مداهمة مارآلاغو تحكم الخناق على ترامب: تحقيق المستندات هو الأخطر

10 اغسطس 2022
قال ترامب إن منزله تعرض للحصار والاحتلال (سكوت أولسون/Getty)
+ الخط -

في تصعيد غير مسبوق من قبل القضاء الأميركي ووكالات إنفاذ القانون على حدّ سواء تجاه الرئيس السابق دونالد ترامب، دهم عملاء من مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) منزل الأخير الخاص في ولاية فلوريدا، أول من أمس الإثنين، في إطار تحقيق مفتوح منذ أشهر، حول نقل ترامب سجلات رئاسية رسمية من البيت الأبيض إلى منتجعه في مارآلاغو في الولاية.

ويتوالى هذا التحقيق فصولاً، في موازاة التحقيق الآخر الذي تجريه لجنة خاصة في مجلس النواب الأميركي حول أحداث اقتحام مقر الكونغرس من قبل أنصار ترامب في 6 يناير/كانون الثاني 2021، لمنع المصادقة على فوز جو بايدن في الرئاسة. كما تجري وزارة العدل تحقيقاً بتدخل ترامب لقلب نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020، لصالحه، بعد خسارته أمام بايدن، وكذلك تفعل ولاية جورجيا، التي فتحت تحقيقاً بتدخل ترامب في عمليات فرز الأصوات. وفيما تتسارع التطورات القضائية الخاصة بانتخابات 2020، يتواصل أيضاً التحقيق بممارسات ترامب التجارية في نيويورك في قضيتين منفصلتين، واحدة مدنية والأخرى جنائية.

ويعدّ تحقيق السجلات الرسمية ومحاولة إخفائها، الأخطر الذي يلاحق ترامب، فيما يسعى الأخير وحلفاؤه إلى وضعه في خانة الحرب المفتوحة مع الديمقراطيين، لمنعه من الترشح للرئاسة مجدداً. 

وصف ترامب المداهمة بأنها اضطهاد سياسي واستخدام العدالة كسلاح

وتأتي المداهمة، فيما كانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى إمكانية أن يعلن الرئيس الجمهوري السابق، عزمه على الترشح مرة أخرى لرئاسة أميركا، قريباً جداً، ما من شأنه أن يزيد الضغط عليه، في وقت يبحث محاموه مع المدعين العامين في وزارة العدل ملف التحقيق بالتدخل في الانتخابات، بحسب ما كانت شبكة "سي أن أن" قد كشفت قبل أيام. 

ويبدو الرئيس السابق في سباق مع الوقت لإعلان ترشحه أو التراجع عنه، علماً أن الانتخابات النصفية للكونغرس والمقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قد تشكل اختباراً أولياً لمدى صمود شعبيته وسط الجمهوريين، مع مؤشرات تدل على إمكانية تغلب الحزب المحافظ على الديمقراطيين في الخريف. 

مداهمة مقر إقامة ترامب

وأعلن الرئيس الأميركي السابق أول من أمس، أن عناصر من مكتب "أف بي آي" دهموا مقر إقامته في منتجع مارآلاغو بفلوريدا، في ما وصفه بأنه "اضطهاد سياسي". وكتب ترامب في بيان نشره على منصة التواصل الاجتماعي "تروث" (الحقيقة) التي يملكها: "إنها أوقات عصيبة تمر بها أمتنا حيث يخضع منزلي الجميل في بالم بيتش بولاية فلوريدا حالياً للحصار والمداهمة والاحتلال من قبل مجموعة كبيرة من عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي".

وأضاف الرئيس الأميركي السابق، الذي كان في ولاية نيويورك خلال المداهمة: "إنه سوء سلوك من جانب الادعاء العام، واستخدام لنظام العدالة كسلاح، وهجوم يشنه الديمقراطيون من اليسار المتطرف الذين يحاولون بشكل يائس منعي من الترشح للرئاسة في عام 2024"، مشدداً على أنه عرضة "لاضطهاد سياسي". ومضى يقول "اعتداء كهذا لا يحصل سوى في بلدان العالم الثالث المستضعفة. وللأسف تحولت الولايات المتحدة إلى بلد من هذه البلدان"، مضيفاً "لقد اقتحموا خزنتي حتى".

ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي تأكيد حصول عملية التفتيش أو الغاية منها، كما أن ترامب لم يعط أي إشارة عن سبب مداهمة منزله. لكنه لفت إلى أنه "بعد العمل والتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة، لم تكن هذه المداهمة المفاجئة لمنزلي ضرورية أو مناسبة". وأقرّ ابن ترامب، إريك، لاحقاً لشبكة "فوكس" الإخبارية، بأن التفتيش يتعلق بصناديق وثائق أحضرها الرئيس السابق معه من البيت الأبيض، وأن والده يتعاون مع السجلات الوطنية في هذا الشأن منذ شهور.

