مخاوف من التصعيد بعد إطلاق الأمن الفلسطيني النار على كتيبة طولكرم

31 مارس 2024
عناصر من الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية (عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد التوتر في طولكرم بعد إصابة عنصر من "كتيبة طولكرم" برصاص الأمن الفلسطيني، مما أثار مخاوف من تصعيد الأوضاع بعد كمين نصبه الأمن للكتيبة.
- "سرايا القدس - طولكرم" أعلنت العصيان المدني وإغلاق مداخل مخيم نور شمس، مع تحميل حركة فتح والأجهزة الأمنية المسؤولية، مشيرة إلى تجاهل مبادئ التحرر الوطني.
- تشهد المنطقة توترًا متزايدًا مع تحديات كبيرة في تحقيق الأمن والاستقرار، حيث تعمل ثلاث كتائب مسلحة بشكل مشترك وتواجه ملاحقة من الأمن الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي.

حذّر مسؤولون ومصادر محلية في حديث لـ"العربي الجديد" من تصعيد الأوضاع في مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، إثر إصابة أحد عناصر "كتيبة طولكرم" التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، بجروح خطيرة برصاص الأمن الفلسطيني، أمس السبت، وتدهور حالته الصحية.

وقال قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنهم يعتقدون أن مخبرين لدى السلطة الفلسطينية لاحقوا عناصر الكتيبة بعد رصد تحركاتهم ونصبوا كميناً لهم وسط طولكرم، وقام الأمن الفلسطيني بمحاصرة عناصر الكتيبة وإطلاق النار بالهواء، في محاولة لإجبارهم على تسليم أنفسهم، لكن عناصر الكتيبة رفضوا الاستسلام وغادروا المكان بحماية المواطنين في مركبتهم التي تعرضت لإطلاق نار.

وأضاف القيادي أن عناصر الكتيبة حافظوا على "مبدئهم في حقن الدماء وعدم الاصطدام مع عناصر الأجهزة الأمنية الذين يسعون لذلك، رغم أن عناصر الكتيبة اضطروا في لحظة معينة إلى إطلاق النار في الهواء، رداً على استهدافهم"، واستمرت الملاحقة إلى حين وصول العناصر إلى داخل مخيم نور شمس حيث تحصّنوا هناك. 

ولفت القيادي إلى أن حالة المصاب، معتصم العارف، حرجة وقد تؤدي الإصابة إلى وفاته في أي لحظة "وهذا ما دفع الكتيبة إلى الاستعداد لكل الخطط والسيناريوهات المتوقعة في حال تفاقمت حالة المصاب، وما قد يتبعها من تصاعد المواجهة، لذا وضعوا خطة للتعامل مع اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيم بعد أي خبر يخصّ المصاب".

واعتبر القيادي أن "حركة فتح تتحمّل المسؤولية كما الأجهزة الأمنية"، وأضاف "لم نعد نجد أحداً في حركة فتح لنتفاهم معه، ومن هو محافظ على مبدأ التحرر الوطني يُهمّش أو يُلاحق أو يُطارد من قبل الأجهزة الأمنية كما نُلاحق، ولا يوجد نواة داخل حركة فتح لنتكئ عليها. عليهم أن يعيدوا حساباتهم في هذه المرحلة المفصلية وألا يستمروا في نهج التنسيق الأمني مع الاحتلال".

عصيان مدني في طولكرم

وأعلنت كتيبة "سرايا القدس - طولكرم"، فجر اليوم الأحد، العصيان المدني وإغلاق جميع مداخل مخيم نور شمس في طولكرم عبر السواتر الترابية والعبوات الناسفة، وهذه سابقة من نوعها، على خلفية ما جرى أمس.

وكان قائد كتيبة سرايا القدس في مخيم نور شمس، الملقب بـ"أبو شجاع"، موجوداً في المركبة التي لاحقها الأمن الفلسطيني وأطلق عليها النار. ويعتبر "أبو شجاع" من أبرز المقاومين المطلوبين لدى الاحتلال الإسرائيلي.

كما أن "أبو شجاع" مطارد منذ نحو عام ونصف من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي حاولت اعتقاله مراراً، علماً أن شقيقه محمود جابر استشهد في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كما قُصف منزل عائلته في 21 مارس/ آذار الجاري خلال حصار الاحتلال الإسرائيلي للمخيم. 

