بعد أكثر من سبع سنوات ونصف السنة على الاعتداءات الصادمة التي استهدفت مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة ومتجراً يهودياً، تبدأ محكمة الاستئناف النظر في محاكمة داعمين مفترضين لمنفذ هذه الهجمات اليوم الإثنين في باريس.
في 7 و8 و9 يناير/كانون الثاني 2015، زرع الأخوان شريف وسعيد كواشي وأميدي كوليبالي الرعب، وسببوا صدمة في فرنسا والخارج، من خلال الرموز التي استهدفوها، وهي حرية التعبير وقوات الأمن والجالية اليهودية، وقُتل في هذه الهجمات 17 شخصاً، وانتهت هجماتهم القاتلة والمنسقة بمقتلهم في هجوم مزدوج للشرطة.
وبعد سنتين على محاكمة أولى، تعاد محاكمة شخصين من أوساط أميدي كوليبالي حتى 21 أكتوبر/تشرين الأول أمام محكمة الجنايات الخاصة، التي ستحدّد مدى مسؤولية كلّ واحد منهما في الإعداد للاعتداءات.
وكان الفرنسي التركي علي رضا بولات البالغ 37 عاماً، والذي وجهت إليه التهم الكبرى ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، اعتمد لهجة هجومية في المحاكمة الأولى. وقد حكم عليه القضاة بالسجن ثلاثين عاماً بعد إدانته بتهمة التواطؤ في الجرائم التي ارتكبها الشقيقان كواشي وكوليبالي.
أما المتهم الثاني عمار رمضاني، فقد حُكم عليه بالسجن 20 عاماً، بعد إدانته بتهمة تشكيل "عصابة إجرامية إرهابية". وقد استأنف الرجلان، اللذان ينفيان أن تكون لهما أي علاقة بالاعتداءات، الحكم، وكذلك فعلت النيابة العامة.
نقاط غموض
وخلال الاستئناف، ينوي فريق الدفاع عن علي رضا بولات الطلب من المحكمة دراسة وثائق أهملها المحققون. ولم تسمح التحقيقات الضخمة والمرافعات في المحكمة الابتدائية بتوضيح كل النقاط الغامضة التي أحاطت بالهجمات، من الجهات المزودة بالسلاح إلى المخططين للاعتداءات التي ارتُكبت باسم تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب من جانب الأخوين كواشي، وتنظيم داعش بالنسبة لكوليبالي.
ويُشتبه في أن يكون علي رضا بولات (37 عاماً) نظم خصوصاً عملية البحث عن الأسلحة لتزويد أميدي كوليبالي بها، وهو يتحدر مثله من غريني في ضواحي باريس، وشارك في جميع مراحل التحضير للهجمات، وهو ما ينفيه جملة وتفصيلاً.
ويأمل محامياه الجديدان، معاد نفاتي ورشيد مديد، أن "تكون هذه المحاكمة فرصة أخيرة لتصحيح أخطاء سلسلة قضائية تجاوزها حجم هذه الاعتداءات، والعودة إلى المنطق في الدور الذي لعبه بولات، وهو مجرم عادي حُمّل خطأ مسؤولية دور لم يضطلع به على الإطلاق".
ويُتّهم عمار رمضاني بتوفير أسلحة إلى أميدي كوليبالي الذي عرفه في السجن، وبأنه ساهم في تمويل الاعتداءات، الأمر الذي ينفيه.
وطُلب من 80 شاهداً تقريباً الإدلاء بإفادتهم. وبين هؤلاء غالبية الرجال التسعة الذين حكم عليهم بالسجن مدة تتراوح بين أربع سنوات و18 سنة في ختام محاكمة أولى جرت في خريف العام 2020. ولم يستأنف أي منهم الحكم الصادر في حقه.
وسيدلي أقارب الضحايا والناجون من الهجمات بإفادتهم اعتبارا من الخميس، ليرووا رعب هذه الجرائم التي ذهب ضحيتها الجزء الأكبر من محرري مجلة شارلي إيبدو، فضلاً عن شرطية بلدية وزبائن وعاملين في المتجر اليهودي.
وقد ادعى نحو 300 شخص بالحق المدني.
وقال محامي الصحيفة الساخرة ريشار مالكا: "هناك محاكمة ثانية. إنها صعبة بالنسبة لنا ومؤلمة، لكن على الأقل يجب أن تكون مفيدة وذات منفعة".
من جهته أعلن ايلي كورشيا، أحد محامي العديد من أقارب الضحايا: "سنعيد معاداة السامية إلى قلب المحاكمة، ونستعيد ذكرى ضحايا المتجر اليهودي".
وكانت هجمات يناير 2015 بمثابة بداية لسلسلة اعتداءات جهادية مع تلك التي وقعت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، وانتهت المحاكمة في إطارها في يونيو/حزيران، إضافة الى هجوم نيس (جنوب شرق فرنسا)، الذي بدأت جلسات المحاكمة في قضيته في مقر قصر العدل في باريس.
(فرانس برس)