وزارة العدل قد تكون لديها أسباب للاعتقاد بأن جرماً ما قد ارتكب، وأن الدليل موجود في مقر ترامب

ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن مصادر مطلعة على الملف، قولها إن عملية التفتيش تمّت بإذن من المحكمة وهي متعلقة بسوء تعامل محتمل مع مستندات سرّية تم نقلها إلى مارآلاغو. وأظهرت صور جوية لمنتجع ترامب، سيارات شرطة أمام مقر إقامة الرئيس السابق.

واحتشد مناصرون لترامب أمام منزله، رافعين لافتات تحمل اسمه وأعلاماً أميركية عليها صورته. كما لجأ بعض المسؤولين الجمهوريين إلى وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد عملية المداهمة، متهمين وزارة العدل بتجاوز صلاحياتها.

وأكد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن ماكارثي، أنه سيدعو لاستجواب وزارة العدل إذا ما فاز الجمهوريون بالانتخابات النصفية للكونغرس، في الخريف، واستعادوا السيطرة على مجلس الشيوخ أو النواب، أو الاثنين معاً.

ولا يستطيع مكتب "أف بي آي" إصدار مذكرة بحث من دون موافقة قاض فيدرالي. ويعني ذلك، أن وزارة العدل، المنخرطة في تحقيقات عدة حول ترامب وحلفائه، ومنهم مستشاروه وشخصيات عيّنها في الإدارة خلال فترة رئاسته، لديها أسباب للاعتقاد بأن جرماً ما قد ارتكب، وأن الدليل موجود في مقر ترامب في مارآلاغو. ورفضت المتحدثة باسم الوزارة دينا إيفرسون التعليق على المداهمة، أو ما إذا كان وزير العدل ميريك غارلاند قد أمر بها شخصياً.

اختفاء وثائق من البيت الأبيض

كانت هيئة المحفوظات الوطنية الأميركية قد كشفت في فبراير/شباط الماضي، أنها استردت 15 صندوقاً من الوثائق من مقر ترامب في فلوريدا، تضمنت بحسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" حينها، مستندات سرّية للغاية حملها ترامب معه عند مغادرته واشنطن بعد خسارته الانتخابات.

وكان من المفترض أن يسلم الرئيس السابق في نهاية ولايته الوثائق والمدونات التي في حوزته، والتي تضمنت أيضاً مراسلات خاصة بالرئيس الأسبق باراك أوباما، ولكنه بدلاً من ذلك نقلها إلى مارآلاغو. وأثار استرداد الصناديق تساؤلات حول التزام ترامب قوانين السجلات الرئاسية التي تمّ وضعها بعد فضيحة "ووترغيت" في السبعينيات، ويُطلب بموجبها من الرؤساء الاحتفاظ بالسجلات المتعلقة بعملهم.

وطلبت هيئة المحفوظات الوطنية حينها أن تفتح وزارة العدل تحقيقاً في ممارسات ترامب، وهو ما فعلته الوزارة في إبريل/نيسان الماضي. وأعلنت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي في ذلك الوقت أنها ستوسع نطاق التحقيق في تصرفات ترامب وطلبت من إدارة المحفوظات تسليم معلومات إضافية.

من جهته، أكد ترامب في وقت سابق أنه وافق على إعادة بعض السجلات إلى إدارة المحفوظات، واصفاً إياها بأنها "عملية عادية وروتينية". ولمّح ابنه، أول من أمس، في حديث لشبكة "فوكس"، إلى "ضيق الوقت" الذي كان متاحاً أمام الرئيس السابق وعائلته في يوم تنصيب بايدن في 20 يناير 2021، لمغادرة البيت الأبيض، ما يعني أنه حمل مستندات معه عن طريق الخطأ.

ووفقاً لكتاب سيصدر قريباً لمراسلة صحيفة "نيويورك تايمز"، ماغي هابرمان، فقد كان موظفو البيت الأبيض يكتشفون بانتظام أكواماً من الورق تسد المراحيض، ما دفعهم للاعتقاد بأن ترامب كان يحاول التخلص من وثائق معينة.

وسلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" أول من أمس، الضوء على قيام ترامب بالاستيلاء بشكل غير قانوني على ملفات حكومية عندما غادر البيت الأبيض، مثيرة احتمال أن يؤدي ذلك إلى حرمانه من العودة إلى البيت الأبيض في المستقبل. ولفتت إلى أن التقارير حول مداهمة مقر إقامة ترامب، أثارت الانتباه إلى قانون جنائي يحظر إزالة السجلات الرسمية، مشيرة إلى أن عقوبات انتهاك هذا القانون تشمل سحب الأهلية لشغل أي منصب فيدرالي.

وأوضحت الصحيفة أنه وفقاً لهذا القانون، فإنه في حال تمّت إدانة ترامب، فإنه يمكن تغريمه أو الحكم عليه بالسجن لغاية 3 سنوات. بالإضافة إلى ذلك، ينصّ القانون على أنه إذا كان هذا الشخص المدان يعمل حالياً في منصب فيدرالي، فإنه يفقده، ويجب أيضاً استبعاده من تولي أي منصب في الولايات المتحدة.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)

 

المساهمون