تبدي إسرائيل قلقاً متزايداً من طابع الاتفاق الذي يمكن أن تسفر عنه المفاوضات النووية مع إيران، التي ستُستأنَف في فيينا في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، إن إسرائيل تخشى أن يتوصل الإيرانيون وممثلو القوى العظمى إلى اتفاق جزئي وفترة صلاحية أقصر من المدة التي حددها الاتفاق النووي الأصلي الذي وُقِّع في عام 2015.
وأشارت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأحد، إلى أن هناك خلافاً كبيراً بين إسرائيل والولايات المتحدة حول "الإصرار الأميركي على التوصل إلى اتفاق بكل ثمن".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن تل أبيب تخشى أن يشمل الاتفاق الجديد رفع العقوبات الغربية عن إيران مقابل التزام طهران وقف تخصيب اليورانيوم.
وحسب هؤلاء المسؤولين، فإن اتفاقاً بهذه الصيغة يعني عدم تفكيك البنى التحتية المتطورة التي تستخدمها إيران في تخصيب اليورانيوم والامتناع عن مصادرة 25 كيلوغراماً من اليوارنيوم المخصب، فضلاً عن تجاهل الاتفاق المتوقع مسألة التمركز الإيراني في المنطقة.
وأشار المسؤولون إلى أن الرسائل التي نقلتها واشنطن أخيراً إلى تل أبيب تدل على نيتها التوصل إلى اتفاق محدود مع إيران، لأن هذه الرسائل شددت على أنه "يجب أولاً العمل على وقف عملية تخصيب اليورانيوم، فهذا أكثر الأمور إلحاحاً".
وأوضح المسؤولون أن إسرائيل تنوي الاحتجاج رمزياً على الموقف الأميركي، حيث إن رئيس الوزراء نفتالي بينت، قرر الامتناع عن لقاء المبعوث الأميركي لإيران روبرت مالي الذي سيزور تل أبيب هذا الأسبوع "خشية أن يُفسَّر ذلك كمباركة إسرائيلية لبدء مفاوضات فيينا".
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان الاتهامات التي توجهها إسرائيل إلى مالي بأنه "يقود التوجهات التصالحية" مع إيران في إدارة جو بايدن، مشيرة إلى أنه صرح أخيراً بأن "النافذة الدبلوماسية تجاه إيران لن تغلق أبداً".
وأكدت الصحيفة أن الأوساط السياسية في تل أبيب ترى أنه لو تعلق الأمر بالولايات المتحدة، لكان قد جرى التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران منذ وقت طويل، على اعتبار أن "طهران هي الطرف الذي يفرض شروطاً عرقلت حتى الآن حدوث مثل هذا التطور".
وحسب الصحيفة، سيجتمع مالي بممثلين عن "مجلس الأمن القومي" ووزارة الخارجية وممثلي الأجهزة الاستخبارية، دون أن يلتقيه بينت أو أي وزير في حكومته.
من ناحيته، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يادلين، إن كل الخيارات المتاحة أمام إسرائيل في أعقاب استئناف مفاوضات فيينا "سيئة".
وفي تحليل نشره موقع قناة 12 الإسرائيلية، لاحظ يادلين أن "إيران تعود للمفاوضات مع القوى العظمى من منطلق القوة، ولا سيما في ظل ارتفاع أسعار النفط وتمكنها من تجاوز العقوبات عبر تصدير نفطها إلى الصين".
ويحاجج يادلين بأنه حتى المحافظون في طهران يؤيدون العودة إلى المفاوضات والتوصل إلى اتفاق نووي، لأن هذا يمهد لتحول إيران إلى دولة على حافة قدرات نووية، مشيراً إلى أنه في ظل تواصل المفاوضات، فإن إيران بإمكانها أن تتمتع بحصانة من العقوبات، وفي الوقت ذاته تواصل التقدم في برنامجها الذري.
وخلص إلى أن واقع البرنامج النووي الإيراني يدل على فشل السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في مواجهته إلى جانب التداعيات السلبية لقرار إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي، على اعتبار أنه منح طهران المبرر لمواصلة تطوير برنامجها الذري.
ويرى يادلين أن العودة إلى الاتفاق الأصلي دون تعديله سيحوله إلى اتفاق أكثر خطورة مما كان عليه في عام 2015، على اعتبار أن إيران راكمت منذ ذلك الوقت الكثير من المعرفة في المجال التقني النووي، بحيث بات بإمكانها حالياً إنتاج سلاح نووي في غضون أشهر.
ودعا الجنرال الإسرائيلي حكومة بينت إلى تكثيف التنسيق مع الولايات المتحدة رغم الخلاف معها والاستعداد في الوقت ذاته لبلورة استراتيجية شاملة لمواجهة المشروع النووي الإيراني ومنع طهران من حيازة القدرة على إنتاج سلاح ذري، وهي تمثل دعوة إلى إعداد خيار عسكري مناسب.