووي الإيراني وأن موقفه لن يتزعزع في أي تسوية مع الفلسطينيين. ولا يتردد نتنياهو بالتعبير صراحة أنه إذا فشل الإسرائيليون في إعادته إلى السلطة في الانتخابات المقبلة (يوم الثلاثاء المقبل) فإنهم يرتكبون خطأً فادحاً "لأنه الرجل الوحيد الذي يمكنه إنجاز المهمة"، بحسب المجلة البريطانية.

وتقول "ذي إيكونوميست" إن نتنياهو نموذج معبّر عن السياسي الشعبوي القومي المعاصر، إذ كان دائماً يعارض ما يسميه "نظرية المركزية الفلسطينية"، إذ يرى غربيون أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين هي القضية الرئيسية في الشرق الأوسط  منذ عام 1974. ويزعم نتنياهو في مذكراته أنه السياسي الذي استطاع إبعاد الشأن الفلسطيني عن المسرح الدولي وعن الساحة الداخلية في إسرائيل، إذ يقول إن الموضوع بالكاد بات يذكر في سياق الانتخابات الإسرائيلية.  

وتستعرض المجلة ما تصفه بـ"قواعد نتنياهو الخمس"، التي تشكّل دليلاً إرشادياً للقادة الشعبوبيين: القاعدة الأولى تتمثل بأن "التهديدات الوجودية لبلدك لا تنتهي"، وأكبر مثال على ذلك ادعاءات نتنياهو المتكررة بأن أي تنازل يقدم إلى الفلسطينيين فإنه يمثل تهديداً وجودياً على إسرائيل. القاعدة الثانية هي أنه لا يجب على أي زعيم، حتى لو كان في دولة صغيرة، أن يخاف من مواجهة رئيس الولايات المتحدة. يسمي نتنياهو هذه القاعدة بـ"نظرية الضغط الشعبي" كوسيلة للتأثير على سياسات البيت الأبيض.

تقول المجلة البريطانية الأسبوعية إن "بيبي يفتخر كيف أنه استخدم كل الوسائل الممكنة مثل: الظهور الإعلامي، والضغط على الكونغرس، والتقرب من القساوسة الإنجيليين، للضغط على الرؤساء، لا سيما بيل كلينتون وباراك أوباما، اللذين اختلفا مع نتنياهو بما يخص الشأنين الفلسطيني والإيراني". 

وبحسب "ذي إيكونوميست"، فإن القاعدة الثالثة من دليل نتنياهو للقادة الشعبوبيين هي تبني أحدث الأساليب السياسية للحملات الانتخابية. "بيبي" كان من أوائل السياسيين غير الأميركيين الذين استوردوا أساليب منظمي الحملات الانتخابية الاستراتيجيين من الحزب الجمهوري، إذ استعان عام 1996 بآرثر فينكلشتاين، الذي عمل سابقاً على استطلاعات رأي للعثور على موضوعات تثير مخاوف وكراهية الناخبين، إذ يُنسب إليه الفضل في جعل كلمة "ليبرالية" كلمة مكروهة في أميركا من ناخبي الحزب الجمهوري خصوصاً. لذلك ركز نتنياهو في حملاته على موضوع الهوية اليهودية واتهم منافسيه بالتآمر لـ"تقسيم القدس". 

ويحاول نتنياهو في القاعدة الرابعة أن يُظهر نفسه "كقائد للمحرومين في مواجهة النخبة السياسية المسيطرة المتخيلة". وتقول "ذي إيكونوميست" إن "نتنياهو نسي أنه ظل رئيساً للوزراء لمدة 15 عاماً، وبالتالي فإن الطبقة التي ينتمي إليها ليست بعيدة عن النخبة الحاكمة التي ينتقدها". 

أما القاعدة الخامسة في مذكرات "بيبي" فهي التركيز على أهمية القوة. ويتحدث نتنياهو في مذكراته أنه أجرى "محادثة مؤلمة" مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، بسبب رفض الأخير توجيه ضربة عسكرية لإيران، ويقول إن "القوة الناعمة جيدة، لكن القوة الصلبة أفضل".  

وتشير "ذي إيكونوميست" إلى أنه على الرغم من كون نتنياهو خطيباً فعالاً، إلا أن عدم قدرته على تحمل النقد قد ألقى بظلاله على حكمه. فقد حاول على مر السنين إخضاع الصحافة في إسرائيل. وقد عرّضته تلك المحاولات، أخيراً، إلى المحاكمة بتهم الفساد، بما في ذلك التعامل غير القانوني مع أباطرة الإعلام المحليين. 

وتنتقد "ذي إيكونوميست" تناقضات نتنياهو في مذكراته، إذ يقول: "لطالما كنت مؤمناً قوياً بالديمقراطية الليبرالية". لكن رغم ذلك، قام خلال كتابه بتسمية قادته المفضلين: سيلفيو برلسكوني، وجايير بولسونارو، وشي جين بينغ، وناريندرا مودي، وحسني مبارك، وفيكتور أوربان، ودونالد ترامب، وفلاديمير بوتين.

وتتساءل المجلة: "لماذا لم يسأل نتنياهو نفسه عن سبب عزله في نهاية المطاف من منصبه في يونيو/حزيران 2021 من قبل تحالف متنوع بقيادة نفتالي بينت، رئيس أركانه السابق؟".