محطات فضحت ضعف المؤهلات القيادية لبينت

08 يوليو 2021
الوزراء لا يأبهون لبينت ولا يضعونه في صورة بعض القرارات المهمة (Getty)
+ الخط -

لم يمضِ شهر على تولي نفتالي بينت رئاسة الحكومة في إسرائيل حتى تفجّر الكثير من الأسئلة حول مدى أهليته لتولي هذا المنصب، بعدما تحقق الكثير من التوقعات التي شكّكت مسبقاً في قدرته على قيادة الائتلاف الحاكم، الذي يضم أحزاباً متباينة أيديولوجياً لم يوحدها إلا الرغبة في التخلص من حكم سلفه بنيامين نتنياهو.

ونظراً لأنه يقود حزباً صغيراً (يمينا)، ممثلاً في الكنيست بستة مقاعد فقط (من أصل 120)، فإنّ الوزراء لا يأبهون لبينت ولا يضعونه في صورة بعض القرارات المهمة، فقد اتخذ وزير المالية أفيغدور ليبرمان قراراً بتقليص الدعم المقدّم لطلاب المدارس الدينية التابعة للتيار الحريدي من دون الرجوع إلى رئيس الحكومة، ووضعه في صورة القرار الذي يمكن أن يفضي إلى ردود فعل حريدية غاضبة جداً.

وقد أبلغ ممثلو الأحزاب الحريدية قناة "كان" الرسمية، الليلة الماضية، بأنهم عندما توجهوا إلى ديوان بينت طالبين تقديم توضيحات بشأن قرار ليبرمان، فوجئوا بأنه لم يكن على اطلاع به. وإن كان ليبرمان قد أقدم على تقليص المخصصات المالية لأتباع التيار الحريدي من دون العودة إلى بينت، فيمكن الافتراض أنّ قرارات كثيرة يتخذها الوزراء من دون العودة إليه أيضاً.

وقد أثار ضعف مؤهلات القيادة لبينت وعجزه عن إدارة الائتلاف، حفيظة أطراف داخل الحكومة نفسها. فقد ذكرت قناة التلفزة "13" أنّ أوساطاً في الائتلاف الحاكم حمّلت بينت شخصياً المسؤولية عن الفشل الذريع الذي منيت به الحكومة في التصويت على مشروع "قانون المواطنة" (مشروع منع لمّ شمل العائلات الفلسطينية) أمام الكنيست، لأنه دفع بالقانون من دون أن يكون واثقاً بقدرته على تمريره، مما تسبب في حرج كبير لكل من حركة "ميريتس" و"القائمة العربية الموحدة" بقيادة منصور عباس.

أثار ضعف مؤهلات القيادة لبينت وعجزه عن إدارة الائتلاف، حفيظة أطراف داخل الحكومة نفسها

وما ينطبق على "قانون المواطنة" ينطبق على التسوية التي تم التوصل إليها بشأن المستوطنة التي دشنها المستوطنون اليهود على جبل صبيح جنوبي نابلس، والتي لم يكن لبينت أي دور في بلورتها؛ إذ تولت وزيرة الداخلية أيليت شاكيد ووزير الأمن بني غانتس مهمة التواصل مع المستوطنين والتفاهم معهم.

وبعد إنجاز التسوية، تبيّن أنّ كل طرف في حكومة بينت يفسرها بطريقته الخاصة، ففي الوقت الذي قالت شاكيد إنّ التسوية تضمن تدشين مدرسة دينية عسكرية في المكان، قال وزير الخارجية يئير لبيد إنّ مثل هذه المدرسة لن تدشن في المكان؛ من دون أن يكون لبينت أي دور في حسم الخلاف بين الطرفين.

من هنا، فإنّ النائب عميحاي شيكلي، الذي انشق عن حزب بينت، لم يجانب الحقيقة عندما أبلغ صحيفة "يسرائيل هيوم" بأنّ بينت "لا يملك في الواقع أي تأثير حقيقي وملزم على الأحزاب والحركات التي تشكل الائتلاف".

وقد فطنت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى رصد بعض المظاهر التي تدل على أن بينت نفسه يشعر بأنّ منصب رئيس الوزراء أكبر من قدرته. فقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" كاريكاتيراً يظهر فيه بينت كطفل في مدرسة ابتدائية يجلس بخشوع أمام مدرّسه بنيامين نتنياهو، ويستفسر منه ما إذا كانت مدة الدرس قد انقضت.

وإن كان بينت عاجزاً عن إملاء صلاحياته على الوزراء، فإنّ قدرته على إملاء توجيهاته على الجيش وقادة المؤسسات الاستخبارية ستكون أكثر صعوبة. فقادة الجيش والاستخبارات الذين يشعرون باهتزاز المكانة السياسية لرئيس الحكومة، سيكونون أقل استعداداً لتقبّل قراراته.

وإذا كان نتنياهو، صاحب الكاريزما والذي أمضى أطول فترة في الحكم، لم يتمكن في محطات كثيرة من إملاء موقفه على قادة الجيش، لا سيما في العامين 2010 و2012 عندما طلب من المؤسسة العسكرية إعداد خطة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فرفض قادتها تنفيذ المخطط، فإنّ فرص نجاح بينت في هذا التحدي ستكون أقل بكثير.

المساهمون