مخاوف وتكهنات بشأن مستقبل عفرين تحت إدارة الجولاني

19 أكتوبر 2022
مخاوف من أن تكون سيطرة الهيئة ذريعة لروسيا والنظام لقصف عفرين (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -

يتخوف المدنيون في عفرين اليوم من عودة القصف الجوي والصاروخي من روسيا والنظام السوري على المدينة، بعد خضوعها لـ"هيئة تحرير الشام" في الوقت الحالي، مع بوادر بأن سيطرة الهيئة عليها ستكون أمراً واقعاً في الأيام المقبلة، خصوصاً في ظل الحديث عن اتفاق ينص على منح الهيئة إدارة المدينة أمنياً وخدماتياً.

وأكدت مصادر مطلعة من "الجيش الوطني السوري" أن الهيئة سحبت جزءاً من قواتها من عفرين، وهي القوات المقاتلة، وأبقت على القوات الأمنية والشرطة العسكرية، وأرسلت شخصيات لإدارة المدينة من الناحية الخدماتية والأمنية. وفي حال استقرت المدينة تحت سيطرة الهيئة، ستكون لذلك تداعيات عدة.

ويقول القيادي السابق في الجيش السوري الحر العقيد عبد الجبار العكيدي، إن الهيئة لم تنسحب من عفرين بشكل كامل، ويضيف لـ"العربي الجديد" أن مصير المناطق التي سيطرت عليها الهيئة غير معروف حتى الآن، مشيراً إلى احتمالية وجود "غضب تركي" من الهيئة.

وأوضح أن هذه المنطقة جرى "تحريرها بدماء شهداء من الجيش الوطني والجيش التركي، ولا يمكن التخلي عنها"، مستدركاً: "لكن من الصعب أن يتخلى قائد الهيئة أبو محمد الجولاني عن مشروعه بسهولة، إذ إن هدفه هو السيطرة على المنطقة الممتدة من تلال الكبينة في اللاذقية إلى مدينة جرابلس في شمال شرقي حلب".

وأضاف أن الجولاني قد يخرج من عفرين بطريقة شكلية فقط، لكن فعلياً سيكون مسيطراً من خلال مظلة بعض "الفصائل في الجيش الوطني السوري" المتحالفة مع الهيئة، من خلال إلباسها لباس الشرطة العسكرية، مشيراً إلى أن "المشهد معقد في الوقت الحالي وضبابي، ومن المؤكد أن هناك تغييراً في خريطة السيطرة، وسيكون هناك تغيير ضمن الحكومتين المؤقتة والإنقاذ وبقية التشكيلات، وهناك شيء جديد غير واضح المعالم بعد، ولكن المؤكد أن الجولاني لن يخرج من المنطقة بسهولة".

يذكر أن الجولاني دخل مناطق "الجيش الوطني" بتواطؤ بعض فصائل الجيش، بدعوى اتفاق دفاع مشترك بينهم، وقام بإخراج قواته العسكرية منها، مقابل اتفاق على أن تشرف الهيئة على إدارة عفرين مدنياً. ولا يزال عناصر أمنيون من الهيئة ضمن حواجز "الجيش الوطني" في المدينة، ما يعني بالتالي أن حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة ستكون مشرفة على عمل الحكومة المؤقتة التي يتبع لها "الجيش الوطني".

ذريعة للروس

ومن أبرز المخاوف التي تراود السكان، بحسب مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، هو أن تكون سيطرة الهيئة ذريعة لروسيا والنظام لقصف عفرين ومحيطها، على غرار القصف المتكرر على مناطق سيطرة الهيئة في جبل الزاوية وإدلب وريف اللاذقية وريف حلب الشمالي الغربي.

وعلى الرغم من وجود فلتان أمني في ظل سيطرة فصائل "الجيش الوطني" على عفرين، ووقوع الكثير من التفجيرات والانتهاكات وعمليات الاغتيال والتصفية، إلا أن الخوف الأكبر هو من عمليات القصف العشوائية التي يشتهر بها النظام وحليفته روسيا. وذلك يجعل المواطن بين نارين، وفق ما يؤكده سكان من عفرين لـ"العربي الجديد" يطلبون عدم ذكر أسمائهم الكاملة لدواعٍ أمنية.

ويقول محمد، النازح إلى مدينة عفرين، إن المدينة تشهد هدوءًا، وهو لم يرَ حتى الآن أي تدخل في حياة المدنيين أو انتهاك من قبل المسيطرين على المدينة، مضيفاً: "لا ندري ماذا سيحدث لاحقاً، المدينة لا تشهد الآن حركة واضحة في الأسواق، وهناك تخوف وترقب من السكان".

من جانبه، يقول عضو مكتب العلاقات العامة في "الفيلق الثالث" التابع لـ"الجيش الوطني" هشام اسكيف، إن الهيئة لم تنسحب من عفرين، وتحاول المراوغة، وهناك من يساعدها بشكل واضح، مؤكداً أن المطلوب اليوم هو خروج الهيئة، نافياً وجود اتفاق معها أو شروط لمشاركتها ودخولها عفرين.

وأضاف: "عفرين مدينة حررها الجيش الوطني والحليف التركي بينما كانوا يخوّنوننا على منابرهم، ويقولون إننا حالفنا الجيش العلماني الكافر، والآن قلبهم على عفرين، هكذا هم يحررون المحرر فقط".

ولفت إلى أن "الخطورة تكمن في أن الهيئة مصنفة إرهابية بقرار دولي وليس فقط بقرار أميركي، وهذا أولاً يضر بالثورة عامة، ويعطي الذريعة للجميع، وخصوصاً الروس، لقصف هذه المنطقة الآمنة إلى حد كبير"، مضيفاً: "كنا نعطي الغطاء في وجودنا في إدلب والريف الغربي لحلب لكي نسحب ذريعة الروس أن إدلب تحت سيطرتهم، ولكن يبدو أنهم فهموا ذلك بشكل خاطئ".

ويذكر أن "هيئة تحرير الشام" دخلت عفرين بعد شنها هجوماً على فصائل "الفيلق الثالث" في "الجيش الوطني"، إثر اشتباكات بين الفيلق وفصيل "فرقة الحمزة" على خلفية اكتشاف خلية تابعة للأخير قامت باغتيال الناشط الإعلامي "أبو غنوم" في مدينة الباب شمالي حلب.