وفي أعقاب الحادثة أُطلقت صفّارات الإنذار داخل مخيم نور شمس، وأعلنت الكتيبة الاستنفار عبر مكبّرات الصوت واستمرت الاشتباكات نحو ساعة ونصف. 

وأظهرت مقاطع مصورة، نُشرت عبر وسائل التواصل، محاولة عناصر الأجهزة الأمنية اعتقال عناصر من كتيبة طولكرم، من بينهم "أبو شجاع"، ومصادرة سلاحه، إلا أنه تمكّن من الفرار بعد اشتباك مسلح، أصيب على إثره بشظايا، فيما أصيب الشاب معتصم العارف؛ أحد أفراد الكتيبة، إصابة وصفت بالبليغة، بحسب بيان صادر عن "سرايا القدس - طولكرم". 

بدوره، قال أحد مقاتلي كتيبة مخيم طولكرم في حديث مع "العربي الجديد"، موجّهاً رسالة إلى الأجهزة الأمنية "إن كنت لا تعمل معنا في الميدان، اتركنا نواجه خصمنا. نتمنى من الأجهزة الأمنية أن يصوبوا بوصلتهم وألّا يطاردونا وألّا ينصبوا لنا الحواجز الليلية (...) لدينا خطة لاستهداف جميع المستوطنات المحاذية لطولكرم، ونحن على استعداد لاستهداف الاحتلال عبر أكثر من موقع ومحور حال حيّدت الأجهزة الأمنية نفسها عن الساحة".

وتابع المقاتل "نحن نقاتل مع الجميع في خندق واحد من كل الفصائل بشكلٍ أخوي وموحد، وعلى تنسيق مشترك مع كتائب مخيم نور شمس، وأحياناً يكون بيننا عناصر من الأجهزة الأمنية وهم مستهدفون كما نحن مستهدفون، لأن الاحتلال لا يميز بين توجه أو فصيل، بل يستهدف كل ما هو فلسطيني". 

إغلاق مداخل مخيم نور شمس

ومنذ مساء أمس السبت، أُغلقت المداخل الرئيسية للمخيم، لاسيما في الجهة الشرقية والشمالية حتى إشعارٍ آخر، وفق نائب رئيس اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس، يوسف زنديق، الذي يرى أن ما جرى من إغلاقات تضر بالمصلحة العامة للناس وتعرقل حركتهم ودخولهم من وإلى المخيم، محذّراً من وجود جهات "لم يسمّها" تعمل على نشر الفوضى والفتنة بين أبناء الشعب في طولكرم. 

وأشار زنديق إلى صعوبة إجراء حوار مع الشبّان في المخيم "نظراً لعدم وجود عنوان محدد للتواصل معهم (...) بالإَضافة إلى وجود جهود من الأجهزة الأمنية لاحتواء الحدث قدر الإمكان، رغم أن الأصل أن يتم التواصل مع الأجهزة الأمنية لا أن تبادر هي بالتواصل لأنها الجهة السيادية الرسمية في المحافظة". 

وتواصل "العربي الجديد" مع محافظ طولكرم، مصطفى طقاطقة، الذي تحفّظ على إبداء تفاصيل عمّا جرى وعن التطورات في المخيم، قائلاً "حتى الآن الأمور في دائرة الاحتواء، ولا أريد التصريح بشيء، ونتمنى تجاوز الأزمة الحالية". 

وتتشكل حالة المقاومة في مخيم طولكرم من ثلاث كتائب تعمل بشكل مشترك في الميدان هي: شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح التي حظرها الرئيس محمود عباس عام 2007، وسرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس. لكنها في ذات الوقت تواجه قيوداً في عملها وملاحقة من قبل عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بالإضافة إلى أن معظم عناصرهم مطاردون من قبل الاحتلال الإسرائيلي. 

وتعرض مخيم نور شمس منذ مطلع العام الجاري لهجمات عديدة من قبل قوات الاحتلال، تخللها تجريف للبنية التحتية وقصف للمنازل واستهداف للمدنيين، في سياق ملاحقة ومطاردة الاحتلال لعناصر الكتائب المسلحة.

المساهمون